رجال أعمال: عدد المستهلكين فى مصر ضخم ويغرى المستثمر الأجنبى لضخ أمواله
عدم وجود منظومة استثمارية تشريعية واضحة من أهم العقبات التى تواجه الصناعة
مشكلات وعقبات وعوائق مستمرة، منها ما هو قديم ومعروف، ومنها ما طرأ لظروف أمنية وسياسية، مشاكل الصناعة معروفة للجميع، ويمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة، لكن المشكلة –وفق ما يرى المنتجون والصناع أنفسهم- تكمن فى تباطؤ حل تلك العقبات. وبحسب باروميتر الأعمال الذى يصدر عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، فإن أبرز العقبات القائمة يتمثل فى الروتين الحكومى والبيروقراطية، وبحسب الباروميتر الذى يقيس أداء أكثر من 400 شركة، فإن الشركات واجهت معوقات ترتبط بقوانين العمل والحصول على الأراضى والبنية التحتية لشبكة الغاز.
وقبل قرار البنك المركزى فى 3 نوفمبر الماضى عانت الصناعة أشد المعاناة نتيجة أزمات الدولار الخانقة، وأدى عدم توافر العملة الصعبة إلى توقف بعض المصانع التى لم تتمكن من تدبير احتياجاتها من الخامات، وربما لم يختلف الأمر كثيراً عقب التعويم، إذ يعتقد كثير من الصناع فى الوقت الحالى أن تذبذب سعر الصرف أدى إلى إرباك حسابات كافة العاملين فى القطاع الصناعى، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية لدى أغلب المواطنين.
«هلال»: الأراضى حجر الزاوية فى الاستثمار الصناعى.. و«جنيدى»: يجب توحيد القرارات المتعلقة بالإنتاج
أزمات الطاقة هى الأخرى تمثل عائقاً كبيراً أمام الصناعة بشكل عام، والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بشكل خاص، فعلى مدار فترات طويلة تسبب انقطاع إمدادات الغاز الطبيعى للمصانع إلى توقف العديد منها، وخاصة فى قطاع الأسمدة، وعلى الرغم من تحسن الأمر نسبياً خلال فترة الصيف من العام الماضى، إلا أن الأزمة الحالية لم تعد فى توافر الطاقة بقدر ما أصبحت تتعلق بمعادلة تسعير الطاقة.
وتتراوح أسعار الغاز الموردة للمصانع فى الوقت الحالى من 4 دولارات إلى نحو 7 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهى الأسعار التى يعتبرها المنتجون غير تنافسية وغير مشجعة على الاستثمار الصناعى، ويطالبون دوماً الحكومة بالإعلان عن خطة واستراتيجية واضحة بشأن أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة. المستثمرون فى قطاع الصناعة قالوا لـ«الوطن» إن هناك مجموعة من العقبات والمشاكل التى تواجه الصناعة فى مصر على رأسها عدم توفر الأراضى المرفقة الصناعية وعدم الانتهاء من تفعيل قانون الاستثمار الجديد حتى الآن.
وأضافوا أن الطاقة تمثل عاملاً مؤثراً بشكل كبير فى تطور ونمو القطاع الصناعى وأن عدم توفرها فى عدد من المناطق والمدن يربك المستثمرين والمصنعين بشكل مستمر.
وأعرب محرم هلال، نائب رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، عن أسفه من ندرة الأراضى الصناعية المرفقة فى مصر بالأسعار المناسبة التى تجذب المستثمر لضخ استثماراته فى مصر.
وقال «هلال» لـ«الوطن» إن غاية المستثمر سواء المحلى أو الأجنبى تدوير رأس ماله من خلال ضخ استثمارات فى الصناعة، مشيراً إلى أن حجم السوق المصرية كبير جداً، مقارنة بأسواق أخرى، حيث يصل عدد المستهلكين إلى نحو 100 مليون.
اضاف: «المستثمر الأجنبى عندما يستكشف السوق المصرية الكبيرة بمثل هذا الحجم ويبدأ فى ضخ الاستثمار، يصطدم على أرض الواقع ويواجه أزمات وعقبات ومشاكل لا تعد ولا تحصى».
وحدد «هلال» أهم العقبات التى تواجه الصناعة المصرية، يأتى على رأسها ندرة الأراضى وعدم توافرها بالعدد المناسب والأسعار المناسبة، معتبراً أن تلك القضية تمثل حجر الزاوية لجذب المستثمرين.
وتابع «هلال» أن العقبة الثانية التى تواجه المستثمر فى مصر هى عدم توفر منظومة استثمارية تشريعية واضحة وشاملة تهيئ المناخ العام للاستثمار فى مصر وتحل أزماتهم من الحكومة فى حالة نشوب نزاعات استثمارية. وحول قانون الاستثمار أكد «هلال» أن قانون الاستثمار الجديد جيد ويشير إلى اهتمام الدولة بالاستثمار بشكل عام والاستثمار الصناعى بشكل خاص، لكن يبقى حتى الآن مجرد «حبر على الورق» وفقاً لقوله، مشيراً إلى أن القانون لن يفعل إلا بعد إقراره رسمياً ثم إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد.
وفى السياق ذاته أكد محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، أن المناخ العام للاستثمار فى مصر يدعو إلى الإحباط، وأضاف «جنيدى» لـ«الوطن» أن هذا الوضع لا ينطبق على الاستثمار الصناعى فقط، ولكن يمتد للاستثمار الزراعى والسياحى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مشيراً إلى أن المشاكل والعقبات التى تواجه المستثمر قائمة ولم يتم حلها بشكل جذرى.
وأكد أن المنظومة الشاملة للاستثمار فى مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة، لافتاً إلى أن قانون الاستثمار الجديد عبارة عن صورة مشوهة من القانون 8 ضمانات وحوافز الاستثمار لسنة 1997 ولم يغير من الأمر شيئاً. وحول روشتة تنشيط القطاع الصناعى من جديد قال «جنيدى» إنه لا بد من إنشاء منظومة شاملة تضم المنظومة الاستثمارية والمنظومة التشريعية وقانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية والمنظومة الصناعية والسياحية والزراعية والمصرفية، تحت قيادة واحدة لتوحيد القرارات.
وحول دور المجلس الأعلى للاستثمار فى حل مشاكل الصناعة، أبدى «جنيدى» خشيته من تعارض دور المجلس الأعلى للاستثمار والوزارات والجهات الأخرى، موضحاً أن دور المجلس الأعلى للاستثمار هو وضع الاستراتيجيات والسياسات العليا ووضع خريطة استثمارية شاملة فقط وليس حل الأزمات.