«التعديل المحدود» لم يحمل جديداً.. والمشاكل تفاقمت بسبب العجز عن ضبط سعر الدولار.. والأزمة الاقتصادية الصعبة سر «صبر» البرلمان عليها
جانب من اجتماع مجلس الوزراء برئاسة شريف إسماعيل
لم تكد حكومة «شريف إسماعيل» تثبت كفاءتها عبر النجاح فى اختبار الانتخابات البرلمانية، حتى حاصرتها أزمات السياحة وسقوط الطائرة الروسية، وارتفاع الأسعار وزيادة الدين العام، ونقص الأدوية، وعثرات التعليم.
«بدر الدين»: الحكومة فشلت فى إدارة الأزمات وأكدت أنها غير قادرة على حل مشكلات المواطنين ولا تمتلك برنامجاً واضحاً
وفى أول شهر من عمرها اجتازت حكومة إسماعيل اختبارها الأول بنجاح، عبر تنظيمها الانتخابات البرلمانية على مرحلتين، رغم الشكوك فى قدرتها على الإيفاء بمتطلبات الانتخابات اللوجسيتية والأمنية، إلا أنها سرعان ما اصطدمت بكارثة سقوط الطائرة الروسية فى سيناء نهاية أكتوبر 2015، ما أدى إلى إجلاء الدول الأجنبية رعاياها، خاصةً بعد إعلان تنظيم «داعش» مسئوليته عن تفجير الطائرة، ما أدى إلى توقف السوق السياحية تماماً فى جنوب سيناء والبحر الأحمر.
ولا تزال الاجتماعات المشتركة بين ممثلى الحكومة والوفود الأمنية الروسية والبريطانية مستمرة، من أجل التوصل لاتفاقات مشتركة لإعادة الحركة السياحية مجدداً إلى مصر.
وسقطت الحكومة مبكراً فى «دوامة» أزمة نقص الأدوية، التى ظهرت لأول مرة فى أكتوبر 2015، وحاولت وزارة الصحة معالجتها فى مايو 2016 بتحريك أسعار الأدوية بنسبة 20%، للعقاقير الأقل من 30 جنيهاً، قبل أن يزداد الأمر صعوبة بعد أزمة نقص الدولار، مع تلويح الشركات المصنعة للأدوية بالتوقف عن الإنتاج حال عدم قيام الحكومة بالإسراع فى توفير آليات الحصول على العملة الصعبة لاستيراد المواد الخام.
«عيسى»: عجز الموازنة وصل إلى 319 مليار جنيه والأزمة الاقتصادية لا تتحملها الحكومة الحالية وحدها
وربما تكون أزمة «تسريبات امتحانات الثانوية العامة» من كبرى الأزمات التى واجهت الحكومة، فعلى الرغم من التأكيدات المستمرة لوزارة التربية والتعليم قبل بداية الامتحانات، بأن المنظومة الأمنية للامتحانات مؤمنة بنسبة كاملة، ورغم وعود الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم، لرئيس الوزراء بالإعلان عن المتسببين فى تسريب الامتحانات من داخل الوزارة خلال أيام، ولكن حتى كتابة هذه السطور ما زال الفاعل مجهولاً.
«خفض عجز الموازنة العامة وزيادة الاستثمارات»، كان شعار حكومة شريف إسماعيل منذ اليوم الأول، عن طريق تقليل الفجوة بين قيمة الدولار والجنيه المصرى، لكن الأزمات الاقتصادية المتتالية، وتحكم السوق السوداء فى سعر صرف العملة الأجنبية، بالتزامن مع انخفاض الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية لمصر بنسبة 1.76 مليار دولار بالبنك المركزى، اضطرت الحكومة إلى اللجوء لفكرة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى، فى محاولة لخفض العجز، وسط انقسام شعبى وسياسى حول جدوى اللجوء لصندوق النقد الدولى، وتخوفات من إجراءات تقشفية تضرب محدودى الدخل.
وجاءت أزمة «صوامع القمح» لتزيد من حيرة الحكومة، خاصة بعدما كشفت اللجنة البرلمانية المشكلة للتفتيش على صوامع القمح، عن مخالفات بمئات الملايين، واتهامها المسئولين عن التفتيش بوزارة التموين بالتقاعس عن إحكام رقابتهم على الصوامع والشون مما تسبب فى ذلك التلاعب.
واضطر شريف إسماعيل لإجراء أول تعديل وزارى على حكومته فى مارس الماضى، شمل عشر حقائب وزارية، حيث استُبدل وزراء الاستثمار والمالية والسياحة، كما شملت التغييرات وزارات العدل والآثار والرى والقوى العاملة وقطاع الأعمال العام والطيران والنقل، وتضمن التعديل المحدود تعيين أربعة نواب للوزراء.
يقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: الحكومة فشلت فى إدارة الأزمات التى واجهتها خلال فترة توليها المسئولية، مشدداً على أنه ليس من المهم أن يتم الاتفاق على الشخصية التى تتولى مهام رئاسة الوزراء، بقدر وجود برنامج واضح وخطة للدولة تستطيع من خلالها أن تقدم ما يريده المواطن البسيط، لافتاً إلى أن الحكومة لا يمكن لها أن تقدم استقالتها لأن العرف يكون إما سحب الثقة عن طريق البرلمان، أو إقالتها من قبل رئيس الجمهورية.
وأوضح أن الحكومة خلال الفترة الماضية أكدت أنها غير قادرة على حل مشكلات المواطنين، ولا تمتلك سياسات محددة لحل أى أزمة قد تطرأ فجأة، مستشهداً بالأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى، ومشكلة تسريب الامتحانات بالثانوية العامة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية على المواطن البسيط.
فيما جاء تقييم النواب للحكومة متبايناً، فالبعض يرى ضرورة الصبر عليها بسبب الأزمة الاقتصادية الصعبة التى تمر بها الدولة، خصوصاً أنها نتيجة تراكمات الأعوام الماضية، فيما يرى آخرون أنها فشلت فى تلبية طلبات الشارع والوفاء بخدمات المواطنين وفى النهاية المواطن هو من يدفع الثمن.
وقال النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان المستقيل، إنه على مدار عام من تكليف حكومة شريف إسماعيل اتسم أداؤها بالفشل، مضيفاً: «هذا العام لم ينجح فيه أحد سوى المواطن البسيط الذى تحمل أخطاء الحكومة ودفع الثمن وحده».
وتابع «السادات»: «الحكومة فشلت فى إدارة الأزمات المتتالية ولم تحقق نجاحاً يذكر سواء على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى، أو حتى فى تصحيح الصورة المغلوطة عن مصر خارجياً، ولم تتمكن من وقف سيل الهجوم المستمر علينا فى كل المنتديات والفعاليات الحقوقية الدولية وآخرها مؤتمر حقوق الإنسان فى جنيف، فهى تعمل دون خطة واضحة، واتجهت لسياسات اقتصادية خاطئة لعلاج العَرَض، دون أن تلتفت إلى المرض وأسبابه، واعتمدت بشكل أساسى على سياسة الاقتراض الخارجى، ولم تهيئ المناخ المناسب لجذب استثمارات جديدة، ما أرهق محدودى الدخل».
وقال الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة، إن تقييم أداء الحكومة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد أمر ليس بالسهل، خصوصاً أن المرحلة حرجة والحكومة بذلت جهداً كبيراً فى مواجهة الأزمة الاقتصادية التى تشكلت بالتراكم فى السنوات الماضية، فضلاً عن تراجع الدخل بتوقف السياحة، التى كانت تحقق أكثر من 15 مليار دولار سنوياً، ما أثر على العملة الأجنبية، كما أن هناك تراجعاً فى الصادرات نتيجة تعثر الكثير من المصانع وتراجع الإنتاج، وكل تلك الأزمات أدت لارتفاع سعر الصرف، وسببت الأزمة التى انعكست بشكل أو بآخر على المواطنين.
وأشار «عيسى» إلى أن عجز الموازنة فى العام المالى الحالى، وصل إلى 319 مليار جنيه، ما زاد معدل التضخم، وبالتالى فإن الأزمة الاقتصادية لا تتحملها الحكومة الحالية وحدها، إلا أنه بالنظر لأداء بعض الوزارات، يتضح أنه سيئ، ولم يتضمن أفكاراً من خارج الصندوق، فى الوقت الذى يعمل رئيس الجمهورية بكل جهد فى كافة الملفات.
وتابع: «أرى أن الأداء الحالى للحكومة بشكل عام لا يتواكب مع أداء الرئيس، ومساعيه، خصوصاً الوزارات الخدمية، التى لم تحقق شيئاً من طموحات الناس فى التعليم والصحة».
وقال همام العادلى، رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى، إن أداء الحكومة لا يمكن تقييمه بأكثر من «مُرضٍ»، على قدر استطاعتها، إلا أن هناك سلبيات فيه لا يمكن إغفالها مثل عدم استجابتها لمطالب الشارع الخدمية، وعدم متابعة المشروعات القومية، كما أنه فى عهدها تحول الدولار من عملة إلى سلعة.
وأضاف «العادلى»: «الحكومة بطيئة تحركها ردود الفعل، وهى لا تواكب تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومن سلبياتها العمل بأسلوب الجُزر المنعزلة، فلا تنسيق بين أعضائها، ومن أمثلة ذلك أنك تجد مدرسة بعد تجهيزها لا تستقبل الطلاب لعدم وجود عداد كهرباء مثلاً، وعموماً ما يجعلنا نصبر عليها هو الظرف الاقتصادى الصعب الذى تمر به الدولة».