بروفايل: أحمد الطيب.. الإمام لا يعزل
من شرفة مكتبه وصلته الهتافات الغاضبة، لعله قلّب وجهه فيمن حوله وهو يتساءل عن السبب، صك الهتاف سمعه، بعض طلاب جامعة الأزهر ينادون بسقوطه، ويطالبون بعزله عن منصبه كشيخ للأزهر، والسبب هو إصابة زملاء لهم من المقيمين فى المدينة الجامعية بالتسمم عقب وجبة طعام تناولوها داخل المدينة، وقبل أن تنتهى سيارة الإسعاف من نقل الحالات المصابة إلى المستشفى كان الطلاب أسرع منها فى الخروج من المدينة الجامعية بلافتات ضخمة إلى حيث مكتبه بمشيخة الأزهر.
من خارج المشيخة يلقى الدكتور أحمد الطيب، نظرة متفحصة على الشباب الغاضبين الذين يعتصمون فى الداخل، يتسع مجال الرؤية ليلتقط إشارات محيطة بالمشهد، نظام حاكم ينتمى لجماعة يصطدم بها حالياً لأسباب كثيرة، أبرزها، على الإطلاق، رفضه لمشروع قانون حاولت الجماعة تمريره يسمح ببيع أصول الدولة تحت مسمى «الصكوك الإسلامية»، بالإضافة إلى موقف آخر لا يقل تشدداً اتخذه من محاولات تقارب تقوم بها الجماعة لإعادة العلاقات المقطوعة بين مصر وإيران، معلناً على الملأ تخوفه مما سماه «المد الشيعى» باعتباره إماماً أكبر لأهل السنة فى عموم العالم الإسلامى.
هل يكتمل المشهد الآن فى عينى الشيخ؟ ربما، وربما أيضاً تصله همسات لا تلبث أن تتحول لتصريحات تتحدث عن «أمر دُبِّر بليل» للتخلص منه بسبب كل ما حدث، وأن موضوع تسمم الطلبة فى المدينة الجامعية سوف يجرى استخدامه كورقة رابحة فى الإطاحة به من منصبه كما جرى من قبل مع المشير طنطاوى والفريق عنان عقب حادث الاعتداء على الجنود فى رفح، ولن يشفع له أن المنصب الذى يشغله لم يشهد على مدار تاريخه الذى يمتد لأكثر من ثلاثمائة عام إلا حالة إقالة واحدة فى عهد الملك فاروق، عندما عزل الشيخ عبدالمجيد سليم عام 1951 بسبب انتقاد الأخير لرحلة شهر العسل التى قام بها الملك عقب زواجه من ناريمان صادق، ونشر الصحف لصور الرحلة فى الوقت الذى كان يئن فيه أبناء الشعب تحت وطأة الفقر، وهو ما جعل الشيخ يطلق تصريحه الشهير الذى أوجع الملك وقتها: «تقتير هنا، وإسراف هناك»، ليعزله على الفور.
هكذا أقيل شيخ الأزهر الأسبق، وهكذا تجرى الأمور مع شيخ الأزهر الحالى، وبين الحالتين لا يدرى أحد ما الذى يخبئه الغد للدكتور الطيب بعد ثلاث سنوات قضاها فى منصبه شيخاً للجامع الأزهر وإماماً أكبر للمسلمين السنة فى العالم.