حانوتى «المغتربين»: الدفن بجواز السفر وبلا أوراق فى «مقابر الصدقة»
صورة أرشيفية
رجل خمسينى، ذاع صيته فى أوساط اللاجئين والجاليات الموجودة فى مصر، نظراً لقدرته - وصبيانه- على استخراج التراخيص اللازمة للدفن خلال دقائق معدودة، دون تحميل أهالى المتوفى أى مسئولية، سوى دفع المقابل المادى المناسب، وصورة جواز سفر المتوفى أو أحد أقاربه، بعدها بدقائق قليلة يُرسل ترخيص الدفن وكافة الأوراق اللازمة مع أحد مساعديه إلى المستشفى الذى يوجد به المتوفى، بالإضافة إلى المُغسل ومعه الكفن، وسيارة نقل الموتى.
اتصلنا بـ«س. أ» المعروف بحانوتى المغتربين، على هاتفه الذى حصلنا عليه من أحد اللاجئين الذين سبق لهم التعامل معه أكثر من مرة، وطلبنا منه الحصول على مقبرة تمليك فى مقابر مصر القديمة، لشخص سورى يعيش مع باقى أفراد أسرته فى القاهرة، فأخبرنا بأن «مصر القديمة خلصت خالص ومافيهاش ولا نفس، لو ينفع تاخدوا فى أكتوبر على طريق الفيوم، بس مش تمليك، دى كلها مقابر صدقة، هتدفنوا وتاخدوا رقم اللحد وتمشوا علشان لو حد حب ييجى يزور المتوفى بعد كده يبقى عارف طريقه فين»، مذيلاً رده بعبارة، «بس ماتنسوش تراضوا التربية علشان مايزعلوش منكم ومننا ويفكروا إننا قبضنا منكم ومش راضيين ندفع لهم».
حاولنا الاستفسار منه عن الأوراق اللازمة لإتمام استخراج التراخيص اللازمة للدفن والحصول على لحد فى مقابر الصدقة، نظراً لقرب احتياجنا إلى ذلك، بسبب وجود مريض فى العناية المركزة بحالة صحية سيئة، فأجاب، بأنه لا توجد أى أوراق مطلوبة سوى جواز سفر المتوفى فقط -إن وجد-، وأنه يتكفل بكافة المهام، منذ حدوث الوفاة، وحتى الدفن داخل اللحد، كل ذلك فى دقائق معدودة، نظراً لكونه صاحب أحد أكبر مكاتب الحانوتية فى حى مصر القديمة -على حد وصفه-، ويعرفه المسئولون فى الإدارات الطبية المختلفة، لقدم تعامله معهم، وبمجرد ذهاب أحد صبيانه إلى المسئول ينهى له الإجراءات فوراً. 1500 جنيه، بالإضافة لدفع «الصدقة» للمُغسل والتربى، هى القيمة الإجمالية لتكلفة دفن أى مواطن مغترب فى مصر، طبقاً لما قاله الحانوتى، الذى أكد أن مقابر الصدقات المترامية على الطرق الصحراوية هى المكان الوحيد فى الوقت الحالى الذى يتوافر فيه لحود مسلسلة الأرقام لدفن الموتى، بعد ازدحام مقابر «داخل القاهرة»، نظراً إلى أنها مقابر مشيدة لا تتسع لما تتسع له لحود الصحراء.