مستشار وزير الأوقاف الأسبق لـ«الوطن»: تعدد الزوجات «ضرورة اجتماعية»
شامة
قال الدكتور محمد عبدالغنى شامة، مستشار وزير الأوقاف الأسبق، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الإسلام أباح تعدد الزوجات؛ شريطة العدل ووجوب الحاجة إليه، مؤكداً أن الذين يعددون الزوجات لمجرد الانتقال من ذوق إلى ذوق دون حاجة إليه لتحصين النفس وعفتها عن المحرم، يعملون عملاً ترفضه الشريعة ويمقته أدب الدين. وأضاف «شامة» لـ«الوطن» أن ظاهرة تبادل الزوجات جريمة نكراء لا يقبلها دين ولا عقل، وترفضها العادات والتقاليد.. وإلى نص الحوار:
د. محمد عبدالغنى شامة: إباحة التعدد مشروطة بالعدل.. ومرغوب فيه «شرعاً» إذا كان لـ«تحصين النفس»
■ ماذا عن تعدد الزوجات فى الإسلام؟
- الإسلام أباح التعدد فى آية واحدة هى قوله تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا» وللمفسرين فى هذه الآية آراء، الأول: روى عن عروة أنه قال: قلت لعائشة: ما معنى قوله: «وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى»، فقالت: يا ابن أختى، هى اليتيمة، تكون فى حجر وليها، فيرغب فى مالها وجمالها، إلا أنه يريد أن ينكحها بأدنى من صداقها، ثم إذا تزوج بها عاملها معاملة رديئة لعلمه بأنه ليس لها من يذب عنها ويدفع شر هذا الزوج عنها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سُنتَّهن فى الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
■ ما ضوابط التعدد؟
- إباحة التعدد فى الإسلام مشروطة بالعدل مع وجوب الحاجة إليه، يقول حجة الإسلام الإمام الغزالى: «ومن الطباع ما تغلب عليه الشهوة بحيث لا تحصنه المرأة الواحدة، فيستحب لصاحبها الزيادة عن الواحدة إلى الأربع، فإن يسر الله له مودة ورحمة، واطمأن قلبه بهن وإلا فيستحب له الاستبدال ومهما كان الباعث معلوماً فينبغى أن يكون العلاج بقدر العلة، فالمراد تسكين النفس، فلينظر إليه فى الكثرة والقلة»، ويشير الغزالى إلى أن التعدد لتحصين النفس أمر مرغوب فيه شرعاً، أى مع أخذ النفس بالعدل الواجب بين الزوجات.
المجتمعات الغربية تسمح به فى صور مختلفة.. والإسلام وضع له ضوابط.. وعيبه سوء التطبيق وليس فى إباحته
■ ماذا عن تعدد الزوجات دون الحاجة إليه؟
- الإمام الغزالى أشار إلى أن الذين يعددون الزوجات لمجرد الانتقال من ذوق إلى ذوق دون حاجة إليه لتحصين النفس وعفتها عن المحرم يعملون عملاً تأباه الشريعة ويمقته أدب الدين.
■ ماذا عن الضرورات الاجتماعية للتعدد؟
- قد تكون هناك علة أو مرض أو عدم إنجاب إلى غير ذلك من الأسباب، والتعدد يكون ضرورة اجتماعية وإجراء وقائياً كى يهيئ للناس وسيلة من وسائل السعادة وفى الوقت نفسه تحافظ على المجتمع حتى لا ينهار ويضيع فى سراديب الرذيلة.
■ فى أى البيئات ينتشر التعدد؟
- ينتشر التعدد فى الأوساط غير المتعلمة أو التى لم تنل المرأة فيها قسطاً وافراً من التعليم، حيث يعدد الرجل كلما كان قادراً على إعالة أكثر من امرأة مادياً، وتتراجع تلك الظاهرة كلما زاد حظ المرأة من التعليم؛ إذ يصعب على المرأة المتعلمة أن ترضى بمشاركة غيرها فى زوجها، ففى الأوساط المتعلمة يصبح الاقتصار على زوجة واحدة سلوكاً أخلاقياً، كما أن الجانب الاقتصادى يلعب دوراً مهماً فى مجال ظاهرة تعدد الزوجات.
■ بعض المحافظين يعترضون على هذا التحليل؟
- يرفض المحافظون هذا التحليل، مستندين إلى أن التعدد ظاهرة اجتماعية من ناحية، ومن جانب آخر فقد مارسته وما زالت المجتمعات منذ القدم على مستوى كل الشعوب، وفى ظل جميع الأديان؛ إذ يُمارس التعدد بصور مختلفة فى المجتمعات، فالإسلام أباحه بواسطة عقد الزواج بينما أباحته المجتمعات التى سنت قانوناً يحرمه بصور أخرى، فعلى سبيل المثال: العلاقة الحرة خارج الإطار القانونى للزواج أو الحرية الجنسية مع عدد من النساء، أو فى حالة تبادل الزوجات، وإن كانت نادرة، كل هذه العلاقات بين الرجل والمرأة تقرها المجتمعات التى حددت الزواج بواحدة من الناحية القانونية باعتباره حرية فردية يقرها القانون، ولا يستنكرها المجتمع، فضلاً عن تجريمها.
■ تظهر من حين لآخر ظاهرة تبادل الزوجات.. فكيف ترونها؟
- جريمة نكراء لا يقبلها شرع ولا عقل وتأباها العادات والتقاليد.
■ البعض يشير إلى أن تعدد الزوجات من موروثات قبل الإسلام؟
- مسألة تعدد الزوجات كانت بالفعل عرفاً وعادة وموروثاً قبل الإسلام، ولكن الإسلام جاء فوضع له العدد بعد أن كان بلا عدد، ووضع له الضوابط الأخلاقية بعد أن كان بلا ضوابط، وهذا الضبط الذى جاء به الإسلام هو قمة مشروعية التعدد فى الزوجات.
■ البعض ينفى وجود نص بتعدد الزوجات.. فما ردكم؟
- لقد جاء هذا التعدد فى النص الصريح لأول ثلاث آيات من سورة النساء ولا ننكر أنه ارتبط ببناء اجتماعى، كما أن ربط التعدد بعلاج قضية اجتماعية هو قمة الحكمة الإلهية فى مشروعية التعدد مع وجوب بعض الضوابط الأخلاقية التى تنظمه.
■ ما عيوب التعدد؟
- يكمن عيب التعدد فقط فى سوء التطبيق وليس فى إباحته، وسوء التطبيق هذا هو الذى يجعل ملايين الرجال يقبلون على التعدد دون عدل وإنصاف، والأهم توافر موجبات التعدد والضرورة إليه، هذه هى القضية الحقيقية وليس التحريم.