محاولات تقسيم مصر سياسياً إلى فريقين متصارعين أحدهما يمثل نظام الحكم والثانى يمثل المعارضة، بزعم وجود صراع سياسى بمظاهر مسلحة ومن أجل تدخل وساطة دولية لإدارة حوار بين الفريقين على غرار ما يجرى فى سوريا أو ليبيا، هى محاولات محكوم عليها بالفشل.
مصر دولة مؤسسات شرعية منتخبة من الشعب بانتخاب حر مباشر، وتحت مظلة الدولة تدور منافسة سياسية بين أحزاب ومتنافسين حزبيين فى عملية ديمقراطية صريحة ومباشرة، ويقود هذه الإدارة رئيس منتخب من عملية انتخابية مباشرة بين أكثر من منافس وتحت متابعة دولية ومحلية أقرت جميعها بصحة كل إجراءات العملية الانتخابية، واعترف المنافس فيها بفوز الرئيس.
الوساطة السياسية الخارجية أو الدولية بين أطراف نزاع ما تتطلب شروطاً محددة، أبرزها عدم وجود دولة بوثائقها ومؤسساتها وأدواتها، أو وجود صراع سياسى مسلح بين فصائل شعبية متصارعة فى إطار حرب أهلية، أو دولة حديثة التأسيس عجزت الأطر المؤسسة ذات الجذور المتنوعة عن بلوغ التوافق على تأسيس الدولة.
فى مصر حالة مختلفة تماماً، إذ إن ثورة شعبية هبت لإسقاط نظام «حكم المرشد»، وانتخبت رئيساً وأصدرت دستوراً واختارت برلماناً متنوع الاتجاهات والانتماءات، وشذ عن مبدأ الالتزام بالإرادة الشعبية جماعة تحولت إلى العنف والإرهاب، ترفض الانصياع للإرادة الشعبية، واختارت العنف والإرهاب وسيلة للصراع مع الدولة وأداة ضاغطة من أجل فرض نفسها على الإرادة الشعبية.
نسمع أحياناً عن مؤتمر أو ندوة دولية لمناقشة الأوضاع فى مصر تذهب إلى طرح مبادرة سياسية لتحقيق المصالحة أو التوافق فى مصر بين الأطراف المتنافسة وتنتهى دوماً بالفشل لأن الواقع يؤكد أنه لا أطراف ولا يحزنون فى مصر، وإنما دولة بكل مؤسساتها لا تحتاج لمبادرات لإدارة حوار، لأن الحوار دائر بالفعل داخل الوطن بين مكوناته بمختلف انتماءاتها وأحزابها وجماعاتها.
الفيلم الهندى الجديد اسمه «مبادرة واشنطن»، التى صدرت قبل أيام بمشاركة غامضة فى التنظيم والتمويل ولم يعلن سوى عن أربعة أو خمسة أسماء من المشاركين جميعهم من المحسوبين على هذه الجماعة ومن المنتمين لها، وحسب مواقع إخوانية شارك عبر الفيديو بعض أسماء تعرض أحدهم الذى يطرح نفسه بديلاً سياسياً إلى حرج بالغ دفعه لمغادرة الحوار، لم نعرف من هم المشاركون الذين اعتبروا أنفسهم أصحاب مبادرة للتحرك بها دولياً من أجل تحقيق تسوية لما يزعمون أنه صراع سياسى فى البلاد.
الملاحظ أن هذه المبادرة تواكبت مع حملات إعلامية تقوم بها مواقع الإرهابيين وجماعات «المتنطعين»، وعمليات تحريض ممنهجة على التظاهر والثورة على نظم الحكم، وسط محاولات لإثارة حالة كراهية ضد الرئيس وضد الجيش المصرى، وربما يمثل هذا التوافق فى التوقيت مغزى ومعانى محددة ترتبط بتصعيد الضغوط من أجل دفع النظام لقبول الحوار السياسى مع هذه الجماعات.
اعتقادى أن مزاعم قادة هذه الجماعة إنكار صلتهم بمبادرة واشنطن بل هجوم البعض عليها وعلى من قاموا بتنظيمها جزء من مناورة سياسية تقوم على التنظيم والترحيب والإنكار لجهة الضغط على الدولة، فى مرحلة تسبق عرض المبادرة على أطراف دولية ترحب بها وتتحرك على أساسها فى سعى دؤوب لإقناع كل الأطراف الرافضة لها.
فى مصر لا يوجد صراع سياسى مسلح، وإنما مواجهة مع الإرهاب بين كل مكونات الدولة وبين الإرهابيين، وإدارة البلاد لا تملك الحق لقبول وساطات دولية فى شئوننا الداخلية.. كفاية أفلام هندى بقى.