المحصلون يشعرون بالقلق: «مالناش ذنب.. بس إحنا اللى فى وش المدفع»
الأسعار الجديدة تثير قلق المحصلين من ردود فعل المواطنين الغاضبة
أبدى عدد كبير من محصلى شركات الكهرباء الحكومية خوفهم من نتائج قرار الحكومة بزيادة فواتير أسعار الكهرباء بداية من الشهر المقبل، وعبروا عن قلقهم من تأثير هذه الزيادة على تعاملاتهم مع المشتركين أو حدوث مشادات أو اشتباكات بينهم، واعترفوا بحدوث أخطاء كبيرة فى قيمة فواتير الكهرباء، وزيادات كبيرة فى الشهور الماضية، وأكدوا أن الزيادة الجديدة ستكون عبئاً على الطبقة الفقيرة لأن الزيادات ستطبق على كل الشرائح، وقالوا: «إحنا اللى فى وش المدفع».
ممكن مانروحش لبعض المشتركين عشان عارفين إن حالتهم المادية صعبة.. والناس بتشتمنا وبتتخانق معانا عشان تضارب قيمة الفواتير وأخطاءها الكارثية
فى أحد شوارع شمال الجيزة كان يمسك محصل كهرباء قارب عمره على الأربعين سنة، الكثير من وصولات الكهرباء رفض ذكر اسمه خوفاً من مجازاته بالشركة بسبب حديثه للصحافة، يقول بنبرة مملوءة بالحذر: «إحنا قلقانين من تطبيق الزيادة الجديدة على أسعار فواتير الكهرباء، لأننا متأكدين إنه هيتخصم من مرتباتنا بسبب عدم القدرة على تحصيل النسبة المطلوبة منا، هنتبهدل فى الشارع لأن المحصل دلدول الشركة، وهو دايماً اللى فى وش المدفع، الناس زعلانة أصلاً من ارتفاع الفواتير فى الشهور الأربعة الأخيرة، وكانوا بيتعاملوا معانا وحش ما بالك بقى هيعملوا معانا إيه بعد الزيادة الأخيرة، كل واحد فينا فى القاهرة معاه أكتر من 3 آلاف مشترك، وبننزل نشتغل فى عز الحر، اللى الناس بتكون مستريحة فيه، والمدير فى الشغل بيخصم مننا فلوس عشان ما بنحققش النسبة كاملة وإحنا متمرمطين فى الشارع وهو قاعد فى التكييف مش حاسس بينا خالص».
يضيف المحصل: «اتخصم منى 1000 جنيه بسبب عدم تحقيق النسبة المطلوبة فى شهر رمضان، يعنى لما مابنقدرش نحقق النسبة المطلوبة بيخصموا من مرتبنا ونفقد الحوافز، الناس فى رمضان كانت مستوية، امتحانات ثانوية عامة، وملابس عيد، ومصاريف رمضان، الله يكون فى عونهم، وطبعاً لم يتمكنوا من دفع الفواتير، ما إحنا زيهم برضو وبنحس بيهم، هنخليهم يدفعوا غصب عنهم يعنى، المشترك من دول منتظم معايا طول الـ11 شهر، لكن قصرت معاه فى رمضان بسبب المصاريف، وزيادة الأسعار وثبات المرتبات، هيجيب منين؟».
لم نحقق النسبة المطلوبة فى شهر رمضان.. وأقل فاتورة هتزيد على 100 جنيه
يتابع المحصل: «الكهرباء زادت قبل 5 شهور، يعنى الفاتورة التى كانت قيمتها 50 جنيهاً، أصبحت قيمتها 150 جنيهاً، هذا قبل تطبيق الزيادة الجديدة الشهر المقبل، وبالتالى لا أتوقع أن نستطيع تحصيل النسبة المطلوبة، وهى 100% من عدد المشتركين، الزيادة الأخيرة لن تستثنى محدودى الدخل كما قال الوزير، بل سيطبقونها على الجميع، وأنا أتوقع ألا تقل أى فاتورة عن 100 جنيه، لأن الزيادة طبقت بداية من 50 كيلو، سعر الكيلو فى هذه الشريحة زاد من 5 إلى 11 قرشاً وهذه زيادة كبيرة جداً أول مرة تحصل وتمثل الضعف، لكن الأسر العادية التى تمتلك تليفزيوناً، وغسالة، وثلاجة ممكن تستهلك نحو 350 كيلووات أو 400 كيلو بدون تكييف، وهؤلاء كانوا يدفعون من 60 إلى 70 جنيهاً بعد الزيادة هيدفعوا أكتر من 200 جنيه، لكن الناس اللى عندها تكييفات كانت بتدفع 400 و500 جنيه بعد الزيادة الجديدة متوقع يدفعوا 1000 جنيه، طالما الوزير والحكومة بيقولوا لن تمس محدودى الدخل كانوا طبقوا الزيادة على شريحة استخدام ما بعد 1000 كيلو وات».
وعن أخطاء كتابة الفواتير، وعدم ثبات سعرها شهرياً يقول محصل آخر بمنطقة جنوب الجيزة، رفض ذكر اسمه أيضاً: «نحن لا نعلم كيف تحدث هذه الأخطاء، والمفاجآت مع أننا الأشخاص المنوط بهم قراءة العدادات، فأثناء تحصيل الفواتير نفاجأ بوجود أرقام كبيرة لا تساوى القراءة فى الشهر السابق، بمعنى إذا كان الشخص يدفع ما قيمته 200 جنيه مثلاً فإنه قد يفاجأ بدفع 400 جنيه بدون سابق إنذار، وأشعر بالقلق بسبب هذا الخطأ، لكنى أخلى مسئوليتى أمامه لكنه يرفض دفع الفاتورة، ومنهم من يدفع بعد مناقشات حادة وكيل الشتائم للشركة ووزارة الكهرباء».
يتنهد المحصل الثلاثينى ويأخذ نفساً عميقاً قبل أن يضيف بصوت مرتفع: «الشركة مايهمهاش غير المكسب والربح والمديرين ما يهمهمش إلا قبض الأرباح اللى بياخدوها من خلالنا، لأننا اللى بندخل الفلوس لشركة الكهرباء، وهما بيدونا بدل إنارة 40 جنيه بس المفروض نولع بيهم شمع واحنا طالعين السلالم».
رجل أربعينى طويل القامة، وقوى البنيان يحمل حقيبة صغيرة على كتفه ويجلس على أحد مقاهى شمال القاهرة هو وزملاؤه، وينتظر مرور الوقت للقيام بعمل جولة فى المنطقة التى يعمل بها منذ عدة سنوات، رفض ذكر اسمه لوجود تعليمات من شركة كهرباء شمال القاهرة، بعدم الإدلاء بتصريحات صحفية إلا من خلال مسئولى الشركة، يقول المحصل بصوت هادئ: «أسعار الكهرباء زادت أكثر من 100% فى السنوات الثلاث الأخيرة، نحن فقط نقرأ العداد بدلاً من الكشافين ونحصل الفواتير، ولا يكون لنا علاقة بتحديد السعر لأن وزارة الكهرباء هى التى تحددها من وقت لآخر بموافقة مجلس الوزراء، وفى السنوات الماضية كان المشتركون يدفعون الفواتير بدون رضاء لكن مع معاملة مقبولة، لكن معاملتهم لنا فى الشهور الأخيرة تغيرت تماماً».
يضيف المحصل الأربعينى قائلاً: «نتعرض للشتائم والإهانات من المشتركين ونتحمل، وتحدث أحياناً مشادات كلامية بيننا وبينهم وتتطور إلى حد المشاجرات، لكن نعمل على تحجيم مثل هذه المشكلات خوفاً على عملنا ومن أجل عدم تعطيله، لكن الكثير من المشتركين معهم الحق كاملاً فى الغضب من الفواتير لعدم تماشيها مع القراءة وعدم ثبات سعرها، وتقسيط المبالغ المتأخرة بدون إخباره حيث يفاجأ المشترك بفاتورة تقدر بـ75 جنيهاً مثلاً هذا الشهر، وفى الشهر المقبل يفاجأ بدفع 225 جنيهاً قيمة القسط المتأخر بفوائده، بيقعد يشد فى شعره ومابيكونش عارف سبب هذا الارتفاع لكنه فى الغالب يكون نظام التقسيط، إحنا نفسنا بنكون تايهين فى الفواتير، ومابنعرفش فيها حاجة، يعنى مثلاً بيكون مكتوب فيها 8 جنيه فى خانة شراء اللمبات ييجى المشترك يقول أنا أصلاً ما اشتريتش لمبات من الشركة، قيمة استهلاك الفاتورة بتكون صحيحة لكن وضعها فى الخانات غير صحيح، وأنا أعتقد أن سبب هذه الأخطاء مطبعة الشركة بعد أن غيرنا الطباعة من مطابع الأهرام إلى مطابعنا وهذا تسبب فى حدوث أخطاء كثيرة جداً يعنى مثلاً فيه فاتورة طلعت لواحد بـ100 ألف جنيه وتم تدارك الخطأ».
يتابع المحصل الأربعينى قائلاً: «فى شهر رمضان الماضى خصموا لنا الحوافز بسبب عدم تحقيق النسبة المطلوبة منا كل شهر مع أننا ليس لنا ذنب فى ذلك، الناس تعبانة ومش معاها فلوس ومرت بظروف صعبة، عيد ورمضان وثانوية عامة وعندما قمت بتحقيق 60% من النسبة المطلوبة فقط خصموا 40% من الحافز والحافز تتراوح قيمته ما بين ألف جنيه وألف و200 جنيه، الخصومات دى غير الجزاءات التى توقع علينا بسبب الأخطاء التى تحدث بدون قصد فى التوريد، ممكن يطلع فرق 500 جنيه، بعد يوم واحد أفاجأ بالخصم وتحويلى للتحقيق وإجبارى على دفع الفرق وفائدته التى تبلغ 11٫5%»، المراجع بيكتب فينا مذكرة على طول مابينتظرش لما نطلع على المراجعة، لكن فى الأرباح تقوم الشركة بدفعها لنا على أكثر من دفعة بدلاً من قبضها مرة واحدة، كما كان يحدث فى السنوات الأخيرة يوم 1 يوليو قبل انتهاء السنة المالية لكن الأيام دى بيقبضونا شهرين فى المدارس بعد دخول المدارس بشهرين، وبيقبضونا الشهور الباقية على 3 دفعات تانية يعنى مابنلحقش نوفر منهم حاجة».
يلتقط منه أطراف الحديث محصل ثلاثينى آخر بنفس الحى الذى يعمل به أثناء فترة راحتهم قائلاً «دخل محصل الكهرباء ليس مرتفعاً كما يردد الكثير من المواطنين، إحنا بنشتغل من الساعة 11 أو 12 الضهر لحد بعد المغرب، وبنشتغل طول الـ30 يوم فى الشهر بما فيها أيام الجمعة، بنتبهدل فى الشغل وشغلنا كله فى الشارع متوسط أجر المحصل الذى مر على تعيينه 5 سنوات نحو 3 آلاف جنيه مثلاً تشمل 166 جنيه بدل غذاء و120 بدل مواصلات و120 جنيه بدل إرهاق و40 جنيه بدل إنارة، طبعاً إحنا أحسن من غيرنا لكن إحنا وش وزارة الكهرباء ودليلها فى الشارع وأى قرار هما بياخدوه إحنا اللى بنتحمل نتائجه لأنهم قاعدين فى مكاتبهم المكيفة ومش حاسين بينا كل اللى يهمهم التحصيل وتحقيق النسبة، كنا لسه قاعدين مع بعض وبنقول الدكر هو اللى هيحقق النسبة الشهر الجاى بعد ارتفاع الأسعار».
يضيف المحصل الثلاثينى قائلاً «فيه ناس بيكون مطلوب منها تحصيل مبلغ قيمته 300 ألف جنيه فى الشهر، أو 150 ألفاً حسب المنطقة التى يحصل فيها، مع إننا بنقوم بعملين فى نفس الوقت التحصيل وقراءة العداد، وهذا نظام معمول به من فترة، المفترض كل محصل فينا يمر على 1500 مشترك فقط، لكن الشركة تجبرنا على التحصيل من 3 آلاف مشترك، طبعاً فيه نقص عمالة والشركة مش عاوزة تعين حد لأنها عاوزة تطبق نظام كارت الشحن والكارت دا فيه ناس بتشكر فيه وناس بتشتكى منه».
وعن انطباع المشتركين أو المواطنين الذين يستقبلونهم كل شهر أثناء تحصيل الفواتير، يقول المحصل الشاب: «بحس أنه مش طايقنى أول مابيشوفنى، كنت بحسها فى عينيه الأول دلوقتى بيقول فى وشى، دمى بيتحرق لما بشوفك، إحنا ممكن مانروحش لبعض المشتركين عشان بنكون عارفين أنه حالته المادية صعبة جداً ومش قادر يأكل عياله بنحرج نخبط عليه ونقوله فاتورة الكهرباء مع إن دا أسلوب خاطئ حسب تعليمات الشركة التى تفرض علينا التعامل مع جميع المشتركين، والتى تقوم بتشكيل لجنة بقطع الكهرباء عنهم بعد التوقف عن الدفع لمدة 3 شهور، إحنا زى الناس اللى بنحصل منها لأننا بندفع فواتير الكهرباء لبيتنا وعندنا عيال ومصاريف».