زالزال"عيش..حرية..عدالة اجتماعية" يضرب من جديد
تقترب الذكرى الثانية للثورة، يوم 25 يناير، ذلك التاريخ الذى غيّر مجرى الأحداث فى مصر، وها هى مصر تشهد أول رئيس منتخب عبر صناديق الاقتراع، لكن 200 يوم مضت على حكمه، دون الوصول إلى أى من الأهداف التى وعد بها، ولم يزل المتظاهرون كلما خرجوا ليعبروا عن اعتراضهم على قرار أو موقف سياسى من الرئيس، عادوا وقد فقدوا شهيدا أو مصابا، الأمر الذى اضطرهم اليوم، الجمعة الموافق 25 يناير 2013، إلى الخروج فى مسيرات حاشدة عقب صلاة الجمعة من المساجد والميادين العامة، يجوبون شوارع القاهرة والجيزة قاصدين ميدان التحرير، مهد الثورة، يتقدمهم عدد من شباب الثورة، يرددون شعارات تخرج من الحناجر الثائرة، خلف شاب مرفوع على الأعناق فى الصفوف الأولى، يصدح من أعماقه بذات الشعارات الأولى للثورة، ويهتف ومن ورائه المتظاهرون بالعدالة التى لم يرها، والحرية التى تتقلص، والعيش الكريم الذى يخشى أن يصبح حلما بعيد المنال، يندد بحكم المرشد، وبمشروع النهضة الذى لم تظهر أى من آثاره بعد.
الاحتشاد لا يقتصر على ميادين القاهرة الكبرى، بل يذهب لأماكن شتى فى محافظات أخرى، كمحيط «القائد إبراهيم» فى الإسكندرية، وميدان الساعة فى دمنهور، وطنطا والمحلة الكبرى، وميدان «بالاس» فى المنيا.
المسيرات تتدفق من شتى الضواحى على ميدان التحرير، أهالى الشهداء تتساقط دموعهم ممتزجة بهتافات تطالب بالقصاص لذويهم، لم يأت منه غير وعد الرئيس المنتخب ومن قبله المجلس العسكرى بمحاكمة قتلة الثوار، لكن قلوبهم ما زالت تحترق، مصابو الثورة يتقدمون الصفوف الأولى رغم طلقات الخرطوش التى ما زالت ترقد فى أحشائهم، والعيون التى فُقئت أثناء عامين من الثورة، وغاب النور عنها وعن الوطن.
هكذا تبدأ الذكرى الثانية للثورة، لكنها لن تنتهى كما بدأت، يظهر «الطرف الثالث» كالعادة مجهولاً، ومعه تتبدد السلمية، يسيطر العنف، وتتبادل الاتهامات. المتظاهرون يتهمون وزارة الداخلية بالاعتداء عليهم، والوزارة تبرئ نفسها ببيانات تعلن فيها أن مجهولين ألقوا حجارة على قواتها التى تؤمن سلمية التظاهرات. تتضاعف أعداد المتظاهرين فى شارعى «محمد محمود» ومجلس الوزراء، تواجههم الشرطة بقنابل غاز مسيل للدموع، يعتدى مجهولون على المعتصمين أمام «الاتحادية» كما حدث يوم السبت الموافق 12 يناير.. سيارات الإسعاف لا تكف عن العويل، تنقل المصابين من هنا وهناك، اللجان الشعبية تكثف وجودها على مداخل الميدان، آلاف من المتظاهرين بالتحرير يخرجون فى مسيرة حاشدة إلى قصر الاتحادية لحماية المعتصمين هناك.
ومع الساعات الأولى من الليل تبدأ محاولات لاقتحام بعض مقرات الأحزاب والمؤسسات، على رأسها «الحرية والعدالة»، من قبل مجهولين، خاصة بعد اتهام عدد من قيادات المعارضة والمرشحين الرئاسيين السابقين قيادات الجماعة بأنهم وراء الاعتداء على المتظاهرين، الأمر الذى نتج عنه سقوط عشرات الضحايا ومئات المصابين وحدوث حالات سرقة تنقلها بعض الفضائيات العربية، أبرزها «الجزيرة» التى تقدم تغطية خاصة للاعتداء على مقرات الإخوان، ليخرج بعد ذلك أحد رجال القصر الجمهورى ليعلن وصول معلومات إلى الرئيس تفيد بوجود مندسين بين الثوار الشرفاء، لإثارة الفوضى وإحداث عمليات تخريبية، أسهمت فى تشويه المظهر الحضارى لذكرى الثورة، مطالباً «الداخلية» بالتصدى بحزم لهذه العناصر، ويدعو المتظاهرين إلى إخلاء الميادين.
كسر الشباب حاجز الخوف، وهناك مجموعة منهم كفروا بالسلمية وجدواها، وأخذوا يبحثون عن وسائل عنيفة، من شأنها جلب حقوقهم، لكن السواد الأعظم من الشعب المصرى ما زال مؤمناً بسلمية التظاهرات، هؤلاء يتضامنون مع الشباب فى حال ظهور العنف. يزيد من احتمالات تزايد العنف بعض الدعوات التى تنادى بها شخصيات تنتمى للإخوان المسلمين، تطالب أعضاء الجماعة بالنزول إلى الميادين العامة للتصدى للخارجين على الشرعية، وتوشك أن تندلع حرب أهلية؛ فأعداد الضحايا من الجانبين تزداد، وتتضارب أرقام وزارة الصحة والداخلية، وتستمر حالة الفوضى قرابة أسبوعين، ويعلن المجلس العسكرى حالة الانعقاد الدائم، وتتردد أنباء عن مطالبة من مكتب الإرشاد فى المقطم بأن يلزم الجيش ثكناته، وألا يتدخل فى الشئون الداخلية، لكن فى اللحظة الحاسمة، وبعد تعالى نداءات المواطنين، وبضغوط داخلية، تقرر القوات المسلحة التدخل لفض الاشتباك.
الخبراء المشاركون فى وضع السيناريو: الدكتور عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسى، واللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجى، والدكتور علاء عبدالمنعم، عضو جبهة الإنقاذ، والدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
أخبار متعلقة:
«العنف» و«التهدئة» و«المصالحة».. 3 سيناريوهات لـ 25 يناير
الثورة بعد عامين: نظام «تائه» وقوى سياسية «متصادمة».. وشعب «منهك»
الشباب يصرون علي استعادة ثورتهم و"جبهة الإنقاذ"تتمسك بشعار"سلمية"
"الحرس الجمهورى" يلتزم الحياد و"الرئاسة" تحذر من فوضى
حوار غير مشروط بين النظام والمعارضة
الرئيس: حوار يرعاه الجيش.. الحكومة: تدابير اقتصادية واجتماعية لتهدئة الشارع.. والجيش: حياد أو تأمين الطرفين
خطة الإخوان: المصالحة مع القوى السياسية وفعاليات خدمية فى المحافظات بعيدة عن التظاهر
«الجماعة» تتخلى عن «التمكين».. و«الإنقاذ» تستبعد إسقاط الرئيس.. وقوى الثورة توقف المظاهرات
القوى السياسية تسعى للحفاظ على صورتها فى الشارع قبل الانتخابات.. وتطلب من "الرئاسة" المشاركة فى صنع القرار
القوى الإسلامية تتهم المعارضة بـ«العمالة والكفر» والمعارضة ترد: نرفض الديكتاتورية وخيانة الثورة
تأمين الطرق إلى «الاتحادية» يحول دون وقوع أعمال عنف.. والألتراس يحاول الاشتباك لحشد الناس ليوم حكم «مذبحة بورسعيد»
مواطنون يرسمون 3 سيناريوهات: ثورة ثانية على الإخوان.. مظاهرات ثم «كما كنت».. أو دم للركب