هربوا من انتظار "اليأس" مع قطار الوظيفة الميرى والان قطار الحكومة يدهس "مشروعاتهم الصغيرة"
انقطاع التيار الكهربى، بشكل متكرر، كارثة، كما يراها 3 شباب، باتت تطاردهم فى «لقمة عيشهم»، بعد أن قرروا بدء مشروع تطريز الملابس والعبايات، معاناة طويلة من الألم مروا بها بعد حصولهم على شهاداتهم الدراسية، بين المؤهلات العليا والمتوسطة، لكن هذا لم يشفع لهم فى الحصول على وظيفة حكومية، كما يحلمون وغالبية شباب مصر، أن يجدوا بعد رحلة الدراسة وظيفة فى مجال تخصصهم.
قرر الشباب الثلاثة، بدء مشروعهم بمنطقة عزبة «أبودراع»، فى مدينة المحلة الكبرى، حتى يعتمدوا على أنفسهم، دون اللجوء لأحد. فى بادئ الأمر اتخذ باسم ربيع، 32 سنة حاصل على بكالوريوس تجارة، القرار وشريكه الثانى، وبدأ مشروعاً صغيراً بشراء ماكينة تطريز بالتقسيط، سعياً وراء الرزق، وللإنفاق على أسرته وولده الذى لم يتجاوز بعد عامه الأول. إلا أنه مع تراجع ظروف الدولة وأوضاعها السياسية والحالة الاقتصادية وتدهور الخدمات والمرافق فى النظام الحالى، وتكرار انقطاع التيار الكهربى، أصبحت هناك مشكلة كبيرة تواجه مشروعه، مع اقتراب موسم الصيف، الذى ينشط العمل فيه دون باقى أشهر السنة.
قال «ربيع» لـ«الوطن»، إن التيار الكهربى ينقطع مرتين يومياً ويستمر انقطاعه أكثر من 3 ساعات، ما يعطله عن تسليم طلبيات الشغل إلى عملائه، ويسبب له الإحراج معهم، ويفقده المصداقية، وفى قدرته على إنجاز «الشغل» فى موعده. لافتاً إلى أن ثمن ماكينة التطريز المكونة من 12 رأساً، يبلغ نحو 51 ألف جنيه، وقسطها الشهرى 3 آلاف، وسداده أصبح أمراً عسيراً فى ظل تلك الأجواء، والانقطاع اليومى للكهرباء، فيما تتجاهل الحكومة تلك المأساة، ولا تلتفت إلى أضرارها على المواطنين، وأصحاب الأعمال، على الرغم من أن تلك الخدمات حق للمواطن، عليها أن تضعه فى مقدمة اهتماماتها ليعود الاستقرار والطمأنينة، ويتمكن أصحاب المهن والحرف من مزاولة أعمالهم حفاظاً على مستقبل أبنائهم وذويهم من الضياع والتشرد والجوع، فى ظل الغلاء الفاحش وارتفاع تكاليف المعيشة، وأسعار السلع الاستهلاكية والغذائية، وزيادة قيمة الفواتير الشهرية للكهرباء والمياه والغاز.
وأوضح «ربيع»، أن هناك 3 عمال، فى مشغل التطريز، على مدار 3 ورديات، متوسط أجر كل فرد منهم ألف جنيه فى الشهر، والانقطاع المتكرر للكهرباء يهدد «لقمة عيشهم»، ومصدر رزقهم. ووجه حديثه للرئيس محمد مرسى قائلاً: «حلمنا كشباب، أن نرى رئيساً يعشق تراب الوطن، ويعمل من أجل استغلال طاقة أبنائه وفقاً لتخصصاتهم»، مشيراً إلى أنه تعب من «اللف» على وظيفة فى مجال تخصصه، وفى نهاية المطاف قرر الاتجاه للعمل الحر، حتى بعد نجاح ثورة 25 يناير، فى إسقاط النظام، لم يتمكن من الحصول على وظيفة حكومية تليق بمؤهله الجامعى، فى حين أن الحكومة حتى لو وفرت قروضاً للمشروعات الصغيرة، ففى ظل الظروف الحالية، سيلاقون العذاب، ولن تكفى إيراداتها على سداد قيمة القروض.
محمود عبدالمنعم، 33 سنة، متزوج ولديه طفلان «ملك ومحمد»، هو الشريك الثانى لـ«ربيع»، كان يعمل فى بيع وشراء الملابس بالأسواق التجارية، وكان يربح جيداً قبل الثورة، ولكن الأحوال تبدلت بعدها فى ظل حالة الركود، والبيع التجارى، وغلاء أسعار المواد الخام، وغزو المنتجات الصينية والتركية للأسواق المصرية.
قال «عبدالمنعم»، اتجهت للعمل على ماكينة التطريز مع «ربيع»، آملاً فى أن تكون مصدر رزق شهرياً بالحلال، لكننا نعانى الآن كثيراً فى ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربى، حتى لم يعد فى مقدورنا فى بعض الأحيان تحمل تكاليف المواد الخام الباهظة، التى ارتفعت مؤخراً بعد إعلان الدولة عن نيتها الحصول على قرض صندوق النقد الدولى.
أضاف «عبدالمنعم»: «لفة فازلين الثوب الواحد ارتفعت من 50 إلى 70 جنيهاً، وأنا أستهلك نحو 4 أثواب شهرياً، كما ارتفعت أسعار بكرة خيوط الحرير، ونستهلك منها نحو 360 بكرة شهرياً لإنتاج طلبيات شغل ماكينة التطريز، وعندما أردنا شراء مولد كهربائى لحل أزمة انقطاع التيار الكهربى، اكتشفنا غلاء أسعاره، حيث يتجاوز الواحد منها 5 آلاف جنيه، وهو يعمل بالسولار أو البنزين، وهما غير متوافرين الآن فى محطات الوقود حتى للسيارات».
يرى عبدالمنعم، أن سياسات الدولة وظروفها فى الوقت الراهن، تصيب المواطن البسيط، فى مقتل، قائلاً «الكهرباء جابت لنا شلل، وخسارة مالية، ولم نعد قادرين على الالتزام بمواعيد إنهاء المشغولات، ربنا ينتقم من النظام واللى كانوا السبب فى ضياع البلاد ووصولها لما هى فيه».
أحمد الحلو، عامل فى أحد المخازن، أجره الشهرى، لا يكفى احتياجاته، خصوصاً أنه حديث الزواج، بينما الأسعار فى ارتفاع مستمر حتى «أجرة المواصلات» تضاعفت، قال لـ«الوطن»: «كل شىء فى البلد ثمنه زاد، إلا المواطن، بلا قيمة، الأسعار بقت نار بتكوى البسطاء، وطلبيات الشغل بتتعطل بسبب الانقطاع اليومى للتيار الكهربى».
أشار «الحلو» إلى أن غزو المنتج المستورد فى السوق المصرى، أصبح وباءً يطارد التجار المصريين، فى ظل ارتفاع أسعار المواد الخام، المواطن يفضل شراء المستورد على المنتج المحلى، لأنه «واخد سمعة وبس» ليس أكثر، حسب قوله.
أخبار متعلقة:
أهلا بكم فى عصر "الضلمة"
«مولدات الكهرباء».. «بيزنس» يزدهر فى عصر النهضة
«اللمبة الجاز» تستعيد «هيبتها».. وتعيد للغلابة «ذكريات ما قبل الكهرباء»
«أزمة الكهرباء» تهدد «ألومنيوم نجع حمادى».. والعمال يتوعدون بثورة «خافى منا يا حكومة»
تلف الأدوية يهدد مرضى السكر والجلطات.. والصيادلة: خسائرنا من «أدوية الثلاجة»
«المخابز» مهددة بالإغلاق: الوزارة تقطع الكهرباء والتموين يحرر المحاضر ضدها.. وأصحابها: «يعنى موت وخراب ديار»
أصحاب الفنادق: تكرار انقطاعها يضر بالسياحة الوافدة ويسىء لمصر
د. محمد شاكر خبير الهندسة الكهربائية: «مصر تشهد 4 سنوات عجاف فى قطاع الكهرباء والطاقة»
الإسكندرية تنتظر "صيف خراب البيوت مستعجل»
"مقاهى الإنترنت ومحلات السلع الغذائية والمكوجية".. مهن فى خطر