«عابدين»: قصر وميدان وزيارات رؤساء.. و«خنقة»
حسن محمد
قرابة 150 عاماً، وقصر عابدين المنيف يقف فى مكانه شاهداً على عصور وأنظمة حكم ورؤساء وملوك، بواباته العريقة تفصل بين عالمين، داخله الذى لم يتغير منذ افتتاحه فى 1874، وخارجه الذى تغيرت معالمه أكثر من مرة، تارة بالثورات التى حولته إلى ثكنة عسكرية محاطة بالأسلاك الشائكة، وأخرى بالتعديات التى جعلت منه ساحة انتظار سيارات أو ملعب كرة.
الزحام الناتج عن إجراءات التأمين يفسد فرحة الأهالى بتطويره
شهور من العمل، لم ينتبه لها أهالى المنطقة، ظنوها فى البداية أعمال تطوير فى مبنى محافظة القاهرة الملاصق للقصر، انتهت بإنارة المكان وتزيينه بحزام أشجار أخضر ومقاعد رخامية وأرضيات جديدة، ونافورات ملونة، ورفع لكل السيارات الموجودة بالمنطقة، وتحويلها إلى مشهد سياحى ترفيهى لأهالى عابدين وغيرهم من قاصدى القصر.. الفرحة بكل ما تم لم تكتمل، إذ تحطمت مع زيارة عاهل السعودية للقاهرة، التى كشفت للأهالى الغرض من التطوير «حطوا القصر على خريطة الزيارات الرسمية للرؤساء الأجانب»، ليتأكد الأهالى من ظنونهم مع زيارات الرئيس الفرنسى والعاهل المغربى وملك البحرين للقصر خلال زياراتهم الرسمية لمصر.
الفرحة ما زالت مستمرة: «أيوه كده عابدين رجعت لمكانتها، وطبيعى القصر يكون مزار سياحى»، هكذا عبر الأهالى ومنهم حسن محمد، أمين مخزن بالمنطقة، قبل أن يضيف: «كنا منتظرين التطوير، وبالفعل اتحولت المنطقة لمقصد سياحى حقيقى، لكن الزحمة اللى بتصاحب الزيارات المفاجئة ضيعت كل الشغل الحلو». يؤكد «محمد»: «مرة فضلت فى الشارع 5 ساعات عشان أروح، والمرة التانية مشيت على رجلى من باب اللوق لحد المخزن عشان أوصل شغلى، وكل دقيقة أقف وأتفتش، التأمين حلو ودول ضيوف البلد ولازم نكرمهم، بس من غير ما يخنقوا سكان المنطقة». يعتبر «محمد» وغيره من سكان المنطقة ما تم لها من تطوير يشبه «رشة الملح اللى بتفسد الطعام»، يشرح: «يعنى عملنا كل ده، ومش قادرين نعمل خطة مرورية لتنظيم المرور أثناء الزيارات وتأمين الزائرين؟!».