حازم صلاح أبو إسماعيل .. أصل وصورتين
مثل "الولي" صاحب الكرامات في الحكايات الشعبية يبدو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل في عيون أتباعه. "ولي" مقاماته محفوظة وإن لم تقام على الأرض. يحتفظون بها في قلوبهم ويغلقون عليها صدورهم. يتبعونه أينما ذهب كظله أو أكثر.
أحلامه أوامر، وأوامره فرمانات لا تحتمل المراجعة "لا ينطق عن الهوى"، ينقصه "وحىٌ يوحي إليه " ساعتها فقط ستكتمل الصورة التي يحب مؤيدوه أن يروا شيخهم عليها.
معارضوه يرونه غير ذلك تماماً، يتندرون على أتباعه مطلقين عليهم "أولاد أبو إسماعيل"، وهي تسمية مستقاة في الأساس من فيلم "بوحة" الكوميدي الذي لعب بطولته محمد سعد، حينما تلقى علقة ساخنة من عائلة تدعى "أبو إسماعيل"، فصار طوال الفيلم يعاني من هاجس مطاردة "ولاد أبو إسماعيل" له.
وسواء كنت مؤيداً أو معارضاً فحتماً سوف تجد صورة أبو إسماعيل التي تتصدر بوسترات حملته الانتخابية كرئيس للجمهورية غير محايدة على الإطلاق: ابتسامة واسعة تكشف عن صف أسنانه العلوي، وتخدش "الرهبة" التي تبعثها لحية كثيفة ينتصر بياضها على سوادها، تصنع تناغماً مع شعر رأسه الذي يعلو جبهة واسعة منحوت تحتها عينان غائرتان على جانبي أنف مستقيمة حادة. سوف تحرضك الصورة على الانضمام لواحد من المعسكرين، والحكم في النهاية لك.
لم تثر صورة الشيخ أي مشاعر تجاهه من قبل. على العكس تماماً، دفعت الجميع للتعاطف معه أثناء خوضه انتخابات مجلس الشعب في دائرة الدقي ممثلا للاخوان المسلمين أمام الوزيرة السابقة آمال عثمان عام 2005، بعد أن أثبت الفرز فوز أبو إسماعيل بينما خرجت النتائج الرسمية لتؤكد تغلب آمال على نائب الإخوان.
التعاطف جاء بغضاً في الحكومة التي زورت النتائج لصالح آمال، وانتصاراً للطرف الأضعف وقتها، والذي تمثل في الإخوان المسلمين ورجلهم أبو إسماعيل.
غاب حازم عن انتخابات مجلس الشعب 2010، ثم ظهر في أحداث الثورة ليتظاهر ويصرح ويهاجم ويتضامن ويدين، قبل أن يعلن نيته في ترشيح نفسه كأول رئيس جمهورية بعد الثورة يطبق الشريعة الإسلامية، وكان ذلك كافياً ليقف السلفيون خلفه بكل قوتهم. وفيما غزت بوستراته الدعائية كل شبر في مصر، راح تاريخ حياته يتلى على الملأ: محام. مواليد 1961. "أب ذو تاريخ محترم، وأم من الفضليات".
كان من الممكن أن تسير الحكاية في مسارها الطبيعي لولا تفجر قصة حصول والدة الشيخ على الجنسية الأمريكية، وهو ما يمنع طبقاً للإعلان الدستوري من ترشحه في الانتخابات، وما صاحب ذلك من أخذ ورد بينه وبين لجنة الانتخابات الرئاسية ووزارتي الداخلية والخارجية، والقضاء الإداري، لتنتهي القصة باستبعاده من الانتخابات، الأمر الذي فجر غضب أنصاره، ودفعهم للاعتصام أولاً في ميدان التحرير، ثم مؤخراً في محيط وزارة الدفاع بميدان العباسية. لتشهد المنطقة مواجهات دامية على مدار أسبوع كامل.