أدوات الحكومة لتوفير 300 مليار جنيه عجزاً: قروض وضرائب أكثر.. ودعم أقل
شريف إسماعيل خلال عرض بيان الحكومة على مجلس النواب «صورة أرشيفية»
يستعد مجلس النواب، خلال الأيام المقبلة، لنظر ومناقشة مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2016 - 2017، وإقرارها فى موعد أقصاه 30 يونيو الحالى، قبيل بدء العمل بها رسمياً فى 1 يوليو المقبل، وبإقرار المجلس مشروع الموازنة الجديدة، فإن الحكومة ستشرع فى تنفيذ مستهدفاته، بسعيها إلى تحقيق معدل نمو اقتصادى يتراوح بين ٥ - ٥٫٥%، مع التركيز على تحقيق نمو احتوائى شامل كثيف، بما يمكن الاقتصاد من خلق نحو 600 - 700 ألف فرصة عمل لتواجه الزيادة فى أعداد الداخلين، وخفض معدلات البطالة إلى نحو ١١ - ١٢% نزولاً من ١٢٫٨% فى سبتمبر ٢٠١٥، كما تستهدف الموازنة الجديدة استمرار جهود السيطرة على العجز الكلى ليتراوح بين 8 و8.5% على المدى المتوسط بحلول عام ٢٠١٩ - ٢٠٢٠.
«المزايا» تتراجع 21 ملياراً.. و10 مليارات زيادة فى «الأجور».. و«المالية»: فوائد الدين فى الموازنة الجديدة ترتفع إلى 292 مليار جنيه
وتسعى الموازنة الجديدة كذلك لاسـتكمال الإجراءات الإصلاحية الهيكلية لزيادة إيرادات الدولة الضريبية وغير الضريبية، فيتضمن مشروع الموازنة اسـتكمال وتفعيل تطبيق الإصلاحات الضريبية، التى بدأت خلال العام المالى الحالى، كضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل واستكمال إصلاحات المنظومة الجمركية بتطبيق قانون جديد للجمارك، وتطوير منظومة الضرائب العقارية من خلال تطوير نظم المعلومات والحصر والفحص والتعامل مع المواطنين، بالإضافة إلى إصلاحات أخرى كمراجعة تكلفة وأسس تسعير عدد من رسوم التنمية التى لم تتم مراجعتها منذ سـنوات ولا تمس محدودى الدخل، وتطبيق القانون الجديد للثروة المعدنية على المناجم والمحاجر، بالإضافة إلى اسـتكمال إجراء تسويات تقنين أوضاع أراضى الاسـتصلاح الزراعى التى تم اسـتخدامها فى غير نشاطها الأصلى.
ويقوم مشروع موازنة العام المالى ٢٠١٦ - ٢٠١٧ على زيادة أعداد المستفيدين من دعم السلع الغذائية التموينية إلى نحو ٧٣ مليون مستفيد، ونحو ٨٣ مليون مستفيد من منظومة دعم الخبز والنقاط ودقيق المستودعات، ومن المخطط أيضاً، خلال العام المالى الجديد، تحقيق الاستفادة لنحو مليون مستفيد من برنامج «تكافل وكرامة» عبر التوسع فى مراكز محافظات الصعيد بدءاً بمحافظات أسوان، وقنا، الأقصر، والتوسع والانتشار على مستوى الجمهورية لبرنامج «كرامة»، كما تستهدف الحكومة، وفقاً لمشروع موازنتها الجديدة، بناء نحو 200 ألف وحدة سكنية بتكلفة ٣٣ مليار جنيه.
وقدَّر المشروع أجور وتعويضات العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، بحوالى 228 مليار جنيه، بزيادة قدرها 10 مليارات جنيه تقريباً عن موازنة العام الحالى، وقدَّر مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنحو 210 مليارات جنيه، بتراجع قدره 21 مليار جنيه عن المخصصات ذاتها بموازنة العام الحالى، والبالغة 231 مليار جنيه، ما يشير إلى استمرار ومضى الحكومة فى خطة هيكلة الدعم، فيما ارتفعت الفوائد إلى 292.5 مليار جنيه مقابل 244 ملياراً العام الحالى، وتراجع «شراء السلع والخدمات» إلى 40 مليار جنيه مقارنة بـ41.4 مليار العام الحالى.
وعلى صعيد الإيرادات، فتتوقع وزارة المالية، فى العام المالى المقبل، تحقيق حصيلة ضريبية قدرها 433 مليار جنيه مقابل 422 ملياراً العام الحالى، فضلاً عن ثبات متحصلات المنح فى العام الجديد مقارنة بالعام الحالى عند 2.2 مليار جنيه.
وضمَّت أجور وتعويضات العاملين، البالغة 228 مليار جنيه، تراجعاً فى «المكافآت» من 87.3 مليار جنيه العام الحالى إلى 77.7 مليار جنيه فى (2016 - 2017) نتيجة تراجع المكافآت التشجيعية (4.4 مليار جنيه) وحافز الإثابة (6.3 مليار جنيه) ومكافآت التدريس (1.37 مليار جنيه)، ومكافآت الامتحانات (13.7 مليار جنيه)، وحوافز الأداء (3.4 مليار جنيه)، فيما زادت مكافآت المستشارين من 39.9 مليون جنيه العام الحالى إلى 52.9 مليون جنيه، لنحو 750 مستشاراً وخبيراً بالجهاز الإدارى للدولة، فى وقت توقع فيه مسئول حكومى استمرار تطبيق الشق المالى لقانون الخدمة المدنية المرفوض من قبَل مجلس النواب، والمتعلق بالأجور الشهرية لموظفى الدولة، حال موافقة المجلس أو رفضه للتعديلات الجديدة على القانون.
وبالنظر إلى تراجع مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 231 مليار جنيه العام الحالى إلى 210 مليارات جنيه فى العام المالى المقبل، فقد جاء ذلك نتيجة تراجع دعم المواد البترولية، ودعم الكهرباء، فضلاً عن تراجعات طفيفة فى دعم التأمين الصحى والأدوية، مقابل زيادة قدرها 4 مليارات جنيه فى مخصصات دعم السلع التموينية، فيما لم يطرأ على معاش الضمان الاجتماعى ومعاش الطفل أى زيادة تذكر.
وبتحليل ومقارنة الضرائب المقرر فرضها على بعض السلع، فإن الضرائب على «التبغ والسجائر» المحلية سترتفع من 33.7 مليار جنيه العام الحالى إلى 42.3 مليار جنيه فى العام المقبل، وكذلك السكر من 54 مليار جنيه إلى 63 ملياراً، والمنتجات البترولية من 10.21 مليار جنيه إلى 10.30 مليار، والأسمنت من 11 ملياراً إلى 49 ملياراً، ما يشير بقوة إلى عزم الشركات المُصنعة تحريك أسعار منتجاتها خلال العام المالى المقبل.
وتعوّل الحكومة، خلال العام الجديد، على الاقتراض وإصدار الأوراق المالية من أذون وسندات وغيرها بقيمة 575.9 مليار جنيه، مقابل 509 مليارات جنيه بموازنة العام الحالى، وبزيادة قدرها 67 مليار جنيه، وذلك فى محاولة لسد العجز الكلى بالموازنة المقدر بـ319.4 مليار جنيه، مقابل 251 ملياراً فى موازنة العام الحالى، بزيادة متوقعة 68 مليار جنيه، فيما لا تعوّل الحكومة على المساعدات والمنح خلال العام الجديد، التى يأتى أغلبها من دول خليجية كالسعودية والإمارات والكويت، فى ظل تراجع أسعار النفط بأكثر من 50% منذ يوليو 2014، إذ قدرت المنح المتوقعة العام المقبل بحوالى 2.2 مليار جنيه، مقارنة بـ95.8 مليار جنيه بموازنة «2013 - 2014» التى أعقبت ثورة 30 يونيو.
ورصدت «الوطن» بعض المفارقات فى الموازنة العامة للدولة عن العام المالى الجديد، التى تستوجب الوقوف أمامها، منها تخصيص الحكومة فى بند المزايا الاجتماعية المدرجة بالمصروفات العامة 147 مليون جنيه، كمخصصات مصاريف دفن للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة ممن يتوفاهم الله خلال فترة خدمتهم كمزايا اجتماعية للعاملين فى الدولة، رغم أنها لم تدرج أى مخصصات مالية لبند محو الأمية لدى الموظفين ممن لا يقرأون أو يكتبون خلال العام المالى الجديد.
ويقدر عدد الموظفين بالجهاز الإدارى للدولة بما يقرب من 6.2 مليون موظف على مستوى الجهاز الإدارى، ورغم زيادة الحكومة دعم الخبز خلال العام المالى الجديد بنحو 3.4 مليار جنيه، حيث خصصت 29.43 مليار جنيه لدعم الخبز، (23.715 مليار جنيه دعم الخبز ودقيق المستودعات، 5.712 مليار جنيه فى صورة دعم نقاط الخبز المدرجة على البطاقات التموينية)، فإنها قدرت احتياجات المواطنين بنحو 137 مليار رغيف سنوياً لتعداد سكانى قدره 82.2 مليون مواطناً فقط، رغم وصول معدلات السكان فى مصر، طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لنحو 90.95 مليون مواطن.
وعزا الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية، ارتفاع نسبة العجز فى الموازنة خلال العامين الماليين الحالى والمقبل إلى انخفاض الإيرادات العامة للدولة مقابل تفاقم النفقات، مؤكداً لـ«الوطن» رغبة الحكومة، ممثلة فى وزارة المالية، فى القيام بمجموعة من الإصلاحات الهيكلية بالنظام المالى بالتزامن مع عدة إجراءات تهدف لخفض عجز الموازنة ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلى عبر إقرار عدد من التشريعات التى تصلح الوضع المالى والضريبى فى مصر وتضاعف الإيرادات العامة للدولة دون المساس بمحدودى الدخل.
وقال إن جميع البيانات الخاصة بالوضع المالى للدولة يتم عرضها بشفافية كاملة على مجلس النواب، وكان آخرها ما عرضه الدكتور عمرو الجارحى، وزير المالية، لأعضاء البرلمان حول الوضع المالى والمنح التى تلقتها مصر وفيما أُنفقت، مضيفاً: «تلقينا منحاً بـ128 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية، كانت معظمها من دولتى الإمارات والسعودية، كدعم فى العديد من المجالات؛ أبرزها دعم المواد البترولية»، موضحاً أنه لولا تلقى هذه المنح من الدول العربية الشقيقة لتجاوز عجز الموازنة للعام الحالى 16%.
وأكد نائب وزير المالية أن الدولة لا تدخر جهداً فى إقامة المشروعات والمرافق العامة للمواطنين فى إطار الإيرادات المتاحة «فنحن نتحدث حالياً عن انخفاض الإيرادات العامة مقابل النفقات العامة وارتفاع عجز الموازنة وليس لدينا الإيرادات الكافية لزيادة الإيرادات الخاصة ببنود الصحة والتعليم والبحث العلمى وفقاً لما نص عليه الدستور، وإذا حاولنا ذلك سنضطر مجدداً للاستدانة وبالتالى ارتفاع فوائد هذه الديون، خاصة أن فوائد الديون كانت خلال العام المالى الماضى 244 مليار جنيه، وأصبحت 292 ملياراً فى الموازنة الجديدة، وأى اتجاه إلى زيادة الديون لزيادات النفقات سيؤدى إلى تفاقم المديونية العامة، ما يؤثر على تصنيفنا لدى المؤسسات الدولية، وكل ذلك عرضناه ونعرضه على أعضاء البرلمان بالأرقام ولا نخفى شيئاً».
كان الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، قال إن الحكومة تستهدف نمواً خلال العام الجديد قدره ٥٫٢٪ فى العام المالى المقبل، و٦٪ للعام ٢٠١٧ - ٢٠١٨، بالإضافة إلى تحقيق معدل استثمار ١٦٫٤٪ بإجمالى استثمارات ٥٣١ مليار جنيه، وخفض العجز بالموازنة إلى ٩٫٨٪، والبطالة إلى ١١٫٩٪.
وأضاف: «بصراحة مصر بحاجة إلى إجراءات إصلاحية صعبة تتعلق بإعادة تسعير الخدمات مثل مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والغاز وغيرها، عشان أحصل ثمن الخدمة صح وأحمى الفقراء فى الوقت نفسه، وشغالين حالياً على تحديد قاعدة شبكة الأمان الاجتماعى.. وقضية التسعير واضحة جداً فى برنامج الحكومة الذى نال ثقة مجلس النواب.. مشاكلنا مش هتنتهى بين يوم وليلة، عندنا مشاكل كثيرة جداً.. حد يقولى إن سعر تذكرة المترو من المرج لحلوان بجنيه، والناس تقولى الخدمة سيئة، أكيد لازم تسوء»، مؤكداً رغبة الحكومة فى تحقيق النمو والعدالة الاجتماعية معاً، ونفى وزير التخطيط علمه بموعد تحريك أسعار المنتجات البترولية ونسبته، وقال: «هيكلة أسعار الطاقة ضرورية».