المراهقة من "الألف" إلى "الياء".. كل ما تريد معرفته عن الجسر الفاصل بين الطفولة والنضوج
المراهقة ..الجسر الفاصل بين الطفولة والنضوج
"في بيتنا مراهق"، عبارة كثيرًا ما يرددها الأهل، وكأن الأمر أشبه بالكارثة، التي حلت عليهم، ولكن هذا الخوف والاضطراب داخل الأسرة من هذه المرحلة له أسبابه، ولعل أهمها نقص الوعي بتلك المرحلة ومتطلباتها.
فالمراهقة، هي المرحلة التي تلي مرحلة الطفولة، وخلالها ينمو الجسم بمعدلات سريعة، وتحدث تغييرات فسيولوجية، يكون لها آثارها النفسية، التي تؤثر على حياة المراهق بعد ذلك، فهو يمر بالعديد من المشاعر المختلطه فأحيانًاً نراه مسرورًا، وأحيانًاً أخرى مكتئبًا، ولأن هذه المرحلة من النمو، تكون أكثر حساسية وخطورة من جميع مراحل الطفولة السابقة.
وتقدم كلًا من دكتور "لاري جيه كوينج" في كتابه "التربية الذكية" والدكتورة "سارا تشانا" في كتاب "التربية من عام إلى عشرين"، خطوط عامة عن مرحلة المراهقة، لأن كل طفل ينمو وينضج بطريقة مختلفة، جسديًا وعقليًا واجتماعيًا:
- المراهقة المبكّرة
تمتد فترة المراهقة المبكّرة بين عمر 11 و14 سنة تقريبًا، ورغم اعتقادك أن طفلك لا يزال صغيرًا، فإنه يمر بتغييرات كبيرة ومهمة جدًا، ففي هذا العمر يتأرجح المراهق بين رغبته في أن يعامل كراشد وبين رغبته في أن يهتم به الأهل، ما يجعل الأمر صعبًا ومربكًا للوالدين، ويمكن إطلاق اسم مرحلة "حب الشباب" على هذه الفترة، ففيها يشعر المراهق بضعف الثقة في مظهره الخارجي، بسبب التغييرات التي تطرأ عليه، ويعتقد بأن الجميع يراقب مظهره، ويصعب على الأهل إقناعه بغير ذلك.
وتنعكس حاجة المراهق لمزيد من الحرية في العديد من الأمور، فيبدأ برفض جميع أفكار ومعتقدات الأهل، ويشعر بالإحراج إن وجد في مكان واحد مع أهله.
وقد يبدو أكثر عصبية وتوترًا، كما يبدأ في هذه المرحلة باكتشاف نفسه جنسيًا، وتزداد حاجته للخصوصية والانفراد بنفسه، وقد تبدو هذه المرحلة في غاية العشوائية بالنسبة للأهل، ولكن عليهم التحلي بالصبر، والإصغاء إلى احتياجات أطفالهم، ودعمهم لتطوير وتنمية شخصيتهم المستقلة والخاصة.
- المراهقة الوسطى
تمتد مرحلة المراهقة الوسطى بين عمر 15 و17 سنة تقريبًا.
أهم سمات هذه المرحلة، هو شعور المراهق بالاستقلال وفرض شخصيته الخاصة، وتزداد حاجتهم لإثبات أنفسهم، حين يصبح المراهقون أكثر تصادمًا ونزاعًا مع العائلة، فيرفضون الانصياع لأفكار وقيم وقوانين الأهل، ويصرون على فعل ما يحلو لهم.
ويجرب الكثير من المراهقين الأمور الممنوعة أو غير المحبذة عند الأهل، كالتدخين وشرب الكحول والسهر خارج المنزل لساعات متأخرة، ومصادقة الاشخاص المشبوهين، كنوع من التحدي للأهل ولفرض رأيهم الخاص.
ويصبح المراهق أكثر مجازفة ومخاطرة، ويعتمد على الأصدقاء للحصول على النصيحة والدعم بدلًا من الأهل، وعلى الأهل في هذه المرحلة إظهار تفهم شديد لأطفالهم كي لا يخسروا ثقتهم، وفي نفس الوقت عليهم أن يضعوا قوانين واضحة لتصرفاتهم وتعاملاتهم مع الآخرين ومع العائلة.
وبما أن معظم التغييرات الجسدية، قد حدثت في مرحلة المراهقة المبكرة، يصبح المراهق أقل اهتماما بمظهره الخارجي، وأكثر اهتمامًا بجاذبيته للجنس الاخر.
يستمرّ النّموّ الفكريّ للمراهق في هذه المرحلة، ويصبح أكثر قدرة على التفكير بشكل موضوعي والتخطيط للمستقبل، و يمكن للمراهق أن يضع نفسه مكان الآخر، فيصبح لديه القدرة على أن يتعاطف مع الآخرين في هذه المرحلة .
- المراهقة المتأخّرة
تمتد هذه المرحلة تقريبًا بين أعمار 18 و21 سنة وفي مجتمعنا قد تمتد لفترة أطول، نظرًا لاعتماد الأولاد على الأهل في الشؤون المادية والدراسية إلى ما بعد التخرج ومرحلة العمل أيضًا.
يستطيع معظم الشباب في هذه المرحلة، أن يعملوا بطريقة مستقلة، رغم انهماكم بقضايا تتعلق برسم معالم هويتهم وشخصيتهم، ولأنهم يشعرون بثقة أكبر تجاه قراراتهم وشخصيتهم، يعود الكثير منهم لطلب النصيحة والإرشاد من الأهل.
ويأتي هذا التغيير في التصرف مفاجأة سارة للأهل، إذ يعتقد الكثير منهم أن النزاع والصراع أمر محتم، قد لا ينتهي أبدًا.
ويتنفس الأهل الصعداء، فبالرغم من أن الأولاد اكتسبوا شخصيات مستقلة خلال مراهقتهم، تبقى قيم وتربية الأهل واضحة وظاهرة في هذه الشخصيات الجديدة، إن أحسن الأهل التصرف والتفهم لهذه المرحلة الحرجة في حياة أولادهم.