«فاطمة».. من «الآداب» إلى «الكروشيه»: «السكة صعبة.. بس مكملة»
«فاطمة».. من «الآداب» إلى «الكروشيه»: «السكة صعبة.. بس مكملة»
قلق دائم راودها قبيل الالتحاق بالجامعة حول إمكانية العمل بليسانس الآداب قسم تاريخ، لم ترد فاطمة عزيز هيكل التفكير سوى فى حبها الشديد لهذا القسم ومواده، وأكدت لنفسها: «ما دمت بحبه يبقى ها تميز فيه» لكن لحظة التخرج أصابتها بالكثير من الحزن، فالعمل بشهادتها فى أى من مجالات «الإرشاد» أو «التربية والتعليم» يتطلب دبلومات تتكلف الكثير من المال والوقت، ولم تكن تملك رفاهية أى منهما.
خرجت بالخامات من حوارى القاهرة القديمة
التحقت الشابة العشرينية بالعمل لدى إحدى عيادات الأطباء، لكنها لم تكن سعيدة للغاية، فلم يكن هذا حلمها قبيل الالتحاق بالجامعة، تذكرت تلك اللحظات السعيدة بالمرحلة الثانوية حين كانت تعمل «الكروشيه»، فكرت فى أن الفرصة لا تزال قائمة برغم الإحباط، وبدأت فى تتبع شغفها بالعمل اليدوى عبر البحث عن ورش العمل المتخصصة: «قلت أجرب أشتغل حاجة بإيدى يمكن أعرف أعمل حاجة حلوة»، تعلمت الكروشيه وشغل الإبرة، فضلاً عن عمل الإكسسوارات لكن الأمر لم يبد مجدياً، حيث كانت تشترى الخامات من محل قريب لها وتبيع الناتج لأصدقائها وزملائها، وكادت تتوقف لولا ذلك الكورس الحكومى الذى حصلت عليه فى تشكيل النحاس، حيث عرفت كيفية تحويله إلى مصوغات، وكذلك الأدوات اللازمة، هنا بدأت تتعرف على مصادر الخامات فى حوارى مصرى القديمة، أماكن لم تتخيل أنها ستلجأ إليها يوماً ما «حارة المزين فى الموسكى، وحارة الصالحية فى شارع المعز، وحوارى جوا حارة اليهود، هناك لقيت عالم مختلف، بدأت أجيب خرز ولعب وأجرب مع نفسى وأدور على الإنترنت وأحاول أعمل حاجة مختلفة بالحاجات اللى جيبتها».
عمل بدأ مع عام 2010 لم يبدأ فى تغطية تكاليفه سوى عام 2015، يسعفها الإنترنت والأعمال الأجنبية بالكثير من الأفكار والمداخل لأذواق مختلفة «معظم الشغل دلوقتى من بره مش من هنا، الأفكار بتطلع بره الأول من صفحات أمريكية وتركية»، ابتكرت فاطمة ماركتها الخاصة فى عالم الصناعة اليدوية «خام» دون أن تنسى شغفها القديم بتخصص كليتها الذى ما زالت تحاول عدم نسيانه بالقراءة المستمرة فى موضوعات دراستها، مع ذلك لا تبارحها الصعوبات برغم نجاحها فى وضع قدمها على أولى درجات الطريق «عاوزة أطور نفسى وأكون أحسن لكن الورش الخاصة غالية جداً والورش الحكومية بتبدأ تسعة الصبح وتخلص خمسة، يعنى ما يحضرهاش غير الناس الفاضية اللى معندهاش شغل» لا تزال فاطمة تعمل فى وظيفة أخرى بأحد المصانع فى مدينة السادس من أكتوبر لتغطى تكاليف الورش التى تلتحق بها من أجل تنمية مهاراتها، تحلم بصناعة اسم لامع فى مجال صناعة الإكسسوارات والأعمال اليدوية، تتمنى لو تسهل الدولة ظروف الالتحاق بالورش الحكومية، بحيث تراعى العاملين الراغبين فى تطوير أنفسهم، فضلاً عن احترام «الصنايعية» لعملهم وعمل الآخرين «بروح لورش نحاس عشان يشكلوا ليًّا حاجات بلاقى ردود فعل غريبة يغيروا السعر المتفق عليه أو ما يسلموش الحاجة فى ميعادها أو يعملوا حاجة مختلفة، السكة صعبة لكن مكملة».