أزمة سوريا تُفجّر خلافات «القاهرة والرياض» وتنقلها إلى العلن
الشعب السورى المتضرر الوحيد من الحرب
لفترة طويلة، حاولت مصر والسعودية إخفاء خلافاتهما بشأن الأزمة السورية عن الأوساط العلنية، وكان التأكيد المستمر على ضرورة التعاون «العربى - العربى» لمواجهة الإرهاب والتدخُّلات الغربية، إلا أن ما حدث فى مجلس الأمن قبل عدة أيام نقل الخلاف حول الأزمة السورية من السر إلى العلن، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتُّر بين البلدين، وهو ما أثار جدلاً حول نوايا كل من مصر والسعودية حول ما يحدث فى سوريا، خصوصاً فى ظل دعم السعودية للجماعات المعارضة المسلحة، فى وقت ترفض فيه مصر مثل هذا الدعم، وتدعو إلى الحفاظ على وحدة الدولة السورية.
«أسوشييتدبرس»: مصر رفضت الانسياق وراء السعودية فى معاركها الإقليمية
وكالة أنباء «أسوشييتدبرس» الأمريكية، سلطت الضوء على الخلاف الذى ظهر بقوة خلال اجتماعات مجلس الأمن، مؤكدة أن «هذا الخلاف هو الأزمة العلنية الأولى بين حليفين قويين ويُعدّان من أهم موازين الدول العربية فى المنطقة»، لافتة إلى أن «الخلاف قد يكون بشأن سوريا، لكنه يُسلط الضوء على خلاف أوسع وأكبر فى تعامل الرياض والقاهرة مع الأزمات الإقليمية المختلفة، خصوصاً بعد أن كانت الدولتان تفعلان كل ما فى وسعهما لإخفاء هذا الخلاف، وتأكيد فقط قوة ومتانة العلاقات بين البلدين». وتابعت الوكالة الأمريكية: «مصر ترفض أن تنجر خلف السعودية فى معاركها الإقليمية الطائفية التى تسعى للانتصار فيها، فمثلاً، ترفض مصر دعم الجماعات المسلحة فى سوريا، وترى أن الحل السياسى هو البديل الأمثل، كما ترفض مصر أن تنجر وراء السعودية فى خلافها الطائفى الذى تسعى لتأجيجه يوماً تلو الآخر مع إيران، فى وقت تحتفظ فيه القاهرة نفسها بقنوات اتصال مع طهران». من جانبها، أشارت شبكة «سى إن إن» الأمريكية، إلى أن السبب الأساسى فى دعم المملكة السعودية للجماعات المسلحة فى سوريا، هو مخاوفها من النفوذ الإيرانى الذى باتت ترى بداياته على 3 جبهات من حدودها، فى سوريا وفى العراق وفى اليمن، وهو ما دفع المملكة مباشرة إلى محاولة تغيير واقع النزاع السورى من خلال الدعم المكثّف للجماعات الإسلامية المسلحة، بغض النظر عن تداعيات صعود تلك الجماعات وسيطرتها على المناطق السورية فى المستقبل. وأضافت الشبكة الأمريكية: «بات واضحاً أن المملكة السعودية لها هدف واضح فى سوريا، وهو الإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد، بغض النظر عن أى تداعيات محتمَلة، ولهذا تحديداً قرّرت السعودية أن تُجرى مناورات (رعد الشمال) مع أكثر من 20 دولة، من بينها مصر قبل عدة أشهر، بهدف إرسال رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولى بأنها تمتلك القوة العسكرية اللازمة للتدخُّل بقوة فى سوريا وإزاحة (الأسد) عن الحكم». فى 17 أغسطس 2014، أرسلت المرشحة الأمريكية الحالية للرئاسة، وزيرة الخارجية السابقة، هيلارى كلينتون، برقية إلى دوائر صُنع القرار، تطالب فيها بتفعيل ضغوط مكثّفة على قطر والمملكة العربية السعودية لوقف تمويلهما جماعات الإرهاب فى سوريا. وقالت «كلينتون»، وزيرة الخارجية آنذاك: إنه «فى الوقت الذى تواصل فيه الولايات المتحدة جهودها العسكرية وشبه العسكرية فى سوريا، فإنه يجب تفعيل الضغوط الدبلوماسية والاستخباراتية ضد حكومتى السعودية وقطر، لإجبارهما على وقف تمويلهما جماعات الإرهاب، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابى وجماعات إسلامية متطرّفة أخرى. ولهذا أعتقد أنه من اللازم تعزيز جهود دعم حكومة كردستان فى العراق، بهدف خلق عنصر توازن ضد تحركات قطر والسعودية فى نزاعهما المستمر للسيطرة على العالم السنى».
موقع «المونيتور» الأمريكى نقل عن خبراء فى العلوم السياسية والعلاقات بين البلدين، قولهم إن «الخلاف بين مصر والسعودية يرجع إلى سببين، أولهما والأبرز هو موقف مصر من رفض التدخّل العسكرى فى سوريا وتفتيت الدولة، أما الثانى وهو الأقل بروزاً للرأى العام، فهو الخلاف بشأن الأزمة اليمنية، حيث إن مصر رفضت أن تتورّط بشكل أكبر فى الأزمة اليمنية، كما أنها رفضت أن تُرسل قوات على الأرض للقتال فى اليمن»، مضيفاً: «مصر ليست حليفاً للنظام السورى، لكنها تعلم تماماً أن أى محاولة للإطاحة بنظام (الأسد) من خلال دعم الجماعات المسلحة المعارضة، سيكون لها تداعيات إقليمية تؤثر على المنطقة»، لافتاً إلى أنه «من غير المرجّح أن تتخذ مصر موقفاً صريحاً داعماً للرئيس السورى، سواء على المستوى السياسى أو العسكرى أو الدبلوماسى، لكن الموقف المصرى الرافض للتدخّل العسكرى يرجع إلى رغبة القاهرة فى تحقيق مصالحها الإقليمية، كما أن مصر لن تدعم (الأسد) صراحة، لأن هذا يعنى بالتبعية دعم المصالح الإيرانية فى سوريا، بالإضافة إلى أن مصر ترفض دعم المعارضة السورية على أى مستوى، حيث إن هذا الدعم تنظر إليه مصر على أنه يسعى للإطاحة بالرئيس السورى دون وجود حل سياسى لاحتواء الفوضى مستقبلاً».