بروفايل| الطيب.. الشيخ مصلحاً
جلس فى مكتبه الوثير بمقر مشيخة الأزهر يفكر ملياً فى كيفية مواجهة أزمات مصر المتلاحقة داخلياً وخارجياً، منصبه الرفيع يحتم عليه ذلك، تتوجه إليه الأنظار عند كل أزمة، تحمل الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعباء ثقيلة منذ اندلاع ثورة يناير، تدخّل أكثر من مرة لحل أزمات الفتن الطائفية التى بدأت بحادث كنيسة أطفيح بحلوان، استقبل قيادات الكنيسة فى المشيخة، اجتمع معهم فى «بيت العيلة» لينقذ البلاد من خطر فتنة نائمة يلعن الله من يوقظها. قدم عدة مبادرات فى ظل الحكم العسكرى لمعالجة الفرقة والانقسام بين الإسلاميين والمدنيين، فكانت «وثيقة الأزهر» التى أيدها وأشاد بها الجميع خير مثال، لم يرُد على الانتقادات التى وُجهت له بعد سطوع دور الأزهر السياسى وزيادة نفوذه. أدرك «الطيب» أن الأزهر ملاذ مصر الآمن الذى يركن إليه المصريون عند الشدائد، مطبقاً قوله تعالى: «لَا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ»، التاريخ يقف له بالمرصاد، يدوِّن ما له وما عليه، لم يسُر «الطيب» تردى علاقات مصر بالأشقاء، بسبب سوء إدارة البلاد من قِبل فصيل يقول عن نفسه إنه يحكم بما أنزل الله، وكان للمختلفين معه خصيماً، خصاماً لا يصب فى مصلحة المصريين. تفتق ذهن الإمام الأكبر لخطورة الفرقة بين الأشقاء فكان عليه أن يصلح عمل «المخطئين»، يستخدم قوة الأزهر الناعمة فى رأب الصدع مع السعودية والإمارات والبحرين، فسافر إلى السعودية والبحرين وأخيراً إلى الإمارات ليتسلم جائزة الشيخ زايد للكتاب لاختياره شخصية العام الثقافية على مستوى العالم الإسلامى، رأى فى ذلك فرصة لإعادة التقارب بين الأشقاء.
وُلد الإمام الأكبر فى 6 يناير 1946 بقرية المراشدة فى مركز دشنا بقنا جنوب مصر، لأسرة ينتهى نسبها إلى الإمام الحسن بن على بن أبى طالب. التحق «الطيب» بجامعة الأزهر حتى حصل على شهادة الليسانس فى العقيدة والفلسفة عام 1969 ثم شهادة الماجستير عام 1971 ودرجة الدكتوراه عام 1977 فى نفس التخصص، وهو أستاذ فى العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عدداً من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضراً جامعياً لمدة فى فرنسا، ولديه مؤلفات عديدة فى الفقه والشريعة وفى التصوف الإسلامى. تم تعيينه رئيساً لجامعة الأزهر عام 2003 حتى 19 مارس 2010 عندما أصدر الرئيس السابق قراراً بتعيينه شيخاً للجامع الأزهر خلفاً للدكتور محمد سيد طنطاوى، حينئذ قدم «الطيب» استقالته من أمانة السياسات بالحزب الوطنى. آثارت تصريحاته التى قال فيها إن مظاهرات يناير «لا معنى لها وحرام شرعاً» ردود فعل متباينة عقب نقل «مبارك» سلطاته إلى نائبه عمر سليمان.
بادر «الطيب» فى أبريل 2011 برد كافة المبالغ المالية التى تقاضاها كراتبٍ منذ توليه مسئولية مشيخة الأزهر الشريف، كما طلب العمل بدون أجر دعماً للاقتصاد المصرى الذى كان يمر بأزمة بعد ثورة 25 يناير.