«النموذج المثالى»
عادل السنهورى
طوال الوقت كنت أرى العلاقة بين أمى وأبى -رحمهما الله- هى النموذج المثالى المفترض أن تكون عليه شكل العلاقة بين الزوجين وشركاء الحياة الأسرية.. كانت هذه العلاقة هى النموذج التى أصبغه على أى علاقة بين زوجين داخل العائلة الكبيرة وخارجها.. هكذا يجب أن تكون العلاقة مثلما هى بين الحاجة والحاجة والتى استمرت نحو 56 حتى توفاهما الله.. المودة والرحمة والاحترام والتقدير والاهتمام المشترك والحرص على استمرار الحياة مهما كانت العواصف الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية.. الحب فى هذه العلاقة اختلف تماماً عن مفهومه التقليدى فقد تحول إلى ما يشبه حالة صوفية.. ذوبان وتماهٍ لا حدود له تترجمه تصرفات وسلوك وتفاهم وليست كلمات عابرة لا تصمد كثيراً أمام أول خلاف.
هذه العلاقة النموذج ظلت تسكن عقلى ووجدانى قبل الإقدام على الزواج.. ودائماً ما كنت أعلن لكل من يطالبنى بالزواج: «أنا عاوز زى علاقة الست دى بالراجل ده» -أقصد أمى وأبى- حتى التقيت الفتاة الرقيقة الجميلة التى أصبحت زوجتى بعد ذلك بعام واحد فقط، بمصادفة عجيبة وفى مناسبة لا تنشأ فيها علاقة حب مفاجئة إلا قليلاً. كان ذلك فى فبراير 92.. فى ذلك الوقت كنت أعمل فى صحيفة «مصر الفتاة» التى كان يرأس تحريرها الصديق العزيز مصطفى بكرى.. فى ذلك اليوم قررت الذهاب مع الصديق عماد حسين إلى معرض الكتاب رغم صعوبة الطقس فى القاهرة.. هناك كانت تجلس بين مجموعة من الأصدقاء من جامعة المنصورة وبينهم زميل كان يعمل معنا فى «مصر الفتاة».. من بين الجلوس فى قاعة الندوات.. تفاعلت «الكيمياء الإنسانية». وعلى الفور تعارفنا ولم تمر أشهر قليلة حتى تمت الخطوبة وبعدها بعام واحد كان عقد القرآن والزواج..
22 عاماً بالتمام والكمال هى عمر العلاقة الزوجية أثمرت عن شابين يافعين هما أحمد ويوسف اللذان يكملان دراستهما الجامعية حالياً.. صعوبات كثيرة واجهتنا فى البدايات لكن التفاهم والصبر الذى لمسته منها فى بداية العلاقة جعلنى أسترجع صورة «العلاقة النموذج إياها» بين أمى وأبى..
تحملت زوجتى الكثير، خاصة مع طبيعة مهنة الصحافة التى ابتلينا بها أو ابتلت بنا -أياً كان الابتلاء- فهذه المهنة تحتاج إلى مواصفات خاصة فى رفيقة الدرب ومشوار الحياة الزوجية.أقدر لها تحملها وتفهمها فى أحيان كثيرة وتسامحها.. وأظن أن من يتزوج من أمثالنا من أصحاب مهنة الصحافة فى الحياة فله الجنة فى الآخرة.