شهادة «صحفى» قادم من جمعيات حقوقية: السرقة باسم «حقوق الإنسان».. بما لا يخالف القانون
عامر
كثير منا يعيش هذه الحالة حين تكون خريج كلية مثل «الاقتصاد والعلوم السياسية»، التى يحرص أساتذتك فيها على إفهامك دوماً أنك لست كأى طالب أو دارس عادى، بل صاحب وحامل رسالة، لست كغيرك تسعى بعد تخرجك إلى مجرد عمل أو وظيفة تجلب منها قوت يومك، إنما تريد أن تبحث عن عمل يساعدك فى نشر ما تحمله من قيم ومبادئ تنقع بها بنى وطنك، واحد من المجالات التى ترى فيها إمكانية كبيرة لنفع البشر هى منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الحقوقية أو القريبة من العمل السياسى تحديداً، لكن من تعاملى الأول اصطدمت بذلك الواقع المزرى لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى فى مصر، تعاملت معها فى تجربتين جعلتانى أكون رأياً قاطعاً فى ذلك المجال، الذى بات فى نظرى مجرد «وكر للصوص والسبوبجية»، ومجال لـ«المرتزقة» يجدون فى التمويل المقبل من المنظمات الدولية «مال سايب يعلم السرقة» لمن لم يتعلم، وينفخ بطون «معلمين» هذه «السبوبة».
التجربة الأولى لى كانت فى منتصف عام 2011، عملت فى إحدى الجمعيات التنموية التى كان هدفها المعلن «التنمية السياسية والتوعية بما يتماشى مع قيم ثورة 25 يناير». لكن لم يمر إلا شهر أو أقل حتى علمت أن الجمعية مؤسسها الحقيقى محام ومدير لمركز حقوقى معروف وضيف دائم على البرامج التليفزيونية، ومعروف فى مجاله بقدرته على جذب التمويلات الأجنبية و«سرقتها» فى نفس الوقت بحرفية، وبما لا يخالف القانون. المحامى أراد أن يستغل فوضى التمويلات الأجنبية التى هبطت على مصر بعد «25 يناير»، ولم يكتف بما يناله مركزه الحقوقى من تمويلات أجنبية، فأسس تلك الجمعية للحصول على تمويل آخر، لكن ليس باسمه، إنما باسم 2 من العاملين لديه فى المركز الحقوقى المعروف، أحدهما كاتم أسراره والآخر بلا شخصية تماماً، بل أحياناً يهينه بألفاظ قبيحة للغاية. التجربة الثانية كانت مع إحدى الجمعيات المعروفة، فى الغالب تأخذ تمويلاً لمشروعات الرقابة على الانتخابات، وعملت معهم «باحث سياسى» فى أحد المشروعات وكنت أتقاضى 1200 جنيه مكافأة فى إطار تنفيذنا المشروع الذى حصل على تمويل أمريكى تجاوز 4 ملايين جنيه ونصف تقريباً، وكان هناك مئات المراقبين التابعين للجمعية فى المحافظات وكانت مكافأة الفرد 300 جنيه. وذات مرة كنت أبحث عن أوراق تائهة منى فى مكاتب الجمعية، فوجدت بالصدفة ملفاً مهماً صدمنى ما فيه، كان عبارة عن مشروع مقدم للجهة المانحة وعلى أساسه حصل على التمويل موثق بالأختام الرسمية، وأهم ما لفت نظرى أن عدد الباحثين المثبتين فى ورق المشروع كان 18 باحثاً سياسياً مقابل راتب فى الشهر 4 آلاف جنيه لكل باحث، فى حين أنى كنت وزملائى الباحثون 6 فقط، يتقاضى كل منا 1200 جنيه، أى هناك مبلغ مالى قدره 64.800 شهرياً تتم سرقته، أى حوالى ربع مليون جنيه فقط تتم سرقته تحت مسمى «رواتب باحثين» خلال فترة المشروع التى كانت 4 أشهر.