خبراء: «تل أبيب» تتجه نحو التطرف.. والفصائل الفلسطينية منقسمة
الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه بالرئيس الفلسطينى
تسببت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لدفع عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، فى تحريك المياه الراكدة بين الجانبين لسنوات طويلة، وهو ما دفع خبراء فلسطينيين إلى الترحيب بمبادرة «السيسى»، وأعربوا عن أملهم فى أن تساهم تلك المبادرة فى تعزيز فرص عملية السلام الحقيقية بين الجانبين. القيادى بحركة «فتح» الفلسطينية جهاد الحرازين، قال إن «مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى حول عملية السلام تأتى فى سياق الدور والجهد المصرى الذى تبذله القيادة المصرية تجاه قضايا المنطقة، خاصة القضية الفلسطينية، التى تعد قضية العرب الأولى، وأول اهتمامات السياسة الخارجية المصرية وتجسيداً لدور ومكانة مصر فى المنطقة، خاصة المنطقة العربية»، وأضاف: «مصر التى تقود القمة العربية وترأس مجلس الأمن الدولى هذا الأمر الذى تطلب أن يكون لمصر دور فاعل، خاصة بعد ما وصلت إليه عملية السلام من انغلاق أفق وجمود سيطر عليها بعد رفض نتنياهو كافة المبادرات المطروحة والجهود المبذولة لتحريك عملية السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات، وآخرها المبادرة الفرنسية التى أعلن نتنياهو عن رفضها فكان لمبادرة الرئيس السيسى أثر كبير فى تحريك عملية السلام، خاصة أن الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى أبديا ترحيباً بهذه المبادرة».
«الحرازين»: مبادرة «السيسى» تفتح أبواب الأمل لإنهاء الصراع.. و«خلوف»: لا يمكننا الرهان على أمريكا.. و«جمعة»: الوضع الآن يتطلب سلاماً إقليمياً واليمين الإسرائيلى لن يلبّى الحد الأدنى لمطالبنا
وأوضح «الحرازين»، فى تصريحات لـ«الوطن»، «أن هذا الترحيب يأتى لما تتمتع به مصر من علاقات وثيقة ومكانة تحظى بالتقدير والاهتمام لدى الجانب الفلسطينى خاصة، ونتيجة لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، التى أوضح الرئيس السيسى مدى حالة الاستقرار التى ستعود على المنطقة فى حالة إحلال السلام، حيث إن إنهاء الاحتلال سيعود بالإيجاب على شعوب المنطقة كافة، وسيؤمن مستقبلاً للأجيال المقبلة مبنياً على المحبة والاستقرار والأمن والتنمية، لأن تحقيق التنمية يرتبط بالاستقرار وذلك فى ظل وجود سلام حقيقى سيكون أقوى من أى معاهدات تكتب، لأن السلام والاستقرار سيشكل صفحة مضيئة فى تاريخ علاقات الشعوب وسيقضى على كل معوقات التنمية من فقر وبطالة وجوع وتخلف، وسيحارب كافة الأفكار المتطرفة والإرهابية التى تعود بالسلب على الشعوب، ومن هنا تأتى مبادرة الرئيس السيسى لإدراك مصر ورئيسها حجم المخاطر التى تحيط بالمنطقة، ونتيجة لفهم طبيعة الظروف والأحداث وبرؤية عميقة تجاه المستقبل لتحقيق الاستقرار والأمن والسلام بين الشعوب».
وأشار القيادى فى «فتح» إلى أن «المبادرة تفتح أبواباً من الأمل للوصول إلى إنهاء الصراع القائم بعدما أُوصدت كافة الأبواب فى وجه عملية السلام، ولذلك مصر تستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً وبناء تجاه تحقيق الاستقرار وإنهاء حالة الصراع القائم، إذا كانت هناك نية ورغبة حقيقية لدى الطرف الإسرائيلى فى تحقيق السلام والقبول بفكرة حل الدولتين بعيداً عن التطرف والتعصب والعنصرية والمناورات السياسية التى يمارسها نتنياهو من أجل تعطيل أى جهد يبذل لتحريك عملية السلام، ورغم ذلك تبقى رؤية الرئيس السيسى تمثل أملاً نحو تحقيق السلام فى المنطقة وإنهاء حالة الصراع القائم والانطلاق نحو التنمية وبناء مستقبل للأجيال المقبلة».
من جانبه، أكد الدكتور محمد جمعة، الباحث فى الشأن الفلسطينى، أن «القضية الفلسطينية من الملفات التقليدية فى السياسة الخارجية المصرية، وحدثت حالة فراغ منذ آخر جولة للمفاوضات فى بدايات 2014 والسياسة لا تعرف الفراغ، والمستفيد من حالة الجمود هى إسرائيل، لأنها تستمر فى الاستيطان وغيرها من الممارسات التى تكرس مشروعها على الأرض، وفى ظل غياب المفاوضات مصر تستشعر بعض إرهاصات تصعيد جديد فى قطاع غزة، حيث ليس من الحكمة استبعاد وجود صيف ساخن فى قطاع غزة، لأن كل المواجهات السابقة جاءت فى غياب مفاوضات، وكانت قبلها موجات متقطعة من انتهاك التهدئة بين الطرفين، وهذا ما يحدث تحديداً حالياً فى قطاع غزة ونحن نستهدف إيقاف هذا الوضع، لأن المواجهة الرابعة ستكون بقواعد اشتباك مختلفة تماماً، لأن فى المواجهة الأخيرة تغيرت قواعد الاشتباك، والمواجهة المقبلة أو المُحتملة ربما تغير الوضع وتزيد حالة السيولة فى شمال سيناء، ومن ثم الأفكار أو الدعوة المصرية تستهدف إيقاف هذا الاحتمال».
وأكد «جمعة» أن «حالة الفراغ الدبلوماسى سوف يحل محلها الصراع الميدانى، خاصة إذا أخذ طابعه المسلح، خاصة أن النضال السلمى أكثر جودة للفلسطينيين حالياً، لتحول الصورة من نضال سلمى فى الضفة إلى صورة تبدو كحرب بين جيشين فى قطاع غزة»، واعتبر أن «الأوضاع ربما تتطلب فى هذه المرحلة سلاماً إقليمياً، وربما جاءت بالتنسيق مع القيادة السعودية، يبدو أن هناك رغبة ألا تُترك القضية الفلسطينية أكثر من ذلك فى غياهب النسيان، وتحريك الملف لتطوير الأمور بشكل إيجابى لإيجاد حالة إقليمية أفضل من الوضع الراهن»، وأكد «جمعة» أن هناك تحديات كبيرة لأن «اليمين الإسرائيلى لا يترك لأحد مجالاً فى أن تتطور الأمور لتلبية الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، وهناك عقبات، خاصة مع وجود جدل لاتخاذ إجراءات تقتل حل الدولتين، وتتمثل فى محاولة ضم المنطقة ج من الضفة الغربية، فضلاً عن استفادتها من استمرار الانفصال الفلسطينى الذى يضعف الوضع الفلسطينى، ولا يمكن أن ينتهى الانقسام أو تتم المصالحة بالشكل الذى ترغب فيه الأطراف إلا بتغيير موازين القوى على الأرض، وحماس لن تسلم ما بيدها فى قطاع غزة»، وشدد الباحث السياسى على أن «مصر لا تعول بالمطلق على حركة الجهاد الإسلامى ولكن علاقتها بمصر هى إحدى الأوراق المهمة التى تحتفظ بها مصر، ولكن نفوذها لا يساوى نفوذ حماس لكى تعول مصر عليها بدرجة مطلقة، وإلا ما كانت مصر قد أجرت مشاورات مع حركة حماس منذ شهور».
من جانبه، اعتبر المحلل السياسى الفلسطينى، الدكتور محمود خلوف، أن «المشكلة ليست فى المبادرات العربية سواء أكانت مصرية أو غيرها، المشكلة أن المجتمع الإسرائيلى يتجه نحو التطرف والإرهاب»، مضيفاً: «وما تحالف نتنياهو وحزبه الليكود وحزب إسرائيل بيتنا برئاسة أفيجدور ليبرمان، إلا تعبير عن اتجاه قيادة إسرائيل بعيداً عن التسوية، والخلاصة أن أى مبادرات تصطدم برفض إسرائيلى مفضوح، ويضاف إلى ذلك أن أمريكا الراعية للسلام لا يمكن المراهنة عليها فمنذ 12 عاماً تقريباً لم نشهد أى تحريك جاد للمياه الراكدة بشأن عملية التسوية، وما الفيتو الأمريكى ضد مشروع القرار العربى قبل بضعة سنوات لإدانة الاستيطان، وكذلك إفشال الجهود العربية والفلسطينية لتحديد سقف زمنى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، إلا تعبير على واقع الحالة الأمريكية التى لا يمكن البناء عليها»، وأعرب «خلوف»، أستاذ ورئيس قسم الصحافة والإعلام فى الجامعة العربية الأمريكية فى فلسطين، عن أمله فى أن تتمكن أفكار «السيسى» من إعطاء دفعة لعملية التسوية إلى الأمام، مشدداً على أن معضلة التسوية تتمثل فى أن الأزمة ليس سببها الطرف العربى ولكن الإسرائيلى والأمريكى.