مستشار «الصناعات فى كندا»: أقترح إنشاء بنك للاستثمار الصناعى لتعظيم عوائد صغار المستثمرين فى «القناة»
الدكتورة هدى المراغى
«صنع فى مصر»، شعار تأمل الدكتورة هدى المراغى، مستشار الصناعات والحكومات فى كندا، فى أن يُنتشر عالمياً بتركيز مصر على الصناعة خلال الفترة المقبلة. وتقترح «المراغى» أول امرأة تُعين عميداً لكلية الهندسة بكندا، مدير مركز نظم التصنيع الذكية فى كلية الهندسة بجامعة ويندسور، مشروعات يمكن من خلالها المساهمة فى تنمية الصناعات الوطنية بمحور قناة السويس، وتركز فى حوارها لـ«الوطن» على الصناعات التى تساهم فى اكتفاء مصر ذاتياً خلال السنوات المقبلة، وإلى نص الحوار:
«المراغى»: الدولة التى لا تملك تصميم منتجاتها.. لا تملك مصيرها
■ ما أهمية التصنيع فى خطة التنمية المصرية؟
- التصنيع إحدى الوسائل التى تساهم فى تكوين ثروات الأمم، وزيادة عوائدها الاقتصادية، وبالنظر لتنمية محور قناة السويس لن يتأتى جذب المستثمرين دون تصور للدولة لأهمية الصناعات التى يجب أن تتبناها هذه المنطقة بما يخدم الاحتياجات الفعلية للمجتمع المصرى، وساهمت فى تأسيس أول مركز للأبحاث فى المنطقة يهدف لتعليم طلاب الجامعات كيفية الاستفادة من الأبحاث العلمية فى العمليات الصناعية باستخدام الطرق الذكية فى الإنتاج الصناعى، المشروع بدأ داخل جامعة «وينزر» الكندية لتدريب طلبة الجامعة على أنظمة التصنيع المختلفة، وأحدث الطرق فى هذا المجال، بخاصة أن أنظمة التصنيع المرنة تطبق حالياً بالشركات الصناعية الكبرى لتوفير الأموال، وزيادة الإنتاجية، ويشهد العالم حالياً الثورة الصناعية الرابعة، التى تعتمد على تنوع المنتجات من خلال الأنظمة المختلفة، والشركات الناجحة هى الشركات المنتجة بكفاءة، وجودة عالية. وتطبق جامعة «وينزر» على سبيل المثال الشراكة، والتعاون بين الصناعة والجامعة من خلال تطوير التكنولوجيا، والدولة لن تجد المخصصات المالية اللازمة للإنفاق على الصحة والتعليم والأمن والانتقالات بعيداً عن عوائد الصناعة، بخاصة أن هناك أموراً يمكنها إهدار الموارد بالفقد فى الإنتاجية، والوقت، والطاقة، والفساد، كل هذه الأمور تستنزف ثروات الأمم، ما يضطر الدولة للحصول على القروض التى تعد بمثابة اقتراض للمستقبل لأن القرض يرد بضعف قيمته، ويستنزف الاستيراد موارد الدولة من العملة الصعبة، فلماذا نستورد منتجات من تركيا والهند طالما يمكن تصنيعها داخل مصر؟ والصناعة تخلق عدداً كبيراً من فرص العمل، وتمتلك مصر الإمكانيات التى تؤهلها للوصول لمستويات متقدمة فى الصناعة العالمية، وليس أقل من الصين التى أصبحت المصنع الأكبر للعالم، دول مثل الهند بدأت فى الصعود عالمياً فى الصناعة ودخول السوق العالمية.
الاستيراد يكلفنا عملة صعبة.. ولا عائد من استيراد منتجات من تركيا والهند يمكن تصنيعها فى مصر.. وأتمنى أن يكون شعار «صُنع فى مصر» عالمياً
■ ماذا عن اقتراحاتك لمشروع تنمية محور قناة السويس؟
- المقترحات التى أتقدم بها لمحور قناة السويس يمكن أن تكون نموذجاً مصغراً لإمكانية تعميمها على مستوى البلاد، فبجانب العمل على جذب الاستثمارات لمحور القناة، علينا التركيز على عدة عوامل، أهمها تعليم ورفع القدرات والمهارات للعاملين بالمشروعات بمحور القناة، من خلال عمل أبحاث مرتبطة مع الصناعة، فليس فقط الجامعات يمكنها امتلاك مراكز بحثية مرتبطة بالصناعة، يمكن أيضاً للشركات إنشاء هذه المراكز بداخلها، للاستفادة من أموال المستثمر فى تطوير الأبحاث، وعلينا التركيز وإعداد قائمة بالصناعات التى تعتبرها مصر أولوية بسبب وجود نقص واحتياج شديد لها فى مصر، ووضع خطة للمصانع بهذا الشأن، وقد لا يلتزم المستثمر بنوعية هذه الاستثمارات التى تحتاجها مصر من بين أولوياتها، لذا أقترح إنشاء بنك للاستثمار الصناعى يضم صغار المستثمرين لاستثمار أموالهم بالمشروعات ذات الأولوية الوطنية، وعائد الاستثمار من المشروعات التى تنفذ بمجال التصنيع، ولا يرتكز هذا البنك على كبار المستثمرين بقدر ما يهتم بصغارهم، ويمكن أن يساهم هذا البنك فى خلق عمالة كثيفة بمحور القناة، مع ضرورة التركيز على تأهيل هذه العمالة بالطرق المختلفة، من خلال مراكز تعليمية ملحقة بالصناعات المختلفة، وهو الحاصل فى دول مثل أمريكا وأوروبا لتأهيل العاملين الحاليين والجدد، على أن تتعاقد معهم الشركة بالعمل بداخلها عقب التأهيل طيلة خمس سنوات، ما يساهم فى تأهيل العمالة المصرية دون انتظار الانتهاء من تحسين التعليم الفنى، ويمكننا الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة بمحور القناة من شمس، ومياه بحر، ورمال لإقامة صناعات متقدمة مثل السليكا، وغيرها من المشروعات التى لها علاقة بالمنطقة، على أن نمتلك الرؤية لمجتمع صناعى مصرى يمكنه تحقيق الاكتفاء الذاتى فى بعض الصناعات خلال خمس سنوات مقبلة، بل وتعمل مصر على التصدير بعد ذلك، بخاصة أن مصر بدأت فى تحسين السياسات حتى تلائم بيئة العمل للمستثمرين، والدولة التى لا تملك تصميم منتجاتها لا تملك مصيرها، فبلد مثل أمريكا تأتى له شركات عالمية صينية أو يابانية، إلا أنه فى حال وجود سوق أفضل من أمريكا تهاجر هذه الشركات العالمية، لذا علينا أن نمتلك التصميم لنمتلك مصيرنا. بخاصة أننا نمتلك الموقع الجغرافى المميز، والموارد البشرية التى تمتلك مقومات الابتكار والإبداع على أن تبدأ مصر فى تصنيع منتجاتها رافعة شعار «صنع فى مصر».
■ ومتى نرى شعار «صنع فى مصر» منتشراً عالمياً؟
- أتمنى أن ينتشر شعار «صُنع فى مصر» على المنتجات عالمياً، بخاصة أن مصر لديها ثروات طبيعية، وبشرية يمكن استغلالها، ورفع كفاءة ومهارات العمالة المصرية، والاهتمام بالصناعة من أهم أركان التنمية، ولا توجد دولة تتقدم إلا من خلال التصنيع لأنه القيمة المضافة للثروات الطبيعية التى تنضب مع الوقت، والبلدان التى تمتلك ثروة طبيعية مثل البترول تفكر فى تنويع مصادرها الصناعية لمواجهة نضوب هذا المورد. لدينا شباب مصرى مؤهل ومبتكر ولا يجد وظائف فى مجال تخصصه ويمكننا أن نبدأ معه على مستوى الجامعة، كما يمكننا التركيز على تنمية قدراتنا الصناعية فى مجالات نستوردها بنسب كبيرة من الخارج، مثل صناعة الأدوية التى نستوردها بنسبة ثمانين فى المائة داخل مصر.
جذب المستثمرين لتنمية «القناة» لن يتأتى دون وجود تصور للدولة لأهمية الصناعات الواجب تبنيها فى تلك المنطقة
■ من أين نبدأ التنمية المستدامة للاقتصاد المصرى اعتماداً على الصناعة؟
- تنمية الموارد الاقتصادية اعتماداً على الصناعة ليس فقط بالتركيز على الشركات الكبيرة التى تستفيد منها الطبقات الغنية، بل يجب أن تفيد الصناعة الوطنية الفئات المختلفة، وتوفر فرص عمل بالتركيز على الصناعات الصغيرة لزيادة دخل الأفراد، بخاصة أن قرارات تعويم الجنيه الأخيرة تسببت فى تضخم تضررت منه بشكل رئيسى الطبقتان المتوسطة والفقيرة، واستفادت منه الطبقات المستفيدة من بيع السلع والبضائع، وبدلاً من تركيز الدولة على إعطاء منح عينية للطبقات الفقيرة، عليها توفير فرص عمل لها من خلال الصناعات المختلفة، ويجب أن نبدأ من تنمية المهارات التعليمية، ويجب أن نفرق بين التعليم والتعلم، فالتعليم يعتمد على التلقين والحفظ، أما التعلم فهو انخراط الطالب فى التجارب العملية للتعلم، ما يزيد من تشجيع البلاد للابتكار لدى الطلاب، والشباب، ولابد أن تتغير طريقة التعليم فى المدارس بأن تعتمد على تحفيز الإبداع، والابتكار للمساهمة فى حل المشكلات القومية.