«أحمد» فى انتظار «طيارة ألمانيا»: تعليم أفضل.. وفرصة مضمونة
أحمد عبداللطيف
٢٠ عاماً أتمها بالتمام والكمال، لم يتخرج من كلية الهندسة بإحدى الجامعات الخاصة بعد، لكن السفر للخارج بات حلمه الذى ينتظره. «هقعد أعمل إيه؟» سؤال وجد فيه الإجابة الكافية ليتخذ قراره ويحدد وجهة الخروج: «عايز أروح ألمانيا»، حسابات كثيرة دفعته لاختيار الدولة التى يستعد للانتقال إليها، بالتأكيد ليس من بينها تشجيعه الحار لمنتخب كرة القدم الألمانى، لكن اهتمام أهم دول الاتحاد الأوروبى بالتعليم، خاصة الهندسة، كان دافعه الأساسى. يقول أحمد عبداللطيف، الشاب العشرينى الذى يدفع أهله مصاريف جامعية تبلغ 60 ألف جنيه سنوياً: «عايز أسافر ألمانيا علشان أكمل دراسة بشكل كويس، رغم إنى فى جامعة خاصة وبندفع كتير، لكن التعليم هناك حاجة، وفى مصر حاجة تانية».
يدرس الهندسة فى جامعة خاصة مقابل 60 ألف جنيه سنوياً.. ويتساءل: هعمل إيه بعد التخرج؟
قد تبلغ المحصلة التى يدفعها «أحمد» مع السنة الأخيرة من دراسته بالجامعة الخاصة نحو نصف مليون جنيه، مبلغ لا تقدر عليه غالبية الأسر المصرية، لكنه مع ذلك لا يجد الأمر كافياً، وتبقى رغبته فى الحصول على خدمة تعليمية ذات جودة عالية هى الدافع الرئيسى ليفكر فى السفر إلى الخارج، لكن أموراً أخرى أيضاً جعلته أقرب إلى هذا القرار: «التعليم جزء أساسى، لكن مش التعليم بس، الوضع الاقتصادى الصعب بيخلينى أفكر فى السفر، الفرصة بره هتكون أفضل من الفرصة هنا فى البلد». يرى «أحمد»، المتخصص فى دراسة إدارة المشروعات الهندسية، أن الظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر بعد ثورة 25 يناير، والمستمرة حتى الآن، تدفع الكثيرين للتفكير فى شق طريق حياتهم بالخارج بحثاً عن فرصة جيدة فى ظروف أفضل: «الأوضاع قبل 2010 كانت أفضل، بظرف النظر عن السياسة، كانت الأوضاع مستقرة والاستثمارات وفرص العمل كبيرة، الاقتصاد هو أهم شىء، أهم من السياسة».
لم يشارك الشاب العشرينى فى أى أحداث سياسية، وليس له أى انتماء حزبى، مجرد مواطن مصرى، هكذا يحب أن يصف نفسه دون انتماءات: «مش مع اللى بيطالبوا برحيل نظام أو أشخاص، سواء دلوقتى أو حتى فى وقت مبارك، لكن أنا مع تغيير طريقة الإدارة والتعامل مع الأزمات والفكر». يُبدى حزنه لحالة العشوائية التى انتشرت خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى سلوكيات الأفراد أو المناظر العامة فى أماكن كثيرة: «حتى شكل الشارع مابقاش حلو زى زمان، وأنا صغير والدى كان بيخرّجنا فى وسط البلد، الوضع اختلف تماماً، أنا نفسى أعيش فى بيئة أفضل وبين سلوكيات أحسن من اللى بشوفها». بيئة العمل من أهم الأمور أيضاً التى يتمنى تغييرها فى مصر، ويبحث عنها فى رحلة السفر التى ينتظرها: «العمل هنا ماشى بالحب، واسطات ومحسوبيات وعدم احترام مواعيد أو مراعاة قواعد وتعليمات، وحتى الضمير غير موجود. ماعتقدش إن نفس السلبيات دى هشوفها فى ألمانيا، لأنهم عمرهم ما هيبقوا دولة متقدمة وهما بيعانوا من اللى احنا لسه بنعانى منه».
رغم دراسته فى مجال علمى فإنه صاحب موهبة فى التأليف، لديه أكثر من عمل مسرحى انتهى من كتابتها، لكنه مع ذلك يرى طريق السفر هو الأنسب: «صحيح عندى هواية وموهبة، لكن الحاجات دى مش متقدّرة فى مصر، وممكن ماعرفش آكل ولا أفتح بيت منها، إلا لو الظروف خدمتنى زى ما خدمت ناس تانية». الاغتراب عن الأهل ليس عائقاً بالنسبة له كما الحال بالنسبة لآخرين، فمن حقه أن يخوض تجربة حياته بالصورة والطريقة التى يريدها، يقول: «مش المهم أعيش جنب أهلى، أو بعيد عنهم، المهم أنجح فى حياتى. إحنا مش دورنا نكمّل حياة أهالينا، لكن دورنا نبدأ حياتنا إحنا وتجربتنا اللى نختارها».