قصص ضرب وإهانة الشباب داخل المنزل: للأسرة وجوه أخرى
صورة أرشيفية
تُعرّف الأمم المتحدة العنف المنزلى بأنه أىّ اعتداء عنيف يقع من سلطة عليا داخل المنزل كالأب أو الأم أو الإخوة الكبار، على من هو أقل منها، ويمكن أن يكون هذا الاعتداء نفسياً أو جسدياً أو جنسياً. وحسب إحصائيات الأمم المتحدة ومكاتبها المختلفة فإن 90% من الأطفال والمراهقين فى مصر يتم تقويمهم بطرق تمُت للعنف بطريقة أو بأخرى وهناك أيضاً نسبة 39% من النساء فى مصر تعتقد أنه من حق السلطة الأعلى -التى بشكل عام تتسم بطابع الذكورية كالأب والأخ- استخدام العنف كوسيلة تأديب وتقويم.
وتعطى الأمم المتحدة وحكومات الدول المتقدمة أهمية كبرى لهذه المسألة، حيث تبلغ خطورة الأمر مدى تدمير شخصيات الأبناء، أو الزج بهم فى طريق العنف والتطرف من خلال دائرة العنف. ودائرة العنف هى حلقة متداخلة بين الأجيال فيتحول الضحية المجنى عليها حالياً لمعتدٍ جانٍ فى المستقبل. وتحارب الأمم المتحدة ودول العالم الأول العنف الأسرى عبر مجموعة من المنظمات الحكومية والأهلية التى توفر الرعاية والعناية النفسية للضحايا، كما توفر لهم المساعدة القانونية.
حكايات يشيب لها شعر الرأس رواها لنا شباب وفتيات رفضوا الإفصاح عن أسمائهم عن مآسٍ تعرضوا لها داخل منازلهم بسبب العنف الأسرى، أسباب لا يرون لها أى منطق جعلتهم يتعرضون للضرب والإهانة والطرد مما أصاب بعضهم باضطرابات نفسية ما زالت تؤثر على حياتهم حتى الآن.
«أنا كنت بأنضرب كتير وأنا صغير. الضرب بالإيد والحزام والشماعة كان شبه يومى، وغالباً كان لأسباب تافهة». هكذا بدأ «كـ. أ»، 20 سنة، حديثه عن العنف الذى تعرض له فى المنزل قائلاً: «مرة من كتر الضرب جالى مشكلة فى أعصاب وشى واضطروا يودونى لدكتور أعصاب، والحمد لله اتحسنت بعد العلاج. كنت بروح المدرسة ووشى متخربش، والناس تسألنى، وأنا أقعد أحاول أخبى وأدارى. كل ده خلانى منعزل. ويمكن مسابش أثر ساعتها ولكن دلوقتى الأثر بان خصوصاً لما بفتكر الأيام دى!».
«أبويا لما عرف إنى بشرب سجاير وأنا فى 6 ابتدائى لقيته مستنينى لما روّحت، وقعد يتكلم معايا عادى ولكنه فى مرة واحدة اتحول وزنقنى فى ركن الأوضة ونزل فيّا ضرب وشتيمة. ربطونى فى السرير وقعدوا يبدلوا عليّا هو وأمى لمدة 3 ساعات مثلاً. وحرمونى من المصروف وبقيت بتسول من العيال فى المدرسة». واستطرد «ع. أ»، 21 سنة، فى حديثه عن العنف الذى تعرض له قائلاً: «ولما وصلت أولى ثانوى أبويا شافنى واقف مع واحدة صاحبتى، وساعتها فضحنى فى المنطقة وشتمنى قدام الناس. وللأسف مكفاهوش منظرى اللى خلاه زى الزفت، لا كمان طردنى من البيت. لمدة 3 أيام كنت بروح أبات وآكُل عند صحابى».
بدأت «ت. س»، 22 سنة، حديثها عما تعرضت له من عنف: «أبويا ضربنى فى حياتى كلها أربع مرات وفى كل مرة كنت هموت فى إيده. مرة كنت بتكلم مع أمى وبنهزر فصوتنا على، فأبويا خرج من أوضته وقعد يضرب فيا لحد ما وشى ورم وجالى ساعتها انهيار عصبى وقعدت أعيط وأصوت لحد ما أغمى عليّا، بعدها عمل نفسه زعلان عشان مروحش أعمل فيه محضر، بس كررها وضربنى تانى بعد كده!»، واستكملت «ت.» قائلة: «مرة بالصدفة شافنى بكلم واحد وقف بالعربية قدام البيت فافتكره جاي لى فنزل ضربه وشتمه فى الشارع وبعد كده كمل عليّا ضرب فى البيت. بعد كل ده بيستغربوا ليه أنا بكرهه!».
«أنا أبويا طول عمره عنده مشاكل مع السيطرة على الغضب ومن كتر ما بيتعصب وبيتصرف بطرق عنيفة معانا بحسه مجنون أو مضطرب نفسياً».. هكذا بدأت «ج. د»، 20 سنة، حديثها عما تعرضت له: «مرة رمانى بطبق وكوباية مياه من ع السفرة لأنه لقانى حاطة مونيكير أحمر وحلف إنه هيطردنى بره البيت لو لقانى حاطة أى مكياج أو مستحضرات تجميل. ومرة تانية كسر الجيتار بتاعى على جسمى لما جبت درجة مش حلوة فى امتحان فى المرحلة الثانوية. ومرة اتأخرت بره البيت فكان فاكرنى بره مع ولد، فضربنى لما روّحت وزنقنى فى ركن الأوضة وحلف إنه يقص شعرى وجاب سكينة ومقص ولكن الحمد لله أمى عرفت توقفه المرة دى. وبعد كل ده يقولوا لى بتكرهيه ليه!». من جانبه أبدى دكتور الطب النفسى جمال فرويز رأيه فى ظاهرة العنف الأسرى فى مجتمعنا قائلاً: «العنف الأسرى ده للأسف ظاهرة عالمية موجودة فى كل الدول والمجتمعات لاختلاف طبقاتها وتقدمها. والعنف ده بينقسم لنوعين وهما العنف الإيجابى والسلبى، والإيجابى هنا هو المعتمد على اللفظ والحركة، أما السلبى فهو اللى نقدر نقول عليه بيحرق دمك وهو ساكت كده. وممكن نقول إن أسباب العنف بتتنوع، فممكن تكون بسبب الضغوط بتاعة الحياة والزحمة وممكن تكون بسبب المخدرات. أما عن نتايج العنف الأسرى فممكن نقول إنه بيتسبب فى العديد من الأمراض النفسية زى الإحباط والاكتئاب والهستيريا وكمان ممكن يساعد فى ظهور أمراض نفسية كان لها أساس جينى زى الفصام مثلاً».
واستطرد دكتور جمال فى حديثه عن مناهضة العنف الأسرى: «دلوقتى بره فيه منظمات أهلية بتساعد الضحايا نفسياً وقانونياً، وهنا فى مصر ظهر مؤخراً منظمات حكومية وأهلية لمساعدة الستات والأطفال من ضحايا العنف الأسرى وإن شاء الله نشوف جانب قانونى تشريعى قوى يقدر يمنع الممارسات دى قريب».