عطيات أبوالعينين: اكتشفت بعد سنوات أن الصورة التى يحتفظ بها والدى فى محفظته الشخصية.. لعبدالناصر وليست لجدى
عطيات أبوالعينين
بيدها الصغيرة كانت تعبث بمحتويات محفظة والدها الشخصية التى كانت تضم صورة صغيرة لشخص لا تعرفه بجانب الجنيهات الحمراء، ظلت سنوات عدة تعتقد أن صاحب هذه الصورة جدها الذى لم تره من قبل، لكن مع مرور السنين اكتشفت أن الصورة التى يحملها والدها ليست لجدها وإنما للرئيس جمال عبدالناصر، لم يكتف والدها بذلك بل علق صوراً كثيرة للزعيم على حوائط البيت، وحرص على اقتناء المزيد من الصور الجديدة، وهو ما تكرره الدكتورة عطيات أبوالعينين الإعلامية والكاتبة الروائية، لكن فى صورة أخرى، حيث تقوم بمشاهدة خطب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر التاريخية على الإنترنت بصورة منتظمة بصحبة زوجها الإذاعى والروائى الدكتور صلاح معاطى.
حصلنا على تعليم جيد فى عهده.. وعصر الثقافة الذهبى وقتها لن يتكرر
تحتفظ «أبوالعينين» ببعض المشاهد القديمة التى عاصرتها فى حياة الزعيم جمال عبدالناصر قبل وأثناء تهجير أسرتها من مدينة بورسعيد إلى دمياط رغم صغر سنها وقتئذ، وتتذكر قسوة الحرب وما تبعها من معاناة، لكنها لم تنس التعليم الجيد الذى حصلت عليه فى أواخر الستينات وأوائل السبعينات، وهو نفس التعليم الذى حصل عليه أحمد زويل ومجدى يعقوب وباقى العلماء المصريين المرموقين، كما تذكر كتب المكتبة الثقافية، وكتب ومطبوعات قصور الثقافة التى تربت عليها ونهلت منها حتى أصبحت كاتبة روائية صدر لها 30 كتاباً مطبوعاً متنوعاً بين الأدب والسيرة الذاتية وعلم النفس والسياسة.
تؤمن الكاتبة الروائية أن العصر الذهبى للثقافة المصرية كان فى عصر عبدالناصر، حيث كان يتم نشر كتاب جديد كل 6 ساعات، وكان المسرح يعيش أزهى عصوره ومعه السينما والأدب، فوجود شخصيات مثقفة أمثال عباس العقاد وطه حسين ومحمد حسنين هيكل ويوسف السباعى، وفنية مثل أم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ لم يكن صدفة، لأن الجو الثقافى كان مثالياً يساعد على إظهار المواهب وتقديمها للجمهور بدون واسطة، لكن الرؤساء الذين خلفوه اهتموا بالشكل على حساب الجوهر، مثل مهرجان القراءة للجميع الذى كان يتم تحت رعاية سوزان مبارك، حيث كانت الأعمال المقدمة فيه هزيلة جداً والجوائز الأدبية القيمة كانت تذهب إلى الموالين للنظام دون النظر إلى قيمة ما يقدمه الكتاب والروائيون - وفق اعتقادها.
رغم وفاته منذ 46 عاماً فإن عبدالناصر لا يزال حياً داخل وجدان الكاتبة عطيات أبوالعينين لأنها تربت على عشق أسرتها له بعد أن فتحت عينيها على الدنيا، وفتشت بنفسها عن سبب هذا الحب فوجدته منطقياً لأسباب عدة، فعبدالناصر ابن الطبقة المتوسطة والفقيرة الذى أنهى الاستبداد والإقطاع، المثقف الذى كان يحب المثقفين ويشجعهم على الإبداع، بل كان يحضر حفلات أم كلثوم بنفسه، عند وفاته لم يترك لأبنائه ملايين الجنيهات لينعموا فيها مثل باقى الرؤساء الآخرين، كان نزيه اليد ويقدس الحياة الأسرية ومتديناً، لكنه لم يسلم من تشويش الحاشية التى أوقعته فى بعض الأخطاء.
ترى «أبوالعينين» أن ناصر «رجل وطنى صميم»، صاحب حلم تحقيق الوحدة العربية، وراعى انتشار الثقافة والأدب المصرى فى جميع أنحاء العالم العربى وكان يعتبره من أدوات القوة الناعمة وقد كان، أما السادات وبرغم دهائه السياسى فإنه لم يستطع تكرار تجربة ناصر الثقافية، ومبارك اهتم بالشكل على حساب المضمون فكانت النتيجة ما وصلنا إليه الآن.
لو خُيرت الدكتورة عطيات أبوالعينين بين العودة للوراء والعيش فى الحقبة الناصرية أو الساداتية أو المباركية لاستبعدت الفترة الناصرية بشدة رغم حبها لعبدالناصر وتجربته السياسية وحلمه الذى عاش من أجله وهو الوحدة العربية، لأكثر من سبب لأنها عاصرت بنفسها قسوة الحرب وأيام القصف والتهجير، وشظف العيش، والحرمان.
حصلت «أبوالعينين» المولودة فى مدينة بورسعيد على ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة عين شمس، قبل أن تحصل على درجة الماجستير والدكتوراه فى الآداب والفلسفة، وصدر لها حديثاً رواية «السعار» التى تتعرض للمشكلات الاجتماعية التى نعيشها فى حياتنا اليومية، وقد سبق للكاتبة أن قدمت لنا روايتى «مهسورى»، و«رقص العقارب»، وهما من أدب الخيال العلمى.
وحصلت «أبوالعينين» على جائزة قصور الثقافة عن «مهسورى» عام 2010، كما فازت رواية «رقص العقارب» فى الرواية على مستوى الوطن العربى بجائزة التميز فى مسابقة عماد قطرى الأدبية، وكتبت موسوعة «أطفال حكموا العالم» الصادرة عن دار المعارف، كما صدر للكاتبة مجموعات قصصية «ضرتى - مرارة المشمش - طعم الذكريات»، وقدمت سيرة «مهاتير محمد»، ضمن موسوعة مشاهير العالم عن دار الفاروق، والقزم الحزين عن الهيئة، وبلغ مجمل أعمالها ثلاثين عملاً علاوة على كتبها فى علم النفس.