والد قتيل مديرية أمن السويس: «النهضة» قتلت ابنى.. وأحمل «الرئاسة» و«الداخلية» المسئولية
جلس الأب سليمان حجاب، الموجه بالتربية والتعليم، باكياً بين المعزين أمام باب منزله، ممسكاً بيده جرائد يوم الأحد 27 يناير، ليطالع بين الحين والآخر ما نشرته الصحف عن «على سليمان عيد»، ابنه الذى استشهد فى شوارع السويس على أيدى رجال الشرطة، فى يوم الذكرى الثانية لثورة 25 يناير.
«ابنى فى الفرقة الثانية بكلية التجارة جامعة قناة السويس، لا يمكن أن يكون بلطجياً، ولم يكن له ذنب كى يلقى حتفه برصاص أحد الجنود، ضمن من ماتوا إثر إطلاق النار العشوائى على المارة والمتظاهرين فى محيط مديرية الأمن»، يقول الأب الذى لم يتمالك نفسه من البكاء.
فى إجازة منتصف العام، أبلغ «على» أباه سليمان برغبته فى «العمل فى الحديد والصلب لكسب بعض المال لشراء بعض الاحتياجات استعداداً للفصل الدراسى الثانى»، لم يمانع الأب فبدأ على العمل المؤقت فى مجال الحديد والصلب، حتى جاء يوم الجمعة 25 يناير، الإجازة الأسبوعية، يومها كان الأب فى صالة الألعاب الرياضية التى يمتلكها، عند نادى منتخب السويس، بينما تجول الابن مع أصحابه فى المدينة يوم إجازته.
يقول سليمان: «أمه اتصلت بى وكانت قلقة عليه، قلبها حدثها أن ثمة شيئاً مريباً سيحدث، فاتصلت بعلى على الفور فأجابنى أنه بخير، وأنه بعيد عن مكان الاشتباكات، وأنه لا داعى للقلق»، هدأ الأب واطمأن قليلاً، إلى أن اتصل به رقم مجهول بعد فترة وجيزة، «يا عم سليمان ابنك على فى المستشفى الأميرى، ياريتك تحضر الآن»، فانطلق الأب على الفور إلى المستشفى.
كان محيط مديرية الأمن مشتعلاً بالأحداث، ودوى الرصاصات يثير الذعر بين الناس المختنقين بفعل قنابل الغاز المسيل للدموع، يقول «كنت فى صالة الحديد، وقتما رأيت الجنود وقد فتحوا النار فى جنون على كل الموجودين، بحجة أن أحد الجنود قد أصيب بـ«براشوط»، وهو نوع من الألعاب النارية، فى رقبته».
فى المستشفى وجد الأب ابنه «على» غارقاً فى دمه، وقد أصيب فى فخذه وصدره برصاصتين وقد فارقته الحياة، «ابنى كان ملقى على الأرض رغم أنه ميت، هى دى النهضة وهو ده مرسى اللى جاى يحمى ولادنا وحياتنا، حملت ابنى من على الأرض وقبلته، ونقلته أنا وإخوتى بأنفسنا بدون سيارة إسعاف، ونقلناه إلى مشرحة السويس القريبة».
وصل الخبر للأم أولاً، عندما حضر بعض الشباب إليها وأبلغوها أن «على» أصيب فى الاشتباكات الدائرة بين الأمن والمتظاهرين، فى محيط مديرية أمن السويس، وأنهم فى حاجة لرقم والده «سليمان حجاب» لإبلاغه بما حدث، كى يذهب إلى المستشفى الأميرى مستشفى السويس العام، حيث يوجد «على» مصاباً.
يقول الأب «لن أمشى فى مظاهرة رغم أن ابنى مات، ورغم أن الرئاسة والشرطة هما المسئولتان، ورغم أن النهضة لم تأتِ لنا إلا بقتل أولادنا، السويس أعطت مرسى صوتها لأنها ظنت أنه سيحميها، وظنت النهضة نعمة ستنزل عليهم، لكننا عرفنا أن معناه أن يُضرب أولادنا بالنار».
اكتفت أم على بالبكاء فى غرفته، حولها المعزيات من النساء اللائى حضرن لمشاركتها الأحزان، واكتفى الأب بالبكاء أمام المنزل، بين معزيه، وهو يردد «النهضة موتت عيالنا.. الداخلية موتوا عيالنا.. حسبى الله ونعم الوكيل».