أم شريف.. سيدة إمبابة الحديدية:أنا أول وآخر «مضيفة» بالسكة الحديد
إذا كنت مسافراً إلى مدينة الإسكندرية ذات مرة فى الديزل الفرنساوى رقم «911» وصادفت «الحاجة أم شريف»، مضيفة ومسئولة العربة السابعة من القطار، فاعلم أنها السيدة المصرية الوحيدة التى تعمل بهذه الوظيفة الصعبة، فهى تتحمل المشقة منذ 28 عاماً من أجل أبنائها وظروف حياتها القاسية.
تقول كريمة عبدالحميد، 55 سنة، من إمبابة، وشهرتها «الحاجة أم شريف»: بعد طلاقى من زوجى الأول وإنجابى منه طفلاً بحثت عن عمل حتى أستطيع العيش، ورأيت إعلاناً بهيئة سكك حديد مصر عام 1983يطلب مضيفات للقطارات، وتم قبول 200 سيدة من المتقدمات، وكنت واحدة منهن، وبسبب هذا الإعلان تحول رئيس الهيئة للتحقيق؛ لأن هذه المهنة صعبة وتقتصر على الرجال فقط، لكن قرار الإلغاء جاء بعد أن تم تعييننا بالفعل، ومع مرور الوقت لم تتحمل الكثيرات من زميلاتى مشقة العمل، فتحول بعضهن إلى قطاعات أخرى مكتبية، وأخريات إلى مستشفى السكك الحديدية، وبقيت أنا و6 من زميلاتى فقط نعمل مضيفات حتى عام 2000، وقد توفى بعضهن وخرجت أخريات إلى المعاش. وأصبحت بذلك السيدة الوحيدة والأخيرة التى تعمل بهذه المهنة.
وعن المواقف الصعبة التى تتعرض لها يومياً، قالت: أتأذى كثيراً من نظرات الناس «البطّالة» وبحكم خبرتى الطويلة أستطيع معرفة أى شخصية على الفور، لأننى أتعامل مع الطبيب والمستشار وحتى البلطجى وكل فئات المجتمع، وقد تعود الركاب علىّ وتعودت عليهم، خاصة الموظفين الذين يركبون معى يومياً.. وعندما أغيب بعض الأيام ولو لأيام قليلة أجدهم يسارعون للسؤال عنى.
وعندما سألتها عن مرتبها، قبلت يديها مرتين، وقالت: الحمد لله يتعدى الآن الألف جنيه، وهذا ما يشجعنى على التمسك بالعمل حتى ولو كان شاقاً. وابتسمت قليلاً عندما سألتها: هل طلب أحد الزواج منك بعد وفاة زوجك الثانى؟ قالت: نعم، تقدم لى نحو 20 عريساً، معظمهم زملاء لى بالسكة الحديدية، وقد رفضتهم جميعاً حباً فى زوجى المتوفى ولتأكدى من أنهم جميعاً قد طلبوا الزواج منى ليس حباً فى الاستقرار والزواج لكن طمعاً فى مرتبى. وتضيف: بحكم عملى أتعرض لكثير من المواقف المثيرة، فقد وجدت أكثر من مرة حقائب بها ذهب وأشياء ثمينة ومظاريف بها فلوس، وبسبب تذكرى الله لم أدخل أى شىء حرام لبيتى مخافة من الله «عشان عيالى»، وأخيرا تقول أم شريف: على الرغم من مشقة العمل فإننى أفكر كثيراً فى حالى بعد خروجى إلى المعاش، وأخاف من هذا اليوم بشدة، لأننى سأشعر بالملل.