آمنة نصير تكتب لـ"الوفد": "إنسانيات: الإنسان والمسئولية"
آمنة نصير
قالت آمنة نصير في مقال له نشرته جريدة الوفد، الإثنين، تحت عنوان "إنسانيات: الإنسان والمسئولية" إن "المسئولية تقتضى الإرادة الحرة، وقد وهبها الله لعباده، لأنه سبحانه عادل لا يظل، ومن هنا أهدر كل ما يأتيه الإنسان عن إكراه وقسر فى جانب الإيمان والكفر سواء، فمن أكره على أن ينطق بكلمة الكفر فلا حرج عليه وهو مصداق لقوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) (النحل 106)".
وأوضحت آمنة نصير "فالمسئولية لابد أن تتوفر لها الحرية، وهذا ما قرره الإسلام حماية وصيانة للإنسان الذى ائتمن على أمانة الدين والدنيا، وهذه أركان واضحة وجلية فى الفكر الإسلامى للتأكيد على تكريم الإنسان، وعدم مساءلته على أمر استكره عليه".
وأضافت: "ولهذا فالإمعان الذى فطره الله فى الإنسان والعقل للإدراك والتمييز، والحرية فى الاختيار والتنفيذ لمن الحقائق المهمة التى خلقها الله للإنسان وبها ميزة عن سائر خلقه وكرمه وفيما يلى أوجز فى نقاط محددة الجوانب الأخلاقية للمسئولية بأنواعها ليتضح الجانب الحضارى والإنسانى فيها، وهو ما يتلاءم ويتسق مع إنسانية الإنسان: أولاً: المسئولية فى الإسلام تتسم بالجانب الأخلاقى، فالمسئولية التى يحملنا إياها غيرنا يصبح بمجرد قبولنا لها مطلباً صادراً عن شخصنا، ويؤكد القرآن على المسئولية الدينية ذاتها فى صورة مسئولية اخلاقية محضة، حين يقول بمناسبة بعض التعاليم المتعلقة بالصوم المفروض، وقد تحايل بعض الناس على التخلص منه سرًا: «علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم»، البقرة 187، ويستحث المؤمنين إلى الطاعة بأن يذكرهم بالأمر الإلهى، وفى نفس الوقت بالعهد الذى قطعوه على أنفسهم بأن يطيعوا هذا الأمر: «وقد أخذ ميثاقكم»، «إذ قلتم سمعنا وأطعنا» المائدة 7".
وأشارت في مجمل مقالها إلى أنه "ثانيًا: المسئولية هى إلزام إلهى، أى انها سلطة إلهية، فالمسئولية الفردية يعطيها الإسلام مساحة واسعة ويدمجها فى مجالات كثيرة بالمسئولية التى أقرتها قواعد الشرع المنزل، ومثال ذلك أن المحسن الذى يوقع بإمضائه طوعًا، وبمحض اختياره، لا يمكن شرعًا أن يسحب توقيعه، والشخص الذى يضمن دينًا على سبيل المروءة يصبح مدينًا بدوره، والإنسان الذى يعزم على أداء نافلة، وهو يشهد الله على إقراره - يصبح ملزما بأداء ما نوى، أيما امرئ يعطى كلمة لإنسان بعمل مشروع، حتى لو كان لقاء، يصبح بموجب كلمته مسئولاً مسئولية ملزمة، وذلك هو قول الحق سبحانه: «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً» الإسراء 34، وفى الحديث يقول (صلى الله عليه وسلم): «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا إئتمن خان وإذا وعد أخلق» «البخارى»، ولا نغفل الإرادة الذاتية أو الإلزام الذاتى، وفى ذلك يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيما روته عائشة رضى الله عنها: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه»، وهذا القول يرتبط بأنواع المسئولية المختلفة سواء المسئولية الدينية، أو المسئولية الاجتماعية أو المسئولية الأخلاقية والله يصور هذه المسئوليات الثلاثة فى قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون»".