"جندي وطائرة".. رحلة استطلاع الطريق أمام القوات العراقية في الموصل
صورة أرشيفية
يدخل الجندي مسرعًا على الضابط المسؤول عنه يبلغه بوجود جهاديين في أحد المنازل التي تتقدم قوات مكافحة الإرهاب باتجاهها بعدما رصدتهم طائرة الاستطلاع التي يقضي معظم وقته في تسييرها فوق خطوط الجبهة الأمامية.
يتصل المقدم ركن منتظر سالم بعناصر قوات مكافحة الإرهاب الذين يواصلون تقدمهم في الأحياء الشرقية لمدينة الموصل بعدما شنوا صباح الإثنين، هجوما للسيطرة على حي التأميم.
يبلغ العقيد القوات بالإحداثيات التي نقلها له الجندي زيدون (28 عاما)، ويأتيه الرد عبر جهاز اللاسلكي "واضح سيدي، واضح".
وخلال العملية الجديدة لقوات مكافحة الإرهاب، يقضي الجندي زيدون من فوج الموصل ضمن قوات مكافحة الإرهاب وقته على سطح منزل خال سوى من بعض السجاد، ويبعد مسافة قليلة عن خطوط الجبهة الأمامية.
هذا المنزل سكنه أحد عناصر تنظيم "داعش" قبل فراره مع تقدم القوات العراقية في الموصل، وفق ما روى سكان لوكالة "فرانس برس".
يجلس الجندي زيدون أرضا، يلقي ظهره إلى الحائط خلفه، يضع الحاسوب اللوحي الخاص بالطائرة المسيرة بين يديه ويحركها فوق المنطقة القريبة لمراقبة حركة الجهاديين وسياراتهم المفخخة.
ترتفع الطائرة، بحسب ما يشرح الجندي، حوالى 500 متر ويضطر كل 20 دقيقة إلى أعادتها إليه لتغيير بطاريتها وإطلاقها مجددا.
يشير بإصبعه إلى الخريطة على شاشة الحاسوب اللوحي حيث يظهر شخص ينتقل من مكان إلى آخر.
ويقول الجندي لـ"فرانس برس": "ينتقلون من هذا البيت إلى هذا البيت والآن باتوا موجودين هنا".
يركز طائرة الاستطلاع التي تدرب عليها بنفسه فوق أحد المنازل، حيث يظهر ثلاثة جهاديين يقول إن أحدهم قناص.
يكلم القائد المسؤول عنه عبر جهاز اللاسيلكي "صعد أحدهم الآن إلى سطح المنزل الثالث الذي كنت أعطيتك إحداثياته، وتم إطلاق النيران من هناك".
يرد القائد بسؤال "المكان ذاته صحيح؟"، يجيب "هناك أشخاص على السطح وفي الحديقة.. أمامكم تحديدا".
- "أنفع أن اكون طيارًا؟" -
برغم أصوات الرصاص والقذائف من حوله وأعمدة الدخان المتصاعدة أمامه، يركز الجندي أنظاره على البيت الذي يتحدث عنه، يردد "انظروا انظروا... هذا هو القناص، هذا هو القناص".
يعيد الاتصال بقيادته ليؤكد "القناص في هذا البيت".
تبدأ العربات العسكرية بالتحرك نحو الشارع حيث المنزل المذكور، ترميه بالقذائف، يتصل الجندي مجددًا بقيادته ويقول "هذا هو البيت، هناك حالة ضياع بينهم، يركضون لا يعرفون ماذا يفعلون" في إشارة إلى الجهاديين.
يبدو الجندي فرحًا بإنجازه يضحك ويقول "أينفع أن أصبح طيارًا؟"، وهو الذي تعلم خلال يوم واحد فقط العمل على تسيير الطائرة المسيرة.
ويقول "حصلت عليها وخلال يوم واحد تعلمت عليها وحدي، وفي اليوم الثاني استخدمتها في الجبهة".
يستريح الجندي بلباسه العسكري مع زملائه لدقائق قليلة، يتجمعون حول قدر يحوي على بيض مقلي مع البطاطس. يأكلون سريعا قبل أن يعود زيدون إلى واجبه ويطلق طائرته المسيرة مجددًا في الأجواء.
يكمل الجندي مراقبته للطريق الذي تقدمت منه القوات بحثًا عن جهاديين جدد وعن سياراتهم المفخخة.
يأتيه طلب عبر الجهاز اللاسيلكي للبحث عن سيارة مفخخة ربما تسير في مكان قريب من قوات منتشرة على الأرض.
وعادة ما يلجأ تنظيم "داعش" إلى استراتيجية السيارات المفخخة لإعاقة تقدم خصومه تفاديًا للاشتباك مباشرة معهم، وبات مؤخرًا يستخدم أيضا الطائرات المسيرة المفخخة.
ويؤكد المقدم الركن سالم أهمية طائرة الاستطلاع في عملهم وخاصة في رصدها للسيارات المفخخة.
ويقول "أهم شيء بالنسبة لنا هو رصدها للسيارات المفخخة وكشفها للطرقات أمامنا".
لكن لا تجري الرياح بما تشتهي السفن دائما، ولا تتمكن طائرة الاستطلاع من رصد كل تحركات الجهاديين، إذ انفجرت سيارة مفخخة الإثنين وصل حطامها إلى مكان تواجد فريق "فرانس برس" على بعد مئات الأمتار.