قانونيون: «حبال» المحاكم طويلة لنقص القضاة وغياب التكنولوجيا
قضايا عديدة فى ساحات المحاكم تنتظر الحسم
أصبحت المحاكم تمثل لدى البعض «فوبيا» يترددون قبل أن يخوضوا التجربة، «موكل» أو محام، كلاهما ترهقه العبارات الشهيرة التى تتضمنها مواد القانون، وتنهى العديد من القضايا لصالح الخصوم، مثل «يبقى الوضع على ما هو عليه» فى منازعات الحيازة على أرض أو شقة أو عقار، أو «لم يستدل على العنوان» فى جنح النصب، و«الحكم بعدم الاختصاص» فى قضايا التعويضات، وأخيراً «ضد مجهول» فى الجنايات، أسباب عديدة طرحها قانونيون لأزمة بطء إجراءات التقاضى التى تدفع العديد من المواطنين لتحقيق العدالة بأنفسهم بسبب فقدان الثقة فى قرارات المحكمة بعد سنوات عذاب.
د. عماد الفقى، أستاذ القانون الجنائى بجامعة حلوان، أكد أن العديد من العبارات التى تتضمنها مواد القانون دفعت المواطنين إلى فقدان الثقة فى جهاز العدالة، الذى يتسم بـ«البطء» حسب وصفه، مشيراً إلى أن البطء فى إجراءات التقاضى غالباً ما يدفع لاستخدام تلك العبارات فى النهاية ويعود التباطؤ لعدة أسباب، أبرزها قلة القضاة وسلطات التحقيق، بالإضافة إلى أن القانون المصرى ما زال متمسكاً بالوسائل التقليدية فى تحقيق العدالة، ولم يسلك نهج القوانين المقارنة الأخرى كالقانون الفرنسى «بيعرفوا يستفادوا من المتهمين، وفى الوقت نفسه من الصعب أن يفلت أى مجرم من قبضة العدالة، لكن العدالة المصرية يستخدمها بعض المحامين لإرهاق الخصم باستخدام ثغرات ومواد القانون غير المستحدثة».
«الفقى»: القانون المصرى يتمسك بالوسائل التقليدية.. و«المغازى»: إجراءات التقاضى «بطيئة» وتدفع البعض إلى قانون «الغاب»
يتفق د. عبدالله المغازى، أستاذ القانون الدستورى والبرلمانى السابق، على أن إجراءات التقاضى «بطيئة» وتشكل خطراً على استقرار المجتمع، حيث تدفع البعض من البسطاء إلى اللجوء لقانون «الغاب» حيث يقتص كل فرد لنفسه دون الاعتماد على «حبال المحاكم» إذا شعر بالظلم، وفى حالة الصلح دون اختصام يلجأ كبار العائلات إلى «الجلسات العرفية» وهذا يدل على افتقاد المواطن ثقته فى «روح القانون» وفق قوله.
ويتابع المغازى قائلاً «نحن كمحامين نعانى كما يعانى المواطن فالعدالة البطيئة ظلم بيّن، جلسات طويلة الأمد من أجل ورقة، أو موظف لم يحضر، وإجراءات من السهل إيجاد حلول لها بإدخال التكنولوجيا إلى المحاكم، وبدلاً من الإخطار على يد محضر برسالة نصية على أجهزة المحمول أو غيرها من الوسائل الحديثة»، مشيراً إلى أن هناك سبباً آخر وهو تفاخر بعض القضاة بقلتهم أمام الدعاوى المنظورة، بالرغم من أن ذلك يؤدى إلى تأجيلات غير مبررة لبعض القضايا على أثرها تدمر حياة مواطن بسيط كان ينتظر النصر ولحقته الخسارة «بيبقوا فاكرين إن عشان هما قليلين ده برستيج وإنهم عملة نادرة، مع أن وجودهم فى ظل الانفلات الأمنى وزيادة معدل الجريمة مهم لسرعة الأحكام القضائية».
بحكم عمله فى المحاكم لأكثر من 30 عاماً، رمضان سيد عبدالرحمن، المحامى بالنقض، يؤكد أن وجود تلك العبارات بمواد القانون لا ضرر منها بقدر اللجوء إليها «عشان نخلص» وفق قوله، بمعنى أن هناك عدداً من القضايا التى تظل سنوات متداولة ولا حل بديل إلا استخدام تلك الأكلشيهات لإغلاق القضية، مؤكداً أن تلك العبارات لا قيمة لها إذا كانت العدالة تلجأ لطرق مختلفة وآلية بحث سريعة، فيقول «كسل وبطء وأحياناً سوء استخدام للسلطة، ممكن يحول بعض المجنى عليهم إلى جناة، وماشيين على مبدأ العدالة لازم تاخد مجراها ومفيش مانع لو خدت سنة واتنين وفى الآخر يرجع المواطن إيد ورا وإيد قدام».
«رمضان» يؤكد أن تحديث مواد القانون لا قيمة له إذا ظل القضاء متمسكاً بـ«الجمودية فى التعامل» بالرغم من أنهم ممثلو العدالة فى الدولة «يعنى لو تم تحديث القانون لكن المحكمة ماشية بنفس مبدأها إن كل حاجة بتاخد وقتها، يبقى كأنى معملتش حاجة.. قانون من غير قاضى صارم عدالة ناقصة».