الأنا العليا فى شارع الشواربى
محمود فتحى
إذا جمعتك الظروف والأقدار بشخص ما ووجدت أن جل حديثه منصب على الأنا وتعظيمها وعن قدراته الفائقة وإنجازاته غير المسبوقة؛ قُم بوضع دائرة حمراء حوله ولا تترك له المجال ولا الفرصة ليقتحم عالمك كائناً من كان.. ثم غير وجهتك إلى هذا الآخر المتواضع المنكر لذاته، واترك لنفسك العنان لاكتشاف خبايا شخصيته التى -فى الغالب- سوف تبهرك بمدى ثرائها.. الفرق بين الاثنين مثل الفرق بين شارع الشواربى فى وسط البلد وبين Brand ملابس محترم جديد.. فلو ألقى بك حظك التعس فى هذا الشارع فستصبح كشيكارة أرز أعلن كارفور للتو عن وجود عرض مُغرٍ عليها وستجد عشرات الشباب الذين سيتسابقون عليك ويمدون أيديهم للسلام.. وإذا قمت بحسن نية برد السلام تكون تلك إشارة بأن هذا الشاب هو من حظى بك ثم لا تعلم متى ولا كيف أصبحت داخل محل يقوم مالكه صاحب الكرش الممتلئ باستعراض بضاعته الرديئة -التى تنكمش بعد أول عملية غسيل- أمامك وهو ينظر لك بقرف.. هذا المالك يعلم أنه يكاد لا يمتك شيئاً ولهذا وجب عليه أن يحدث كل هذا الضجيج المزعج.. فى حين أن الـBrand لا يحتاج كل هذا لأنه يمتلك من الثقة ما يكفيه ليعلم أنه سوف يصبح ولو بعد حين مقصداً لمن يبحث عمّا هو جيد، وقد ترى هؤلاء الشباب يا صديقى الذين يأخذون الانا العليا على محملهم من جميع النواحى مثلهم مثل الذين يتركون الفرص الآتية أمامهم لبدء حياة عملية بسيطة قد تكون السبب فى الوصول لحلم أكبر وانشغاله بالنظر إلى النقطة العالية فى مستقبله البعيد المتمثلة فى الـ(Brand) حتى يجد نفسه داخل شارع الشواربى دون أن يدرك أن عمره قد ضاع فى تلك النظرة وأن غيره قد سبقه إلى ذلك الحلم بدخوله ميدان العمل دون وضع معايير فى بداية طريقة للاختيار، حتى يستطيع بعد ذلك أن يختار هو بنفسه وأن يفرض هو قراره..
كذلك هم بنو البشر.. حتى بدا لى بالفعل أن الأشياء التى تراها تبدو أكبر مما هى عليه فى الواقع.