جامع الناصر قلاوون.. جار «محمد على» فى انتظار التطوير
ساحة جامع الناصر قلاوون
أمتار قليلة تفصل هذا البناء التاريخى عن جامع محمد على الشهير، جدرانه من الخارج مبنية من الأحجار الكبيرة، ومدخله الرئيسى معلق عليه لافتة معدنية كُتب عليها «مسجد الناصر محمد بن قلاوون»، أمام المدخل يجلس عشرات الأطفال الذين ينتظرون تمثيل بعض المشاهد الدرامية بأحد المسلسلات الرمضانية الذى لم يكتمل تصويره بعد، المدخل به باب خشبى كبير وسميك جداً يقود الزائر إلى الداخل لتقع عينه على صحن مكشوف مربع، موضوع على أرضيته سجاد أحمر للوصول إلى المحراب والقبلة، يتوقف الزائرون أمام هذه السجادة لخلع الأحذية قبل المشى عليها، كما يحظى المسجد بزيارات متقطعة لبعض الأجانب الذين يحرصون على زيارة هذا المسجد القديم، بجانب بعض الأسر المصرية المحبة للتاريخ والآثار.
عشرات الأجانب والمصريين يزورون المسجد يومياً وينبهرون بالشكل المعمارى الفريد
الباب مزين بمئذنة مزخرفة باللون الأخضر، مما يعطى رونقاً للمدخل من ناحية التميز المعمارى، ويقود الباب المزخرف إلى الداخل، ويتميز المسجد عن بقية منشآت عصره بمدخله المصمم بشكل جمالى على الطراز القوطى، وهو ما كان تصميماً غريباً على مصر فى ذلك الزمان، أما واجهته المبنية بالحجر التى لا تزال تحتفظ بالكثير من معالمها القديمة، وتحليها صفوف قليلة العمق، ففُتح بأسفلها ثلاثة شبابيك بأعتاب تعلوها عقود مزينة بزخارف محفورة فى الحجر، ويمتد بطول الواجهة طراز كتب عليه اسم الناصر محمد، الذى حل محل اسم «كتبغا» وتاريخ بدء العمل.
يتميز المسجد كذلك بوجود أعمدة رخامية وجرانيتية ضخمة ذات تيجان متنوعة ترجع للعصرَين الرومانى والقبطى، وتم نقلها إلى المسجد من معابد مهدمة، أما أحجار المسجد فتنقسم إلى نوعين «الأبلق» وهو الحجر ذو اللون الأسود، والأبيض والمشهر ذو اللونين الأحمر والأسود، أما قبة المسجد الكبيرة فتم ترميمها منذ سنوات بعد تهدمها وتم تغليفها بالقيشانى الأخضر، وهذه القبة مميزة الآن بهذا اللون، وأسفل القبة يوجد 12 شباكاً بأسفلها شريط مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية، وإيوانات المسجد الأربعة المحيطة بالصحن المكشوف سقفها خشبى به أشكال دائرية الشكل، كانت مزخرفة بزخارف ملونة قبل تدهورها بسبب عوامل التعرية ومرور الزمن. ويشبه بناء المسجد وعمارته ما كان معتاداً فى مساجد مصر فى ذلك الوقت، إذ يضم صحناً مكشوفاً يحيط به أربعة إيوانات لم يتبق منها سوى إيوانين هما إيوان القبلة والإيوان المقابل له، واختفى الإيوانان الآخران وأقيم مكانهما منازل وبيوت، ولم يتبق من معالم المسجد الكثير، حيث ظل محراب المسجد محتفظاً بقوامه المعمارى المميز الذى يتكون من عمودين صغيرين يتوسطهما المحراب، الذى تشكل الزخارف المميزة هيكله من أعلى المحراب إلى نهاية سقف المسجد، أما شبابيك المسجد فهى محاطة من الداخل بزخارف حفر بداخلها عدد من الآيات القرآنية.
يوجد بالمسجد مئذنتان، الأولى تقع بجوار المدخل ومكونة من 3 طبقات، الأولى مربعة زينت وجهاتها بزخارف وكتابات جصية جميلة، وانتهت بمقرنصات تكونت منها الطبقة الأولى، والطبقة الثانية مثمنة انتهت بمقرنصات أخرى كونت الدورة الثانية، أما الطبقة الثالثة وهى العلوية، فهى حديثة.
رانيا محمد، مفتشة آثار بالمسجد تقول: «تم بناء المسجد على الطراز المملوكى، وعمره نحو 700 سنة، وعلى الرغم من تسمية المسجد بهذا الاسم، فإن الملك العادل كتبغا المنصورى هو صاحب فكرة إنشائه قبل أن يستكمل بناءه الملك الناصر محمد بن قلاوون الذى جلس على تخت السلطنة 3 مرات أطولها المرة الثالثة والأخيرة، حيث حكم فيها مصر لمدة 32 سنة وهى نفس المدة التى انتهى فيها من بناء هذا المسجد العتيق، حيث انتهى منه عام 703 هجرياً».