الدقهلية: بعثات إخوانية إلى قطاع غزة للتدريب على القتال.. و«المظلومية» أداة لغسل العقول
آثار تفجير مديرية أمن الدقهلية «صورة أرشيفية»
شاب هادئ الطباع دمث الخلق، نشأ فى بيئة ريفية على أطراف مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، يميزه بنيان جسده الهزيل، وقصر قامته وابتسامته الخجولة، وكان حفظه لكتاب الله سبباً فى انجذاب الشباب نحوه، وكما تبدلت جماعة الإخوان عقب الثورة من جماعة دعوية سلمية، حسب ادعاء قادتها، إلى جماعة تحمل السلاح، تحول الشاب الوديع إلى وحش قاتل يفتك بكل معارض لنهج الجماعة الإرهابية.
«عامر مسعد عبده عبدالحميد»، 32 عاماً، الملقب بقائد كتيبة الردع الإخوانية لتصفية معارضى الإخوان، الذى حصل على 3 أحكام بالإعدام وحكم بالسجن المؤبد، التحق بتنظيم الإخوان فى مدينة المنصورة، وازدادت صلته بهم خلال دراسته فى كلية التجارة بجامعة المنصورة، حيث بدأ فى تحفيظ النشء القرآن الكريم فى مساجد منطقته «جديلة»، وفتحت له الأسر أبوابها بعد أن تعرفوا عليه من خلال تردده على معظم مساجد المنطقة، وتمنى كل أب أن يكون ابنه مثل «عامر» ملتزماً بدينه يحفظ القرآن.
جاءت ثورة 25 يناير، وخرج الجهاديون من السجون، وفتحت معها الحدود بين مصر وغزة، ومن لم يتمكن من الوصول إلى غزة عبر معبر رفح سلك الأنفاق نحو قدوة الجهاد ضد إسرائيل، وقتها قرر «عامر» السفر إلى غزة بعد تعرفه على شاب فلسطينى يدعى وسام محمد محمود عويضة، 29 عاماً، ورافقهما عدد من شباب المنصورة الذين ينتمون لتنظيم الإخوان للتدريب على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكانت تلك الرحلة إبان حكم المجلس العسكرى لمصر وقبل وصول الإخوان للسلطة.
«عمارة»: المحظورة أرسلت عناصرها إلى غزة قبل «30 يونيو» استعداداً لتشكيل ميليشيات.. وعينوا مفتين من «كلية الشريعة» لإقناعهم
تحول الشباب العائدون من غزة من شباب وديع إلى مقاتلى «كاراتيه وكنغ فو» وجهاديين لديهم نهم للقتل، وما إن بدأت جماعة الإخوان فى تنظيم المظاهرات، كان لا بد من حماية هذه المظاهرات بلجان «ردع» لتأمينها، فتم اختيار «عامر» ليكون أحد أعضاء تلك اللجان، ومع صعود الإخوان للحكم زادت أهمية تلك اللجان لتأمين «مقرات الجماعة «ومقرات» حزب الحرية والعدالة.
مرت الأيام سريعاً ليتحول فكر «عامر» من مجرد حماية المظاهرات إلى ضرورة ردع المعتدين على الإخوان، حتى جاءت ثورة 30 يونيو وتبعها اعتصام «رابعة»، فسافر إلى هناك واعتصم مع عناصر الإخوان، وفى هذه الأثناء نظم الإخوان مظاهرة نسائية فى شارع الترعة بمدينة المنصورة، مات فيها 4 من نساء الإخوان، بعد اشتباكات فى شوارع مظلمة لم يتم الوصول خلالها إلى الجناة.
«بعد حادثة شارع الترعة كان عندى شوق للانتقام من البلطجية، فرجعت من اعتصام رابعة وحضرت جنازة إحدى السيدات وكانت فى منطقة جديلة بالمنصورة، وهنا الكيل طفح مع وضع الإخوان، وتأكدت أن المسيرات والمظاهرات ليس لها لازمة»، هكذا تحدث «عامر» فى تحقيقات مباحث الدقهلية معه عقب إلقاء القبض عليه، مضيفاً: «عرضت فكرة الانتقام من معارضى الإخوان على اثنين من زملائى ورحبا بالفكرة، وأنا صاحب فكرة الردع، وليس بتكليف من الجماعة، لأنها ضد سياسة الجماعة، واشتريت طبنجة صوت معدلة لإطلاق النار، ولكنها لم تساعدنى فأخذت 10 آلاف جنيه من مسئول مجموعات التأمين، واشتريت بندقية آلية، واتفقنا على تصفية رجل الأعمال محمد ربيع، لعدة أسباب أولها أنه كان وراء التحريض على قتل السيدات الأربع، وثانيها أنه كان يحرض على الإخوان بل كان يمشى بميكروفون فى الشارع ليحرض على قتل الإخوان، ولذلك كان لا بد من تصفيته ونجحنا فى ذلك، ثم تصفية السيد العيسوى «مصارع الأسود» لموقفه من الإخوان، وأطلقنا عليه النار، وأخيراً الشباب المعتصمون عند المحافظة من شباب 30 يونيو».
تعددت الأشكال التى ظهر بها «عامر» فى كل جلسة لمحاكمته، فمرة ظهر هادئ الطباع ثم شرساً لا يستطيع أحد الاقتراب منه، حتى وهو داخل قفص الاتهام، ومرة أخرى يحمل مصحفاً فى يده ويقرأ القرآن الكريم، داخل القفص حتى وافقت المحكمة على إحالته إلى مستشفى العباسية للكشف على قواه العقلية، التى قررت أنه سليم وبكامل قواه العقلية، وقال مصدر أمنى إن عامر عندما تم إلقاء القبض عليه تم ذلك بمعاونة الأهالى بعد أن فشل فى إطلاق النيران على ناشط سياسى بالمنصورة بعد أن سقطت خزينة سلاحه واستخدم سكيناً فى الاعتداء على محمد جمال محمد العيسوى، وهو أحد المشاركين فى ثورة 30 يونيو، وبعد إلقاء القبض عليه عثر رجال الشرطة بحوزته على قائمة تضم أسماء نشطاء سياسيين بالمنصورة.
اللواء السعيد عمارة، مدير مباحث الدقهلية السابق، أكد أن «عامر» شخص سوى لكن لديه استعداد للعنف، وقبل 30 يونيو أرسلوه إلى غزة، وقابل وزير داخلية حماس هناك، وكان ذلك فى إطار استعداد الإخوان لتكوين ميليشيات تتبعها داخل مصر، حيث اكتشف قيادات الجماعة أن «عامر» لديه ميول للعنف، فأرسلوه إلى غزة مع سائق من فلسطين، ودربوه على السلاح استعداداً لضمه إلى ميليشيات الإخوان قبل 30 يونيو، وعندما عاد لمصر عين لتأمين المظاهرات، بسلاح 9 مم، ثم سلاح آلى وقتل محمد ربيع، رجل الأعمال، وشرع فى قتل أحد شباب الميدان وأصاب اثنين.
وأكد أنه تم إعداده نفسياً باستغلال الإحساس بالمظلومية، فضلاً عن تعيين مجموعة من كلية الشريعة بجامعة الأزهر كمفتين ليحلوا لهم استخدام السلاح، وهم من قتلوا ابن المستشار «المرللى» وكان معهم طالب بجامعة الأزهر بالمنصورة مقيم بالمنزلة وهو من أفتى لهم بجواز قتل الضابط السعيد شعير طالما يتتبعهم فيجوز قتله، ولما قتلوا ابن المستشار بالخطأ بدلاً من شعير راحوا له بالفتوى وأحلوا قتله لأنهم لم يكونوا يقصدونه، مشيراً إلى أن المفرخ الرئيسى للفكر الإرهابى، يقوم على عنصرين هما الاستعداد النفسى للقتال فى سبيل الدين، والجهاد بطريقة خاطئة، والاستعداد لحمل السلاح، والعنصر الآخر هو الإفتاء بجواز استخدام السلاح والقتل فى سبيل الدعوة ونصرة الدين، إلى جانب الاعتقاد بأن الدولة التى انقلبت على الإخوان دولة ظالمة والشرطة التى تستخدمها ظالمة ويجوز لعناصر الجماعة دفع الظلم وإراقة الدماء.