«الدومينيكان»: تصوَّف وادرس «صحيح الإسلام» لتعرف جوهر المسيحية
معهد «الدومينيكان» من الداخل
قبل نحو 8 عقود كانت القدس بحاجة إلى إرسال باحثيها من الدومينيكان لدراسة الحفريات فى مصر، وبدأت القصة بإرسال باحثين إلى مصر لينشئوا ديراً فى ثلاثينات القرن الماضى فى القاهرة لخدمة الغرض، بالقرب من العباسية بالقاهرة، لكن سنوات قليلة ليطلق «هتلر» شرارة الحرب العالمية الثانية ويشتعل العالم وتسقط الإمبراطورية العثمانية وتنقطع خطوط السكك الحديدية التى كان تصل القدس بالقاهرة فاستحال المشروع أن يكتمل وبقى الدير خاوياً، لكن بعد انتهاء الحرب وجد الباحثون أن عليهم الاستفادة من الدير أو العودة إلى بلدهم «فرنسا»، جرت محاولات عدة حتى انتهت بتأسيس معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومينيكان عام 1953 لدعم الحوار الدينى والثقافى بين المسلمين والمسيحيين، ليظل حتى الآن يقوم بدوره التنويرى والتثقيفى على نحو جيد.
يشرح جون درويل، مدير المعهد «فرنسى الجنسية»، أن الدومينيكان هم عبارة عن طائفة مسيحية مثل الطرق الصوفية فى الإسلام، ولكنهم تحت لواء الكنيسة الكاثوليكية، أكبر الطوائف المسيحية التى تضم مليار مسيحى كاثوليكى عبر العالم، وأنه يوجد فى مصر 18 فرداًَ فقط من الطائفة الدومينيكة؛ 8 داخل الدير والمعهد، و10 سيدات أخريات خارجه لا يترددن على الدير إلا فى المناسبات الكبيرة، موضحاً أن الطريقة الدومينيكية مكونة من 6 آلاف أخ و4 آلاف راهبة محتبسة أى داخل الأديرة لم يخرجوا منه و24 ألف راهبة نشيطة أى تشارك فى الحياة العامة إلى جانب 70 ألف علمانى ينتمون إلى الطائفة الدومينيكية ولكنهم غير مرتبطين بأى التزامات داخل الأديرة، مضيفاً أن الموقع عبارة عن دير ملحق به معهد وأن المعهد تأسس على يد دكتور مصرى يدعى جورج قنواتى وفرنسيين لتصبح هناك أنشطة لتدريب وتعليم العالم المسيحى التعاليم الصحيحة للدين الإسلامى ودراسه تراثه خلال العشرة قرون الأولى بعد الهجرة، لتحقيق جسر تفاهم بين العالمين المسيحى والمسلم، لإذابة أى احتقان بين الفريقين والذى ينتج دائماً من الجهل بالتعاليم الصحيحة للدين سواء أكان الدين الإسلامى أو المسيحى.
ويتابع: «الناس مش عارفة يعنى إيه حديث قوى وحديث ضعيف، وإن المسلمين فى عقيدتهم إن الإنجيل والتوراة محرفين وإن القرآن جاء لأنهم محرفين، وهذا يغضب المسيحى، ولكن بعد دراسة وفهم معنى التنزيل الذى نزل به القرآن يكون هناك تقبل واضح بأن الإنجيل تم تحريفه بالنسبة إلى المسلمين، لأنه تمت كتابته على يد أشخاص ولم ينزل بالحروف (أ ل م)، وبكده هنفهم عقيدة التحريف ونفهم المنظور الإسلامى».
المدير: نعمل على تواصل الديانتين وإزالة الاحتقان والمكتبة بها 150 ألف كتاب.. وباحث: لولاه ما حصلت على «الدكتوراه».. ومكتبة المعهد بها موسوعات وأمهات الكتب غير المتوافرة
ويضيف «درويل» أنه بفهم المنطق الداخلى للإسلام يجعلنا نتقبل اتهامهم بأن الإنجيل والكتاب المقدس محرف، ولكن إن لم ندرس الإسلام بدقة فلن نفهم المعنى الحقيقى للاتهام بأن الإنجيل محرف وبالتالى تنتشر روح العداء والكره، لافتاً إلى أن المعهد به 30 عضواً 8 بداخله و22 خارجه وكل شخص متخصص فى مجال دراسة معينة مثلاً البلاغة القرآنية وتاريخ المماليك وعلم الكلام الإسلامى والتصوف والحديث النبوى والفلسفة الإسلامية والطب الإسلامى إلى جانب تخصصات أخرى، مشيراً إلى أنه متخصص فى النحو، وأن مكتبة المعهد تخدم الكثير من الباحثين والدارسين المتخصصين فى التاريخ الإسلامى الذى تزخر المكتبة بالكتب النادرة والموسوعات القيمة التى تملأ مخزن المكتبة التى تضم 150 ألف كتاب، موضحاً أن مستوى المكتبة عالٍ جداً بشهادة المترددين عليها والذين يأتون من دول عربية وأجنبية للاطلاع عليها وقراءتها، ويحتوى على مكان مخصص لصلاة المسلمين، ومضيفة لإقامة الباحثين الوافدين من بلدان بعيدة وليس لديهم إقامة بالقاهرة.
ويقول علاء محمد بدوى، 32 عاماً، مدرس تاريخ وباحث فى تاريخ الطب العربى، إنه يتردد على المعهد منذ عام 2005 عقب تخرجه، وإنه لولا المعهد ومكتبته الزاخرة بالكتب القيمة لما تمكن من الحصول على الماجستير والدكتوراه التى سجلها قبل ستة أشهر، مشيراً إلى أن مكتبة المعهد بها موسوعات وأمهات الكتب غير المتوافرة فى أى مكتبات أخرى مهما ذاع صيتها وشهرتها، موضحاً أن رسالة الدكتوراه كانت فى تاريخ الطب فى مصر فى العصر الفاطمى، وأنه من خلال الأساليب الحديثة فى عرض المادة العلمية والبحث عنها وامتلاك المكتبة لأزخر الكتب فى التراث الإسلامى، تمكن من كتابة رسالة الدكتوراه وتكللت بالنجاح.