مزارعو القمح بسوهاج: أسعار الأسمدة والسولار «نار»
أحمد فقير أمين عام نقابة الفلاحين بسوهاج وسط زراعات القمح
مع انطلاق المنظومة الجديدة التى أعلنتها الحكومة بتحديد 1300 جنيه دعماً للفدان، لتمكين المزارعين من شراء المحصول فى مايو المقبل بالسعر العالمى، تراجعت الحكومة عن تعهداتها السابقة بشراء القمح بسعر 420 جنيهاً للإردب، وسواء طبقت منظومتها الجديدة أو التزمت بتعهداتها السابقة، إلا أن ذلك لا يؤثر فى حال المزارعين ولا تمثل تلك التصريحات أهمية لدى مزارعى القمح بمحافظة سوهاج.
معظم مزارعى سوهاج لا يتجهون لبيع المحصول بل يكون الإنتاج قاصراً على استهلاكهم الشخصى واستخدام «التبن» كعلف للماشية، كما أن هناك عدداً كبيراً منهم يلجأ لإحلال القمح بدل الذرة فى إطعام الماشية، ويؤكد عدد كبير من أهالى المحافظة أن محصول القمح لا يحقق أى مكاسب مادية لهم، بل إن تكاليف زراعة المحصول ارتفعت بشكل كبير فى ظل رفع الحكومة لأسعار السولار، ما تسبب فى مضاعفة تكاليف الرى ورفع ثمن حرث الأرض ودرس المحصول ونقله.
«أبوعرفات»: الدعم «كذبة أبريل».. و«رياض»: محصول العام مبشر.. وأمين الفلاحين: غالبية المزارعين يستخدمون الإنتاج فى إطعام الماشية
وأشار الأهالى إلى أن جميع المعدات التى تعمل فى الزراعة مثل «الجرارات الزراعية وماكينات الرى ومواتير الرش» تعمل بالسولار، موضحين أن مستقبل الزراعة أصبح فى خطر بسبب الارتفاع الجنونى فى سعر السولار، وطالبوا الحكومة بخفض ثمنه أو ربط الحيازات الزراعية بكمية مناسبة من السولار تصرف بسعر منخفض حتى تعود الزراعة لسابق عهدها ويتمكن الفلاح من تحقيق دخل ينفق منه على أسرته.
كما أن نقص الأسمدة وارتفاع ثمنها يعجل بتبوير الأرض الزراعية، ليس فقط من القمح بل من باقى الزراعات التى هى مصدر دخل الفلاح الوحيد، وقال إبراهيم أبوعرفات، أحد كبار مزارعى القمح بسوهاج، إن الحكومة تعمل دائماً ضد مصالح الفلاح، وتصدر قرارات وتعليمات تضر بالزراعة، موضحاً أن إعلان دعم فدان القمح بمبلغ 1300 جنيه عبارة عن «كذبة أبريل» وكان يجب على الحكومة أن تحدد سعر توريد مرتفعاً للقمح حتى يكون هناك تحفيز للمزارع.
ووصف «أبوعرفات» الحكومة بـ«عدوة للفلاح»، وتابع: لم نشاهدها تصدر قراراً واحداً يصب فى مصلحته، بل كل القرارات التى تصدر تقصم ظهر عدد كبير من المزارعين، مشيراً إلى أن قلة الكميات المخصصة لفدان القمح من الأسمدة غير كافية.
وأضاف أن الحكومة توفر 3 «شكائر أسمدة» للفدان الواحد على الرغم من أن الفدان فى الأرض الطمى يحتاج 5 شكائر، وفى الأرض الصحراوية يحتاج 6 شكائر، حتى يحقق الإنتاج المتوقع، وكان يجب على الحكومة أن تستشير الفلاح فى كميات السماد التى يحتاجها الفدان بدلاً من أن يحدد مركز البحوث الزراعية ذلك، لأن الفلاح هو الأقدر على تحديد احتياجاته من السماد.
وأضاف «أبوعرفات» أن المزارع يعانى من ارتفاع أسعار السولار التى أصبحت أعلى من الأسعار العالمية، على حد قوله، مؤكداً أن الحكومة تتاجر فى المواطنين عقب الانخفاض الحاد فى أسعار النفط عالمياً، وعلى الرغم من ذلك لم تفكر الحكومة فى خفض سعر السولار رحمة بالمزارعين.
وأشار إلى أن عصب الزراعة هو السولار، وأن الفلاح يعمل ليلاً ونهاراً فى أرضه، وفى نهاية الموسم يجد نفسه مكبلاً بالديون لبنك التنمية والائتمان الزراعى، مشدداً على أن محصول القمح هذا العام أصيب بضربة موجعة بسبب قرارات الحكومة المتضاربة، موضحاً أن الفدان الواحد فى الأرض الطمى يحتاج 8 مرات رى فى الموسم، وكان سعر الصفيحة فى الماضى لا يتجاوز 20 جنيهاً، أما الآن فقد أصبح سعر الصفيحة 50 جنيهاً والفدان يستهلك صفيحتين فى المرة الواحدة.
وقال إن الفدان فى الأرض الصحراوية المستصلحة يتم ريه 16 مرة فى الموسم، مما يعنى أن الفدان فى تلك الأرض يستهلك بـ1600 جنيه سولاراً فقط طيلة الموسم، مؤكداً أن فدان القمح فى الأرض الطمى يتكلف 400 جنيه تقاوى و400 جنيه حرث وعمالة، و800 جنيه سولار و200 جنيه رش مبيدات، و800 جنيه حصاد و500 درس، فى حين أن إنتاجية الفدان لا تزيد على 10 أرادب، وبالنظر للمصاريف فإن القمح لا يحقق أى عائد للمزارع لكن الفلاح يقوم بزراعته حتى يجد قوته وقوت أسرته.
من جهته، قال أنس رياض، رئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية بمركز العسيرات بسوهاج، إن محصول القمح هذا العام إنتاجه مبشر بالخير، لكن أسعار السولار والأسمدة أرهقت كاهل المزارعين، ولم تقتصر المشكلة على محصول القمح فقط بل امتدت لباقى المحاصيل، موضحاً أن فدان القمح فى الأرض الصحراوية ينتج حوالى 15 إردباً للفدان وتزيد هذه الإنتاجية فى المناطق التى تتم العناية بها ومقاومة الحشائش والآفات.
وأشار «رياض» إلى أن نبات القمح يتعرض للتلف نتيجة للإصابة بالأمراض والآفات الحشرية والحشائش الضارة، ويستخدم مزارعو القمح عدة طرق لمنع حدوث مثل هذا التلف، مضيفاً أن هناك أرضاً أنتجت حوالى 18 إردباً للفدان، ما يعد إنتاجية مرتفعة، لكن فى جميع الأحوال العائد من زراعة القمح لا يعتبر مجزياً للفلاح، لأن القمح يمكث فى الأرض 6 أشهر تقريباً، فى حين لو أن المزارع قام بزراعة فدان برسيم بدلاً من القمح سيحقق له عائداً أكبر بكثير من زراعة القمح.
وأوضح أن الأهالى لا يستطيعون التوقف عن زراعة القمح، لأن المزارع عندما لا يجد قمحاً داخل منزله يشعر بأنه اقترب من حافة الفقر، لافتاً إلى أن مديرية الزراعة بسوهاج قدمت عدداً من النصائح للمزارعين طيلة فترة الزراعة وكانت هناك متابعة وتنظيم حقول إرشادية للمزارعين، مما ساهم فى رفع الوعى لديهم وساهم فى رفع إنتاجية الفدان.
فيما أكد أحمد فقير، أمين عام نقابة الفلاحين بمحافظة سوهاج، أن المساحة المنزرعة بالقمح لهذا العام بالمحافظة بلغت حوالى 207 آلاف فدان، وتم تحديد سعر توريد القمح من الدولة بواقع 420 جنيهاً للإردب، مشيراً إلى أن الدولة تراجعت عن هذا الوعد، مؤكدة أنها ستشترى القمح بالسعر العالمى فى مايو المقبل وتقدم دعماً 1300 جنيه للفدان بحد أقصى 35 فداناً.
وأوضح أن دعم الحكومة لن يذهب للمزارع فى أغلب الأحوال، لأن هناك عدداً كبيراً من المزارعين يستأجرون أرضاً زراعية، وهذا الدعم سيذهب لصاحب الحيازة ولن يذهب للمزارع، كما أن هناك مزارعين يستصلحون أرضاً زراعية فى المناطق الصحراوية ولا توجد لديهم أى حيازات زراعية.
وأشار إلى أن الحكومة أوشكت على جعل المزارع يترك الأرض بسبب القرارات التى تتخذها والارتفاع الجنونى فى أسعار الأسمدة والسولار، لافتاً إلى أن أغلب مزارعى القمح بالمحافظة يزرعونه للاستخدام الشخصى، حيث يتم تخزين الحبوب لإعداد الخبز والتبن كعلف للماشية، وأكد «فقير» أن التوقعات لهذا العام تشير إلى أن الفدان سيحقق إنتاجاً يصل إلى 20 إردباً، وذلك بعد أن تم رفع الوعى لدى المزارعين، عن طريق تنظيم حقول إرشادية لهم بجميع القرى والنجوع طيلة فترة زراعة المحصول، كما تم توجيه النصح للمزارعين بشكل مستمر ومتابعة الحشائش والآفات من قبل مهندسى مديرية الزراعة والقضاء عليها بشكل فورى.