العيشة الصعبة يتحملها «مواطن» ويســـتغلها «حرامى».. والحكومة «بتتفرج»
العيشة الصعبة يتحملها «مواطن»
«الأزمة اللى بودنين، يشيلوها اتنين»، لكن فى مصر «بيشيلها» طرف واحد، ويستفيد منها الطرف الآخر، طرف يعانى، وطرف يستغل معاناته، أولهما تزداد ضغوطاته يوماً بعد يوم، وثانيهما تزداد أرباحه ومكاسبه. على جهة من الأزمة يقف فريق «الأكثر تضرراً» من أصحاب الدخول الثابتة، الذين لا تتحرك أجورهم إلا ببطء شديد أو لا تتحرك إطلاقاً، بينما تسابقها أسعار سريعة الحركة، قطاع واسع جداً يضم ملايين الموظفين والعاملين والإداريين والفنيين، لا سيما الصغار منهم «المطحونين» داخل معادلة غير عادلة ولا رحيمة، فالذى يتحصلون عليه فى موضع ثبات دائماً، باستثناء تغييرات طفيفة على فترات زمنية متباعدة، بينما فاتورة نفقاتهم المعيشية ترتفع كل ساعة وكل يوم بلا هوادة، خلل يسميه الاقتصاديون «أزمة اقتصادية» فيما يسمونه هم «طفح كيل» أو «خراب مستعجل». لكن هذا الطفح، وهذا الخراب، موضع استثمار لآخرين، فئة محدودة العدد جداً، متوحشون مثل مصاصى الدماء فى أفلام هوليوود، لكنهم لا يكتفون بجرعة دم قليلة تشبع غرائزهم، بل يمصون حتى آخر نقطة فى آخر عرق من عروق الوطن والمواطن، «وراء كل حرب مجموعة من المستفيدين اقتصادياً» مثل إنجليزى قديم يشير إلى الحالة التى حاول استغلالها بعض أصحاب الأموال أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، هى نفسها تشبه حالة «الاستثمار الحرام» فى الأوضاع الصعبة الحالية التى قسمت الناس إلى قسمين: مستضعفين، وسماسرة. أمام هذا المشهد التراجيدى البائس شديد التناقض، تقف الحكومة لا تحرك ساكناً، تكتفى بروشتة إجراءات الإصلاح الاقتصادى، تصدر إجراء فى الصباح وقراراً فى المساء، قد تكون محقة فى كل ما تمضى حسبما يرى الخبراء والمستشارون، لكن الفقراء وحدهم يزدادون فقراً، وسماسرة الأزمة وحدهم يزدادون ثراء، وتراجيدية المشهد «غير السينمائى» بين الفريقين تزداد قتامة.