«دحروج»: التيار السلفى اخترق أوروبا وتهميش الجاليات المسلمة سبب الإرهاب
«دحروج» خلال مؤتمر مكتبة الإسكندرية
قال طارق دحروج، نائب رئيس البعثة المصرية باليونان، خلال الجلسة الثانية للمؤتمر الدولى الثالث لمكافحة التطرف، المنعقدة بمكتبة الإسكندرية أمس، إن أوروبا الغربية تضم نحو 18 مليون مسلم يتركزون بالدول الكبرى، خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وأن هناك 500 مقاتل فى صفوف تنظيم «داعش» الإرهابى من مناطق غرب أوروبا، معظمهم ينتمى للجيل الثالث من الجاليات المهاجرة، لافتاً إلى أن التهميش الذى عانت منه الجاليات المسلمة وأزمة الهوية فى أوروبا، كان سبباً رئيسياً فى انضمام تلك العناصر إلى صفوف التنظيم.
نائب البعثة الدبلوماسية بأثينا: 130 ألف مقاتل بصفوف «داعش» منهم 500 أوروبى والبلقان تنقل المتطرفين عبر تركيا.. و8 آلاف مقاتل انضموا للتنظيم من المغرب العربى
وأضاف، خلال المؤتمر، الذى تنظمه مكتبة الإسكندرية تحت عنوان: «التطرف ظاهرة عالمية.. رؤى متنوعة»، بهدف تشريح ظاهرة الإرهاب العالمى وعرض الرؤى المتنوعة للمراكز الدولية البحثية لتقييمها، أن هناك العديد من الأسباب التى أدت إلى تردى الوضع فى غرب أوروبا، من بينها الصراع بين أفراد الجاليات المهاجرة والمجتمعات التى يعيشون فيها، وعودة الأفغان العرب فى بداية التسعينات، والميليشيات التى أنشأت خلايا لها فى الغرب الأوروبى، بالإضافة لانتشار التيار السلفى، الذى خلق بوابة للعبور للقطاعات المهمشة بالمجتمعات الأوروبية.
وأوضح أن المغرب العربى مربوط بأوروبا عن طريق البوابة الفرنسية والإسبانية، ما أوجد حركية عالية فى تلك المنطقة بسبب مزدوجى الجنسية، مشيراً إلى أن هناك 8000 مقاتل منضمين لصفوف «داعش» من المغرب العربى، بينهم 6000 تونسى، و1200 مغربى، و600 ليبى، و170 من دولة الجزائر، ولفت إلى أن البلقان تلعب دوراً مزدوجاً بالنسبة لقضية المقاتلين الأجانب، حيث يوجد نحو 1700 مقاتل من البلقان فى صفوف «داعش»، كما أنها تسهم فى نقل المقاتلين عبر تركيا، وتستخدم كمحور ارتكاز للقيام بعمليات إرهابية فى أوروبا والشرق الأوسط.
وتناول «دحروج»، فى كلمته، قضية المقاتلين الأجانب فى الفضاء الأورومتوسطى، لا سيما فى مناطق أوروبا الغربية والبلقان والمغرب العربى، التى ظهرت بظهور الدولة القومية بأوروبا، حيث بدأت موجتها الأولى بالاحتلال السوفيتى لأفغانستان، وموجتها الثانية بظهور «داعش»، الذى أحدث نقلة كبيرة فيما يخص قضية المقاتلين الأجانب إثر تحولهم من مجرد مقاتلين عابرين للقارات إلى مصطلح «دولة إسلامية لها خلافة»، ما أفرز نحو 130 ألف مقاتل أجنبى فى صفوف التنظيم الإرهابى.
وتطرق إدوارد ماركيز، الباحث البريطانى فى شئون الشرق الأوسط، إلى فكر الجماعات الإرهابية التى ربطت الدين بالإرهاب والتطرف، واتخذته ذريعة للقتل وسفك الدماء، وأن ما يزيد من صعوبة مواجهة تلك الظاهرة هو عدم القدرة على مواجهة الأفكار التى يعتنقها المتطرفون فى تلك الجماعات، محذراً مما وصفه بـ«النهاية المحتومة» إذا لم تتخذ الدول وبشكل عاجل إجراءات على كافة الأصعدة لمواجهة الإرهاب، خاصة بعد فشل الحل السياسى، داعياً إلى ضرورة وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الظاهرة بشكل عالمى، بالتركيز على التعاون مع المؤسسات الدينية لتغيير الأفكار التى تتبناها تلك الجماعات.
وحول الحديث عن التعصب والتطرف، قال صفاء الدين الفلكى، الكاتب والمفكر العراقى، إن حلول تلك المعضلة تحتاج إلى جرأة وعقل طليق، نظراً لعدم قدرة الدول على علاج الظاهرة بمنطلقات تراثية ووهمية، مشيراً إلى أن المجتمعات العربية نشأت على قيم متناقضة أدت إلى صراع بين التراث والحداثة، وأن المفكرين العرب والمسلمين يجب عليهم معرفة السبب وراء ظاهرة الإرهاب التى فككت المجتمعات العربية، بالبحث فى أسباب الفهم الدينى الخاطئ الذى يغيّب حق الأجيال المعاصرة فى أن تكون لها رؤيتها للدين، خاصة بعد أن تحولت الرؤية الدينية إلى اجتهادات متناقضة بداية من أبسط الأشياء حتى صلب العقيدة.
من جهته، قال لونج دينج، الخبير والمفكر الصينى، إن قضية الإرهاب أصبحت تؤرق العالم أجمع، فلا يوجد بلد فى العالم لا يعانى من شر الإرهاب والتطرف، مشيراً إلى أن الصين عانت خلال السنوات الماضية من الإرهاب والتطرف العنيف، وأن هناك مواطنين صينيين انضموا لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، وبعضهم عاد إلى الصين بعد تلقى التدريبات لتنفيذ عمليات إرهابية هناك، وأضاف أن التطرف الدينى فكر ثورى بثياب دينى أو إسلامى، استغله المتطرفون ذريعة لتحقيق أهداف سياسية، مؤكداً أن التطرف لا ينتمى لدين أو مذهب أو طائفة بعينها، إنما ظهر لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وأن مكافحته معركة فكرية يجب أن تعيها حكومات الدول، وأن تعمل على تغيير الأفكار المغرضة التى تحاول تغيير الواقع من خلال طرق منحرفة.
ويختتم الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، فعاليات المؤتمر بكلمة، اليوم، إلى جانب طرح إشكالية المرأة والتطرف، لاستعراض ما تعرضت له المرأة من مآسٍ فى الموصل وحلب وغيرهما من المناطق التى تضم تيارات عنف، وكذلك وسائل ترهيبها فكرياً، وسيتحدث فى تلك الجلسة، أم العز الفارسى، وريهام باهى من مصر، ودانيا حويك من لبنان.