الكاتبة التونسية زينب هداجي في حوارها لـ"الوطن": لا سر للنجاح سوى الحب والسلام
زينب هداجي
استطاعت الكاتبة والقاصة التونسية زينب هداجي، فرض نفسها على الساحة الثقافية التونسية رغم صغر سنها، لتحصد العديد من الجوائز الهامة في مجال القصة القصيرة، متغلبة على جميع المعوقات التي واجهتها في مشوارها الثقافي.
"الوطن" حاورت هداجي، التي لم تفوت عاما واحدا إلا وحصلت فيه على جائزة رسمية على الأقل في مجال القصة القصيرة، لتصبح الكاتبة الشابة الأبرز في "تونس الثورة"، حيث أكدت أن النجاح من وجهة نظرها هو القدرة على الانفتاح والتسامح، وأن الكتابة سبيل لذلك.
وإلى نص الحوار...
- كيف كانت بدايات زينب هداجي مع كتابة القصة القصيرة؟
ربما يمكنني القول بأن الكتابة تمثل بالنسبة لي أول ملامح الوعي حيث مثلت في البداية أداة للبوح والاحتجاج، ووسيلة للوجود، وقد تبلور هذا الوعي عن طريق المطالعات سواء من مكتبة البيت أو من خلال المكتبات العمومية وهدايا والدي الذي كان يهديني الكتب بمناسبة أو بغير مناسبة، و كان هاجسي الأول في البدايات هو أن أعبر عن مواقفي وآرائي التي تتعارض في كثير من الأحيان مع عادات المجتمع المحافظ الذي نشأت فيه، و يعود ذلك إلى اطلاعي على أفكار الشابي كشاعر محرض على الحرية والطاهر الحداد كمصلح اجتماعي يدعو إلى تحرير المرأة من عوالق الجهل.
- إلى أي مدى أثرت النشأة في الجنوب التونسي على كتاباتك؟
لعل ولادتي ونشأتي بالجنوب التونسي و تحديدا بولاية مدنين مثل عالم اثراء لتفكيري بصفة عامة و لعالمي القصصي بصفة خاصة. تلك المدينة استثنائية بكل المقاييس حيث يتعايش فيها عدد كبير من "العروش" في انسجام، كما أن الحي ترعرعت به كان محاطا بعدة معالم ذات رمزية قوية مثل حارة اليهود، ومقر الاتحاد التونسي للشغل، ومركز الأمن، ومرسم الفنان " محمد رشيد براجح"، والمدرسة الابتدائية، وجامع سيدي علي بن عبيد، وسوق السلع المهربة، والماخور، وبائع الخمر، وهذا مزيج غريب جعلني أطرح أسئلة وجودية في سن مبكرة قد لا يتسع لها صدر البيئة المحافظة، غير أن دعم والدي ذلل تلك الصعوبات التي تضعها البيئة الجنوبية المحافظة أمام المرأة، فهو رجل مثقف منفتح الذهن ولم يميز بيني وبين إخوتي الذكور، وهو أمر ساعدني على الاندماج بسهولة في الساحل حيث درست الحقوق و بالعاصمة حيث أعد ماجستير الصحافة.
- بالرغم من صغر سنك إلا أنك استطعت تحقيق نجاحات وصفتها الصحافة التونسية بـ"الباهرة"؟
في حقيقة الأمر لا يسعني أن أتحدث عن نجاحات كبيرة وأنا ما زلت في بداية الطريق ككاتبة ولكن يمكنني أن أقول بأنني قمت ببعض الخطوات على طريق النجاح أو لنسميه السعي نحو التواصل الإنساني، لأن النجاح في نظري هو القدرة على الانفتاح والتسامح، ولعل الكتابة سبيل لذلك، فقد حاولت من خلال المقالات والقصة القصيرة أن أحاور الإنسان في كل حالاته، وقد نشرت هذه النصوص في عدة دوريات عربية كالمعرفة السورية والبيان الكويتية والكلمة اللندنية و بمواقع إلكترونية متنوعة، وقد أسعدني ذلك جدا لأنه مثل وسيلة للتواصل مع الشباب العربي الذي هجر قراءة الكتب و توجه نحو المحامل الإلكترونية، ولكن رغم هذه التحولات التي يشهدها عصرنا مازال للكتاب الورقي رونقه وجاذبيته، وهو شيء أحسست به عند ملامسة أول نسخة ورقية من مجموعتي القصصية الأولى " متران ونصف" عن مؤسسة مقاربات للنشر بالمغرب وهو كتاب من الحجم الصغير يضم 21 نصا قصصيا في 76صفحة.
- بعدما وصلتي إلى هذه المرحلة من النجاح، ما هي خططك المستقبلية؟
هدفي بالأساس العمل الصحفي من أجل تسهيل الانفتاح على الآخر بكل تجلياته و التعريف بالذات العربية كذات منتجة للثقافة والإبداع ةنايذة للإرهاب والتعصب، كذلك السعي نحو استعمال الاعلام كوسيلة لكشف الحقيقة بحيادية ونزاهة بعيدا عن أساليب التضليل والإشاعات، وهو أمر لا يبدو يسيرا في ظل سوق الإعلام اليوم وما تشهده من تدخل لأصحاب المال والنفوذ، ولا يمكنني أن أقول بأنني حققت انجازا هاما في مجال الكتابة والصحافة ولكن أقول بأنني خضت تجارب تؤهلني أن أبني شيئا ما في هذا العالم الذي يعج بالخراب، لا يوجد سر معقد للنجاح سوى الحب والسلام والعمل اليومي والنقدي الذاتي الصارم.
- وماذا عن عادات وطقوس الكتابة عند زينب هداجي؟
بما أن الكتابة فعل استثنائي يرتقي على بقية الأفعال المنغمسة في اليوم، فمن البديهي أن يكون لها طقوس وعادات خاصة وهو ما ينطبق على ككاتبة، إن التجوال في الشوارع والساحات والأسواق والمقاهي وكل الأماكن العامة والتحاور مع مختلف أفراد المجتمع يمثل بالنسبة لي المادة الأولية للكتابة، فمن خلال ذلك أسعى إلى أن تكون نصوصي ملتحمة بواقعها متجذرة في ثقافتها، و لعل ذلك يمنح شخصياتي القصصية شيئا من المصداقية.
وحيث أمارس الكتابة الذهنية بتمثل كل تفاصيل النص من البداية إلى النهاية قبل سكبه على الورق عند اكتماله فلا يخضع إلا لعملية تشذيب بسيطة أقوم بها ما انعزل للكتابة.
- ما هي أبرز الجوائز التي تعتز بها زينب هداجي؟
أعتز بجميع الجوائز التي حصلت عليها ولكن الأقرب إلى قلبي هي الجائزة الأولى في القصة في الملتقى الجهوي للإبداع التلمذي بجربة والتي حصلت عليها عام 2009 ، والجائزة الأولى في المسابقة الأدبية من المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بقبلي والاتحاد الجهوي للمرأة التونسية عام 2010، والجائزة الثانية في ملتقى مساكن للقصة القصيرة عام 2012، والجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة بملتقى المبدعات الشابات بالساحلين المنستير عام 2013، والجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة بملتقى المبدعات الشابات بالساحلين المنستير 2014، والجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة بملتقى النفيضة للأدب التجريبي عام 2015، والجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة بملتقى حي الزهور للآباء الناشئين لعام 2016.