الحكومة تقر قانون الاستثمار الجديد وتحيله إلى مجلس الدولة.. والجدل يتجدد داخل «مجتمع البيزنس»
جانب من اجتماع مجلس الوزراء برئاسة المهندس شريف إسماعيل
عاد الجدل من جديد إلى مجتمع الأعمال عقب إعلان وزيرة الاستثمار داليا خورشيد، أمس، عن موافقة مجلس الوزراء بالإجماع على قانون الاستثمار الجديد وإحالته إلى مجلس الدولة. القانون الذى شهدت مواده خلافات حادة بين وزراء المجموعة الاقتصادية أنفسهم فى وقت سابق من جهة، وبين الحكومة ومجتمع الأعمال من جهة أخرى، سلط الضوء مرة ثانية بشأن مستقبل الاستثمار فى مصر، ومدى رضاء المستثمرين عن إمكانية إسهام القانون الجديد فى جذب المستثمرين من خلال القضاء على سلبيات القوانين السابقة التى مثلت عوائق أمام الاستثمار المحلى والأجنبى معاً.
الجدل الذى أثاره وسيثيره القانون الجديد يتعلق بأكثر من ملف، ربما كان أهمها ملف المناطق الحرة الخاصة، التى سيتم إلغاؤها بموجب القانون، إذ يعتبر كثير من العاملين وفق هذا النظام، أن القرار الجديد سيضيع على الدولة مليارات الجنيهات.
«خورشيد»: نستهدف استثمارات 15 مليار دولار.. و«رجال الأعمال»: «العبرة بالتنفيذ» ونخشى أن تقتله البيروقراطية
وبحسب ما قالته «خورشيد»، فى مؤتمر أمس بمجلس الوزراء، فإن القانون خرج بشكل توافقى بعد أن أخذ فى الاعتبار كافة الملاحظات من خلال الحوار المجتمعى خلال الفترة الماضية، موضحة أنه تم الأخذ فى الاعتبار أمثلة لقوانين فى الدول المجاورة، وأيضاً برنامج الحوافز الذى تضمنه القانون، وتقوية الضمانات للمستثمرين.
وأكدت الوزيرة أنه كان لدينا حرص كبير على التأكد من كافة المشاكل التى تواجه المستثمرين حتى يكون هناك سند تشريعى للتغلب عليها، مشيرة إلى قانون التراخيص الصناعية للتغلب على البيروقراطية، مشيدة بدور وسائل الإعلام فى المساعدة بإخراج القانون للنور، منوهة أنه بموجب الموافقة عليه ستصدر اللائحة التنفيذية قريباً، خاصة ونحن نستقبل عاماً جديداً، مؤكدة أن هذا القانون ضمن حزمة تشريعية كاملة يتعامل معها المستثمر تتضمن جزءًا إدارياً وآخر تشريعياً.
وأضافت «خورشيد» أن القانون يهتم بتيسير الإجراءات للقضاء على المشاكل خاصة فى منظومة الأراضى والتراخيص والتغلب على البيروقراطية، مؤكدة أنه أصبح لدينا قانون متفق عليه، وأنه من المقرر إصدار القانون فى شكله النهائى أوائل 2017، لتحقيق وجذب أكبر قدر من الاستثمارات، موضحة أننا نستهدف استثمارات مباشرة تتراوح من 10 إلى 15 مليار دولار.
وأوضحت الوزيرة، أنه ستتم إحالة القانون إلى مجلس الدولة لمراجعته ومن ثم مجلس النواب لإقراره، مشيرة إلى أنه تم إلغاء فكرة عودة المناطق الحرة الخاصة واستبدالها بالمناطق التكنولوجية، لافتة إلى أن القانون الجديد لن يحل مشكلة الاستثمار وحده، مشيرة إلى أنه جزء من حزمة التشريعات الكاملة للاستثمار.
وقالت إن مناقشات المجلس الأسبوع الماضى لم تكن بها أى خلافات بين الوزراء حول القانون، مشيرة إلى أنها كانت مجرد ملاحظات إيجابية وتم الاتفاق على صياغتها بطريقة لا تحدث أى غموض، موضحة أن الهدف من ذلك هو خروج القانون بأكبر قدر من التوافق.
وأكد محمد خضير، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، أنه تم عقد لقاءات مع أكثر من 1000 مستثمر، وتم عمل استقصاء على المشاكل التى تواجه المستثمرين من الداخل والخارج، موضحاً أن القانون يستهدف تحقيق القدر المطلوب من الضمانات للمستثمرين ومعالجة مسألة تحديد الأرباح وكافة الأمور المتعلقة بتيسير الإجراءات.
وقال وزير البترول طارق الملا إن قانون الاستثمار الجديد سيكون محفزاً فى جذب الاستثمارات، وسيساعد على تحول مصر إلى مركز إقليمى لتداول الطاقة فى المنطقة، موضحاً أن قانون الاستثمار بجانب قانون تنظيم سوق الغاز الذى سيعطى مرونة أكثر فى هذا الشأن سيتطلبان سرعة اتخاذ إجراءات فعلية على أرض الواقع للوصول إلى الهدف المنشود.
من جانبه، قال محرم هلال، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، إن مناخ الاستثمار فى مصر العام الحالى كان سيئاً جداً، معتبراً إياه أسوأ الأعوام التى مرت على مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، إذ لم يشهد ضخ أى استثمارات أجنبية جديدة ومباشرة تمثل القيمة الحقيقية لدولة بحجم مصر فى المنطقة العربية والأفريقية.
وأوضح لـ«الوطن» أن هناك أسباباً عدة لهذا التراجع، كان أهمها عدم وجود قانون للاستثمار، وتابع: رغم صدور القانون لكن ما زال أمامنا مشوار طويل لإقراره من البرلمان. ووصف تأخر الحكومة فى إصدار القانون بأنه «عيب» فى حق مصر، مضيفاً: من غير المعقول أن نستهلك كل هذا الوقت فى إصدار قانون، ولن يجرؤ مستثمر أجنبى أو محلى على ضخ استثمارات جديدة دون وجود هوية وقانون يحكم ويحمى استثماراته وأمواله.
وتابع: الشكوى الأولى والدائمة والمتواترة والشائعة بين جميع المستثمرين سواء من المحليين أو العرب، هى عدم وجود أراضٍ متاحة أمامهم بأسعار مناسبة ومشجعة على الاستثمار، والهدف الأساسى من قانون الاستثمار الجديد هو تشجيع المستثمرين سواء من المصريين أو العرب أو الأجانب، وخلق مناخ جاذب للاستثمار.
وأبدى حسن حسين، رئيس لجنة البنوك والبورصات بجمعية رجال الأعمال المصريين، تخوفه من عدم تفعيل القانون عقب إقراره، وقال: مجتمع الأعمال كان ينتظر قرار تحرير سعر الصرف، وهذه الخطوة تمت بالفعل وعلينا انتظار نتائجها، وأعتقد أن سوق الصرف سيستقر خلال العام المقبل 2017، معلقاً على صدور القانون الجديد بقوله: «العبرة بالتنفيذ».
وأضاف: على سبيل المثال كان لدينا قانون استثمار فى السابق وضعه الرئيس السادات، وكان قانوناً جاداً لكننا دائماً فى مصر نضع القانون ويقوم على تنفيذه أشخاص يعشقون البيروقراطية وهذا ما قد يقتل قانون الاستثمار قبل أن يولد.
فيما قال علاء عمر، الرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، إن موافقة الحكومة على مشروع القانون الجديد للاستثمار وإحالته إلى مجلس الدولة تمهيداً لإقراره خطوة مهمة جداً مع مطلع العام الجديد.
وأضاف «عمر» لـ«الوطن» أن عام 2016 شهد بعثات كثيرة لمستثمرين ورجال أعمال من جميع دول العالم لتحسس الأوضاع وطرق أبواب مصر واستكشاف المناخ الاستثمارى المحلى قبل ضخ استثماراتهم فى مصر.
وتابع «عمر» أن رجال الأعمال والمستثمرين العرب والأجانب كانوا يترقبون بشغف إقرار قانون جديد للاستثمار يفى باحتياجات الجميع، مضيفاً: أعتقد أن إصدار القانون فى مطلع العام الجديد سيسهم بشكل كبير فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار الذى أصدر أكثر من 20 قراراً جريئاً بما لا يدع مجالاً للشك فى تصميم الدولة على استعادة المناخ الهادئ والجاذب للاستثمار.
وحول معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر أكد عمر أن معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر يمكن أن تكون طبيعية، نظراً للظروف التى مرت بها مصر طوال الـ5 سنوات الماضية، ولكنه لا يتناسب مطلقاً مع دولة بحجم مصر تمتلك أكبر سوق استهلاكية فى الشرق الأوسط. وحول أسباب التراجع فى قيمة الاستثمارات المقبلة العام الماضى، قال «عمر» إن هناك عوامل خارجية خارج سيطرة وقدرة الدولة وإيجاد الحلول لها مرتبط باستقرار منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم أجمع، فضلاً عن وجود معوقات داخلية تحت سيطرة الدولة ولا خيار أمامها إلا التغلب عليها بأى وسيلة.