اللى فات «مات»
الحداد
يصفه الجميع بـ«الميت»، جسمه النحيل والتجاعيد التى تملأ بشرته السمراء كانا السبب فى هذا اللقب، لكن «السيد» كان يملك سبباً أقوى، جعله يشعر بأنه «ميت»، وهو اعتزال مهنته القديمة، واستبدالها بطاولة خشبية مرصوصة بـ«خراطيش سجائر»، حرص أن يكون مكانها أمام ورشة الحدادة التى أفنى فيها شبابه، ولم يعد قادراً على العودة إليها بسبب «أصابعه المرتعشة». كالمحب من «طرف واحد» أصبح حال «السيد محفوظ»، 65 عاماً، مع ورشته القديمة التى استأجرها بـ30 قرشاً منذ 50 عاماً، يتأملها عن بُعد، بعد أن استغنت هى عنه بحكم العجز: «السن سرق كل حاجة بحبها، الشغل، الرزق، ومن بعد ما كنا بنتعامل مع أكبر التجار، دلوقتى يا دوب باقضى احتياجاتى من فلوس السجاير الفرط». مر أكثر من 15 عاماً منذ ترك «السيد» ورشته، لكن ما زالت عالقة فى ذكرياته، يتذكر تضفير أكثر من 2000 حلقة حديدية فى اليوم لتصبح «سلسلة» تُربط بها العجول والحمير فى الأسواق، مقابل 25 قرشاً كانت وقتها تمثل «ثروة».