آفاق جديدة لخلافات واشنطن وموسكو بشأن الصراع في سوريا
صورة أرشيفية
أخذت الولايات المتحدة وروسيا خلافاتهما بشأن الصراع في سوريا إلى آفاق جديدة، بعد أن تبادلا في مجلس الأمن الدولي مزاعم بالنفاق وارتكاب أعمال منافية للقانون.
فبعد اجتماع شهد انقساما الأربعاء، من المقرر أن يتجادل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف مرة أخرى بشأن سوريا في تجمع لنحو 20 دولة لها اهتمام بالشأن السوري. يأتي اجتماع اليوم الخميس للمجموعة الدولية لدعم سوريا بعد أن ألقى كيري ولافروف باللائمة على بعضهما البعض في إفساد وقف إطلاق النار في سوريا والذي جرى التوصل إليه قبل أسبوعين فقط.
وسط تشاؤم عميق حول ما إذا كان يمكن إعادة إحياء الهدنة، كان من المفترض أن تدرس المجموعة دعوة الولايات المتحدة لكل الطائرات الحربية لوقف رحلاتها فوق طرق المساعدات بعد هجوم على قافلة إنسانية قرب حلب المحاصرة واقتراح روسيا بهدنة لثلاثة أيام في القتال وإعادة ما أطلق عليه "وقف الأعمال العدائية" مرة أخرى. لكن الدبلوماسيين قالوا إن مؤشرات نجاح أي فكرة منهم مازالت غير واضحة.
اجتماع الخميس يأتي بعد اتهام الرئيس السوري بشار الأسد للولايات المتحدة بالوقوف خلف انهيار وقف إطلاق النار في مقابلة مع أسوشيتد برس في دمشق.
وقال الأسد إن الولايات المتحدة تفتقر إلى "الإرادة" للتعاون مع روسيا في قتال المتطرفين ورفض مزاعم واشنطن بأن الغارات الجوية الأسبوع الماضي على قوات سورية كانت غير متعمدة.
وجهات النظر المتعارضة بشدة لواشنطن وموسكو ظهرت في اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي كان يدعو في الأساس لاحترام هدنة يوم 9 سبتمبر.
بدلا من ذلك، أعربت القوى الدولية عن أسفها لاحتمال وجود مرحلة أكثر قتامة في الصراع السوري وسط تزايد الهجمات على العاملين في المجال الإنساني. وفي لغة حادة بشكل غير معتاد، أوضحت الدول السبب وراء عدم قدرتها على وقف الحرب الأهلية السورية الممتدة منذ خمس سنوات.
وقال كيري، الذي بدا غاضبا، للمجلس "يفترض أننا جميعا نسعى لنفس الهدف. لقد سمعت ذلك مرارا وتكرارا".
وأضاف "الجميع يجلسون هنا ويقولون، نريد سوريا موحدة، وعلمانية، ونريد احترام حقوق جميع المواطنين، وأن يتمكن الشعب السوري من اختيار قياداته. لكننا نثبت بأن قدراتنا غير كافية بالمرة لنعود إلى الطاولة بحيث يكون هناك حوار من أجل تحقيق ذلك".
وفي حين تعارضت رؤى الولايات المتحدة وروسيا في السابق حول عدة قرارات مقترحة تنتقد الحكومة السورية، فإن جدول أعمال أمس الأربعاء لم يشتمل على مسار عمل مقترح. وبدلا من ذلك، اعتبرت المناقشة التي امتدت ساعتين بالأمس تجهيزا لاجتماع اليوم الخميس في نيويورك الذي سيحضره كيري ولافروف ونظراؤهما من أكثر من 10 دول أوروبية وعربية.
واتهم كيري روسيا، موبخا ما صوره كرد فعل ساخر على غارة جوية ضد قافلة مساعدات إنسانية هذا الأسبوع قتل فيها 20 مدنيا، وأثارت "شكا عميقا" حول استعداد روسيا وسوريا إلى الالتزام بوقف إطلاق النار.
وتعتقد الولايات المتحدة أن طائرة روسية نفذت الغارة، حسبما قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى، الذي لم يكن مخولا بالتحدث علنا في هذا الشأن، وطلب عدم الكشف عن هويته.
ونفت روسيا ادعاءات الولايات المتحدة بمسؤولية موسكو عن الغارة، ولكن كيري ركز على تحويلها لتفسير ما قد يكون قد حدث. حيث قال كيري إنه في أول الأمر وصف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم بأنه "رد ضروري" على هجوم مزعوم من قبل متشددين مرتبطين بتنظيم القاعدة في أماكن أخرى من البلاد. ثم قال السفير الروسي إن القوات كانت تستهدف منطقة أخرى.
وأضاف كيري أن وزارة الدفاع الروسية أعقبت ذلك بقولها إن قافلة المساعدات كانت برفقة متشددين يستقلون شاحنة صغيرة ومعهم قذيفة هاون، وأوضح أنه لا يوجد دليل على مثل هذا الأمر. ثم نفت الوزارة أي تورط روسي أو سوري حسبما أشار الناطق باسمها، وبحسب وصف كيري فإن "الغذاء والدواء احترقا بطريقة عفوية."
وقال كيري "هذه ليست مزحة"، حاثا الجميع على وقف "الألعاب الكلامية التي تخلي المسؤولية أو تتجنب الخيارات، بشأن الحرب والسلام، والموت والحياة."
حجج كيري تقاطعت مع بيان آخر للحكومة الروسية، والذي أشار هذه المرة إلى أن طائرة بدون طيار تابعة لتحالف أمريكي كانت تعمل في مكان قريب عندما وقع الهجوم على القافلة. وقال البنتاغون إنه لم تكن هناك طائرة بدون طيار في المنطقة في ذلك الوقت.
كانت تلك واحدة من النقاشات الأكثر مرارة لكيري مع موسكو كوزير للخارجية، وغلب عليها الذم والغضب.
لكن كيري قدم اقتراحا محددا لإحياء الآمال الدبلوماسية في سوريا، وهو عدم تحليق الطائرات في المناطق الرئيسية، والتركيز على حماية الطرق الرئيسية في شمالي سوريا. ولم يتضح ما إذا كانت سوريا وروسيا ستوافقان عليه.
وتحدث كيري مباشرة عقب كلمة لافروف، الذي أكدت تصريحاته وقوع انهيار محتمل في الثقة بين الدولتين اللتين توسطتا للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وشراكة عسكرية محتملة بينهما لمواجهة تنظيمي الدولة والقاعدة منذ 12 يوما.
وأشاد جانب كبير من المجتمع الدولي بهذا الاتفاق، وأعربوا عن أملهم في مشاهدته على الأرض وسط تصاعد أعمال العنف التي تضمنت شن غارة امريكية عن طريق الخطأ تسببت في مقتل اكثر من 60 جنديا سوريا.
وقال لافروف إن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأكبر بشأن السلام عن طريق فصل قوات المعارضة عن الإرهابيين. ودعا الامم المتحدة لتوسيع قائمة الارهاب لتشمل جماعات تحت مظلة مدعومة من الولايات المتحدة ووصفت الغارة الجولة الأمريكية "بالخرق الفاضح".
كما استشهد الجانب الروسي أيضا بسلسلة انتهاكات للهدنة من قبل جماعات معارضة مدعومة من الولايات المتحدة بالقرب من مدينة حلب شمال البلاد.
وفي تلميح صريح لواشنطن، قال لافروف إن الصراع في سوريا، وكذلك العراق وليبيا، جاء "نتيجة مباشرة للتدخلات العسكرية الأجنبية والهندسة السياسية".