خبراء: الإزالة مستحيلة.. لكن يجب وقف زحفها
الدكتور محمد عبدالباقى، أستاذ ورئيس قسم التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس
اتفق خبراء الإنشاء والتخطيط العمرانى على صعوبة إزالة الأبراج السكنية المخالفة، التى تم بناؤها بشكل عشوائى دون مراعاة للمعايير الهندسية والإنشائية السليمة، وطالبوا الحكومة بضرورة وضع خطة واضحة للتعامل مع المخالفات فى الفترة المقبلة للحد من تنامى هذه المناطق العشوائية».
«عبدالباقى»: «طالبنا الحكومة بعمل حزام أخضر حول الدائرى لمنع العشوائيات لكنها لم تستمع»
يقول الدكتور محمد عبدالباقى، أستاذ ورئيس قسم التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس: «ظهور العشوائيات حول الطريق الدائرى كان متوقعاً، حين قررت الحكومة إنشاء طريق يحزّم القاهرة للحد من نموها، وفى تلك الأثناء قام خبراء الإسكان بإبلاغ الوزارة بأن إنشاء الطريق بهذا الشكل سيكون عنصر جذب للسكان، ولن يتحقق الغرض الرئيسى الذى أنشئ من أجله الطريق، وكنا قد اقترحنا إنشاء منطقة عازلة بمسافة 500 متر، وتكون منطقة خضراء ملك أفراد وليس ملك الدولة، لأن أملاك الدولة من السهل الاستيلاء عليها، وهذه المسافة كانت ستحد من إنشاء مبان حول الدائرى بهذه الطريقة، لكن الحكومة قالت سنقوم بزرع مليون شجرة حول الدائرى، واكتشفنا لاحقاً أنها شجرة واحدة لأن المليون شجرة عبارة عن غابة كاملة، وللأسف حلت مكان الأشجار الآن أكوام القمامة التى تزكم الأنوف».
يضيف «عبدالباقى» قائلاً: «سبب الأخطاء الكثيرة التى وقعت، ولا تزال تقع فيها الدولة حتى الآن، هو عدم الاستماع إلى أهل الخبرة والاكتفاء بأهل الثقة، فرصد المناطق العشوائية يحتاج حالياً إلى إعادة تقييم وينبغى أن يكون هذا الرصد محايداً، ومن جهات مستقلة مثل الجامعات ومراكز البحث العلمى، ومن ثم يمكن الوصول إلى نتائج تناسب الوضع القائم والمستقبل وليس طبقاً للبرامج الزمنية الحكومية وخطط الاستثمار».
ولحل أزمة الطوق العشوائى الذى يحيط بالقاهرة ويخنقها يقول رئيس قسم التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس: «لابد أن تتيح الدولة فى البداية البدائل المناسبة لإبعاد المواطنين عن العشوائيات، لا يوجد أحد يحب السكن فى العشوائيات لكن الظروف تضطره إلى ذلك، هؤلاء يجدون صعوبات هائلة فى الحصول على رخص بناء من الحكومة فيضطرون إلى البناء بشكل مخالف، كما تقوم الحكومة بالمبالغة فى بيع سعر الأراضى وبالتالى لن يشترى هذه الأرض إلا المقتدرون والمستثمرون، وكان من المفترض أن تراعى وزارة الإسكان البعد الاجتماعى فى خططها وليس التنمية العمرانية فقط، من الصعب جداً إصلاح ما حدث، أو إزالة هذه الكتل الخرسانية الهائلة حول الطريق الدائرى بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، لكن كيف سنقوم بحل هذه الأمور فى المستقبل، وكيف نمنع تقدمها لا يجب أن نظل فقط نبكى على اللبن المسكوب، لكن علينا أن نسأل أنفسنا كيف سنواجه زحف العشوائيات فى المستقبل القريب، وهذا التخطيط لن يكتمل بدون الاعتماد على المجتمع المدنى، لأن الحكومة لا تستطيع تنفيذ كل شىء بمفردها».
وعن عدم مراعاة البعد الجمالى فى إنشاء العمارات، يقول عبدالباقى: «الأردن وتونس بهما عشوائيات، لكن المبانى هناك لونها موحد ولونها فى أغلب الأحوال أبيض، رغم ضعف الإمكانيات، وهذا يرجع إلى الذوق العام والثقافة، لكن هنا اللون الأحمر يطغى على المشهد تماماً بدون أى تنسيق، فالارتفاعات مختلفة والشوارع ضيقة وأكوام القمامة متناثرة فى جميع الأرجاء».
محمد سيد، مهندس شاب يعمل فى إحدى شركات المقاولات بمنطقة المرج، يقول «المناطق العشوائية المحيطة بالقاهرة تختلف عن باقى المناطق العشوائية الأخرى، لأن العشوائيات الجديدة شديدة الارتفاع وبالتالى هى أشد خطورة من النوع الأول القديم، وطريقة إنشاء الأبراج السكنية التى يزيد ارتفاعها على 12 دوراً معتمدة على الطرق التقليدية، حيث لا يقوم المقاولون باتباع الطرق الحديثة فى البناء مثل عمل جسات وتحليل التربة لتحديد نوع الارتفاعات، لكن هؤلاء يحفرون ويقيمون القواعد والأعمدة ويرفعون البرج فى أيام قليلة، بل لا يستعينون بأى مهندسين على الإطلاق لأنهم يريدون أن يوفروا أى مبالغ مالية تغنيهم عن استخدام رسومات هندسية أثناء الإنشاء، فكل همهم التوفير مش أكتر».
يضيف «سيد» قائلاً: «فيه مناطق عشوائية طلعت فى وقت واحد فى المرج والخصوص، عرض الشارع 4 متر ومبنى على صف برج 12 دور، كل عمارة مطيرة بلكونة 120 سم، ويتبقى فقط 1 متر ونصف ده بدون بروز منشر الغسيل، الوضع كارثى، والدولة تدفن رأسها فى الرمال بحجة أن هذه العمارات تم إنشاؤها بعد ثورة يناير، لكن يجرى حتى الآن إنشاء وتشطيب الكثير منها حالياً، أصحاب هذه العقارات يركزون على عرض شقق العمارة إيجار مفتوح ليضمنوا تحصيل حوالى 20 ألف جنيه شهرياً، ويبيعونها بسعر 2 مليون ونص أو 3 ملايين، ممكن يكون صرف مليون أو مليون ونصف وكسب مليون ونص، وطبعاً نظام المساهمة والجمعيات ساهمت بشكل كبير فى بناء العمارات، خصوصاً أهل سوهاج، وطبعاً لو المحليات شايفة شغلها ماكانتش العمارات دى كلها طلعت، وفى النهاية كل هذه الأبراج تؤدى إلى تشويه القاهرة بشكل كامل، وستظهر مشكلاتها الكبيرة بعد 10 سنوات، وأحذر من حدوث انهيار فى العمارات مثل عمارات الإسكندرية الجديدة».