بالفيديو| سميرة موسى "مديرة مدرسة" ولطفي السيد مؤلف "كليلة ودمنة".. "طلاب ميعرفوش أسماء مدارسهم"
"سميرة موسى" مديرة المدرسة ولطفي السيد مؤلف "كليلة ودمنة" .. "طلاب ما يعرفوش أسماء مدارسهم"
بنى الكثيرون الأوطان كل على طريقته، منهم مَن أفنى في سبيل العلم عمره، وآخرون قدَّموا دماءهم ليحل الخير على بلادهم، ولأجل هؤلاء أفرد التاريخ صفحاته، التي طوتها الأجيال اللاحقة بفعل الإهمال، وأخذت تُردد الأسماء ليل نهار، دون أن تدري لمَ هؤلاء خاصة أطلقت الدولة أسماءهم على المدارس، ولم يقتنصوا لحظة ليسألوا عنهم، ولم يهتم المسؤولون عن تلك المدارس بتعريف أحد سبب التسمية.
تتوسط شارع متفرع من "الأهرام" الرئيسي، مدرسة "أحمد لطفي السيد الثانوية العسكرية بنين"، والتي سُميت على اسم "أفلاطون الأدب العربي"، كما وصفه تلميذه الأديب عباس محمود العقاد، وكان مديرًا للجامعة المصرية "جامعة القاهرة" حاليا، بعد أن أصبحت حكومية في العام 1925، وجهّله الطلاب الدارسين بتلك المدرسة، في سؤال "الوطن" لهم عن ماهية الشخص الذي يرددون اسمه، للتعريف بمحرابهم العلمي، فمنهم مَن قال إنه كان "مدير المدرسة" لحظة إنشائها، أو أنه كان ضابطًا مهمًا، فيما تطوع آخر بمعلومة عنه تُنم عن جهل التلاميذ به، مفتخرًا بأنه في المدرسة التي ألف صاحبها رواية "اللص والكلاب"، رغم أن مؤلف الرواية هو الأديب نجيب محفوظ، وبأنه أيضًا مؤلف الرائعة التاريخية "كليلة ودمنة"، التي ترجمها ابن المقفع.
ومن بين العشرات، قال "مصطفى" الطالب في المدرسة بالصف الأول، إنه لا يعلم عنه شيئا سوى أنه كاتب ومؤرخ مصري، بحسب ما قاله أستاذ تاريخ في لفتة عابرة عنه، رغم أن المدرسة بها لوحة مُعلقة تعريفية بالشخص على أحد الجدران.
"الفريق عزيز المصري"، "أبو الثوار" الذي ترك بصماته الواضحة على صفحات الجهاد من أجل العروبة والإسلام، شارك بحماسة في تحرير بقاع غالية من الوطن العربي، ونذر كل ساعة من أيامه لمكافحة الدخلاء المستعمرين، وعُين رئيسا لأركان أول جيش عربي في الحجاز، ثم وزيرا للدفاع، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات، التي أوضحت أنه كان الأب الروحي للضباط الأحرار في مصر، حيث عايش بداية الحركة والتمهيد للثورة، وعاصر الأيام الحاسمة قبل قيامها، وبعد أن وضعت أقدامها في الحكم، وكان جمال عبدالناصر وأنور السادات والضباط الأحرار، يستشيرونه في أمور الثورة، وكان مفترض أن يكون هو رئيس الثورة المصرية، إلا أنه رفض ليحل محله اللواء محمد نجيب، لذا أُطلق اسمه على مدرسة ابتدائية.
"علامات الدهشة" بدت على وجوه الصغار، الذين طُرز اسم "الراحل" على ملابسهم، عند السؤال عنه، لكونه "برا المنهج"، ليجيب بعضهم بأنه في الأساس اسمه "فاروق"، لكن "عزيز" اسم شُهرة، وآخرين قالوا إنه توفي في ثورة 25 يناير 2011، ومَن اقترب من الإجابة الصحيحة لم يعرف سوى أنه "كان بيحارب زمان ومات".
ومن الرجال لمعشر النساء، اللواتي سطرن لأنفسهن مكانة خاصة في أحداث التاريخ المتتالية، ومنهن العالمة المصرية سميرة موسى، عالمة الذرة وأول معيدة تتخرج في كلية العلوم، وحصلت على درجة الماجستير في "التواصل الحراري للغازات"، وسافرت إلى لندن لدراسة النشاط الإشعاعي، لتحصل على الدكتوراه في الأشعة السينية بعدها، وتوفيت في ظروف غامضة كما أُشيع.
وزارة التربية والتعليم، أطلقت اسمها على إحدى المدارس، وأضحت مدرسة "سميرة موسى للإعدادية المهنية"، واعتقد طلاب تلك المدرسة، بأنها كانت مديرة بها أو أنها صاحبتها الأصلية، فيما أكد أحدهم أن "ميس سميرة موسى كانت المديرة في سنة 2014"، واكتفت طالبة بأخرى بالقول بأنها "عالمة ذرة".
كل ما سبق من أسماء، ربما تغفل الأذهان عنهم، لإهمال القائمين على التعليم بتوعية الطلاب بأعلام بلادهم، إلا أن الدولة انتهجت نهجًا جديدًا بعد ثورة 30 يونيو، بتغيير أسماء بعض المدارس وإطلاق أسماء شهداء "شرطة" ماتوا حديثًا في أحداث إرهابية مختلفة، ومن المفترض أنهم يسكنون الأذهان، لكونهم حديثي العهد، ومن بين هؤلاء الشهيد العميد عامر عبدالمقصود نائب مأمور قسم شرطة كرداسة، وهو أحد ضحايا مذبحة كرداسة، التي ارتكبها عناصر من "الإخوان" الإرهابية، بعد فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة"، التي مضى عليها 3 أعوام فقط، لذا أُطلق اسمه على إحدى مدارس منطقة الدقي الابتدائية المشتركة، ولم يعلم الطلاب بماهيته إلا طالبين استمدا معلوماتهم عنه بأنه قُتل في قسم كرداسة من أولياء أمورهم.
وبسؤال وزارة التربية والتعليم: "على مَن يقع اللوم؟"، قال بشير حسن المتحدث باسم الوزارة، لـ"الوطن"، إنهم لم يتطرقوا لهذه الفكرة قط، بوضع لوحة تعريفية بـ"العَلم" الذي أُطلق اسمه على المدرسة، وإن كان اللوم الأكبر يقع على عاتق مديري المدارس، مؤكدًا أنهم سيناقشون تلك الفكرة ويضعوها في الاعتبار في الفترة المقبلة.