«خلاف»: مصر تتحمل «الرصيد الأكبر» من أسباب الأزمة
بخبرة 40 عاماً من العمل الدبلوماسى، كان مطلعاً خلالها على أدق تفاصيل الروابط المصرية العربية، تحدث السفير هانى خلاف، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية الأسبق لـ«الوطن» مشخصاً حالة العلاقات المصرية مع المحيط العربى، رافضاً الرأى القائل إن العرب تخلوا عن مصر، معتبراً أن مصر تتحمل النصيب الأكبر من أسباب الأزمة؛ لأنها لم تجد عرضها، ولم تبتكر حلولاً لها، وقال إننا نعانى فى مصر غياب الطرح الذى يجذب المستثمر العربى، وأن معظم زيارات الرئيس محمد مرسى إلى الدول العربية والإسلامية لم تُترجم أغراضها على أرض الواقع.
* لماذا تخلى الأشقاء العرب عن مصر فى محنتها؟
- بداية لا أميل إلى فكرة أن العرب تخلوا عن مصر، فمصر لم تسع إلى عرض وطرح مشكلاتها فى إطار عربى بوجه عام، واكتفت بعرض مشكلاتها الاقتصادية بشكل ثنائى على كل من السعودية وقطر، فاستجابتا بدورهما، وقدمت السعودية نصف مليار مساعدات فورية، وطلبت أن تكون حزمة المساعدات المتبقية فى شكل استثمارات، عبر مشروعات تطرحها الحكومة المصرية، ولم نسمع عن جهد مبذول من جانب حكومة الدكتور هشام قنديل فى هذا الصدد، بأن تقدم أشياء ذات جاذبية للمستثمر السعودى، وكذلك بالنسبة للكويت والعراق، نحن لم نبذل الجهد المطلوب مع هذه الدول، ولم نقدم حلولاً ابتكارية لأزمتنا، أو حتى حلولاً عادية.
*وماذا عن الأزمة مع الإمارات؟
- هناك مشكلة مع الإمارات، ولم يعد يصح أن تستمر أكثر من ذلك، هذه المشكلة تنبع من تصور البعض داخل الإمارات، بأن تولى الإخوان المسلمين الحكم فى مصر، يعنى أنهم سيصدرون الثورة إلى الخليج، هذه مخاوفهم، وكان علينا أن نطمئنهم بأننا مشغولين بالداخل، لعقدين من الزمن على الأقل، ومسألة تصدير الثورة ليست فى سياساتنا، ومصر لم تسع لقناة اتصال موجودة ومؤثرة بالفعل، وهى الشيخ صقر قاسمى، حاكم الشارقة، وهو عاشق لمصر، ومحب لأهلها، كان من الممكن عن طريقه فتح كثير من قنوات الاتصال، وتصحيح كثير من المفاهيم، وتبديد مخاوف الإمارات من حكم الإخوان، فبين مصر والإمارات تاريخ طويل، ومحبة لها جذورها، ولا يمكن أن نسمح باستمرار هذا الوضع من تردى العلاقات بين البلدين كثيراً.
* هل تعتقد أن زيارة الرئيس محمد مرسى إلى إيران كانت صائبة؟
- التوجه نحو إيران والتنسيق معها، فى حد ذاته أمر جيد، لأنه من الصعب إغفال لاعب رئيسى على المسرح الإقليمى بحجم إيران، لكن فيما يخص زيارة الرئيس مرسى، لا أعتقد أنها حققت المطلوب، ولم تستفد منها مصر على النحو المرجو ثنائياً، حتى خطاب الرئيس راعى فيه ضغوط الداخل من جانب التيار السلفى، فكان خطابه سنياً مذهبياً، فى زيارة يفترض أنها تفتح أفقاً جديداً فى العلاقات، ويبدو أن ضغوطاً أخرى أيضاً مورست تجاه هذه الزيارة؛ لأننا لم نشهد تفعيلاً لها فيما بعد، ولم تذهب وفود مصرية إلى طهران، أو العكس، أى أننا حصدنا غرم الزيارة دون غنمها.
* الجزائر شهدت اهتماماً حكومياً واسعاً من جانب مصر ولكن أيضاً بلا جدوى.. لماذا؟
- بالفعل، الجزائر دولة لها وضع اقتصادى كبير، ورئيس الوزراء المصرى ذهب إليها، واستمعنا عن طموحات الجانبين، ولكن لم تترجم تلك الطموحات إلى أرض الواقع، وأعتقد أن السبب الرئيسى، كما ذكرت، غياب الطرح من جانبنا بشكل يجذب المستثمر.
*ولماذا غابت مصر عن إعمار ليبيا؟
- مسألة إعمار ليبيا احتكرها «الناتو»، ولن يترك سوى الفتات، ومع ذلك كان من السهل لمصر أن تعبر بشركاتها فى الاتصالات والكهرباء، وأن تفتح مستشفياتها لعلاج الأشقاء الليبيين، وكان سيأتى إلينا عشرات الآلاف، ليبيا منغمسة فى وضعها الداخلى، لكن أيضاً لديها مشكلة سياسية مع مصر، تتمثل فى رغبتها بتسلم بعض العناصر الموالين للنظام الليبى السابق، ويبدو أن الموضوع شائك، وأن البعض موجود على سبيل اللجوء السياسى، ومصر تجد حرجاً فى تسليمه لأسباب أدبية وأخلاقية.
أخبار متعلقة:
مصر تغرق.. والعرب يمتنعون عن دعمها
وعود بـ 8 مليار دولار.. والنتيجة: مليار واحد
انسداد.. فى «شرايين» الدبلوماسية