دولة «الحمولة الزائدة» فى الشوارع والمستشفيات والمدارس وداخل المواصلات وصالات السفر والوصول والمصالح الحكومية
دولة «الحمولة الزائدة»
لعنة تطارد الجميع داخل مصر، تبدأ منذ يصبح المواطن جنيناً فى بطن أمه، فتلاحقه الاتهامات الرسمية بأنه مجرد زيادة بلا معنى، وسط 90 مليون مواطن تعيس، يراهم الرؤساء المتعاقبون «قنبلة سكانية»، وتراهم حكوماتهم عبئاً فيما تعاملهم الكرة الأرضية باعتبارهم عالماً ثالثاً زائداً عن الحاجة، يستهلك دون إنتاج ويأخذ دون مقابل حقيقى.
تتواصل اللعنة مع كتب الدراسات الاجتماعية التى تتحدث عن شريط أخضر ممتد قارب على النفاد، مع كثير من الهموم التى يتم تصديرها لطالب المرحلة الابتدائية حول تآكل الرقعة الزراعية وزيادة التصحر، درس مدرسى مبكر يحمل الكثير من التأنيب بشأن البلد الذى زادت حمولة سكانه على ما لديه من مياه وطعام وموارد، وعن المستقبل المقلق، شعور بـ«الزيادة» يتزايد داخل المواطن تؤصله كافة تفاصيل حياته، فهو «زيادة» على مواصلات مثقلة، ومستشفيات متهالكة ومحال عمل مكتظة، وشوارع مزدحمة، حتى «الأسانسير» يطلق صافرته التحذيرية كى يؤكد له «أنت زائد عن الحاجة».
لا يلبث الأمر أن يتحول إلى «ثقافة» عامة تحكم كل شىء، فالمبانى تحمل أدواراً زائدة، وحتى الميكروباصات ووسائل المواصلات على اختلافها تتم إضافة أجزاء إضافية وغير منطقية لها من أجل احتمال الأعداد الإضافية من المستخدمين، ينسحب ذلك على فصول الدراسة، والمرافق والخدمات؛ خسائر ومكاسب، واقتصاد كامل أصبح يقوم على الواقع المكتظ. «الوطن» هنا تتكئ على الجرح، عله ينزف فيتطهر من دمائه الفاسدة، وتفتح ملف «الحمولة الزائدة».