القائد العسكرى «الموازى» لكتائب عز الدين القسام: دخل السجون الإسرائيلية جثة.. وخرج منها «الشهيد الحى»
بطل مقاوم، مثال حى على تجلى قدرة البارئ فى خلقه، صدق الله فصدقه، بثياب بسيطة يجلس فوق كرسيه المتحرك، تحجز قدماه قطعة قماشية تمنع هبوطها أرضا، غير أن الخيال لا يمنع حدوده، فما حدث معه يمكن أن يروى كأسطورة طبقت على الأرض، «الشهيد الحى» هكذا ينادونه، «صلاح مصطفى عثمان» مجاهد قضى نحب الشهادة، تمكن مع أقرانه من خطف حافلة إسرائيلية قبل 20 سنة، قبل أن يُقبض عليه، أنزل عليه «القدير» غفوة فصار فى غيبوبة تامة لشهرين أفاق خلالها لوهلة ولج اسمه فيها بذكر الرحمن «الله أكبر ولله الحمد» ثم عاد فى إغماءته، ظنته «إسرائيل» جثة فعاد إلى «غزة» حيا يرزق.
1/7/1993 يوم لا يمحى من ذاكرته، صبيحة تنفيذ عملية خطف أتوبيس رقم «25» الذى يقل 100 إسرائيلى من منطقة «التلة الفرنسية» بالقدس، اليوم الذى يقول عنه إنه يوم ميلاده الحقيقى، ارتدى ملابس طالب جامعى وحمل على كتفه حقيبة كتب وضع بها متفجرات ومسدس ووقف إلى جوار الباب الخلفى للأتوبيس يمسك به، وكان برفقته صديقاه «محمد الهندى» الذى ارتدى بذلة أنيقة وحقيبة رجل أعمال تحوى متفجرات، وكذلك كانت بشرة «ماهر أبوسرور» الشقراء سبيله لاحتيال دور جندى روسى من اليهود، علاوة على إجادته العبرية بطلاقة، وكان يحمل فى جعبته رشاشا «إم 60» وست خزنات للذخيرة وكان المسئول عن إشارة البدء، اختاروا وقتا مبكرا بعيدا عن الزحام، كلمات عبرية نطق بها «ماهر» تعنى خطف الحافلة، بمجرد تحرك الأتوبيس من الموقف، حالة هلع وصراخ شديدين غلفت المكان، استرحمتهم امرأة حامل فسمحوا لها بالنزول، كانت سببا فى إبلاغ الشرطة، تهديد للسائق جعله يصطدم بجزيرة فى وسط الشارع؛ أوقفت الأتوبيس فكان قرارهما بتنفيذ العملية، أخرجوا أسلحتهم وبدأت تصفية الركاب وسط قفز الإسرائيليين من النوافذ، ضغط «الهندى» على زر المتفجرات فلم تنفجر، أصيب «عثمان» بشظية فى رأسه، فأفاق منها وهو فى مستشفى بالأراضى المحتلة يقول «الله أكبر ولله الحمد» قبل أن يُنزل عليه الله سكينة غريبة عجز بعدها عن النطق «مكنتش بتكلم.. مش بكيفى.. كأنى أخرس» فى البداية ظن المحققون أنه يستعصى على الحديث فربطوا أقدامه بالكلابشات وهددوه «لو لم تتكلم ستموت فى السجن بالبطىء»، بالفعل نقلوه إلى السجن، هناك دخل فى إغماءة طويلة مرة أخرى، ظل فيها 55 يوما حتى ظن أطباء السجن أنه مات «إكلينيكيا»، فقدمت النيابة العسكرية الإسرائيلية بنفسها التماسا للمحكمة بإرساله إلى غزة بعدما صار عبئا عليهم «لا أتكلم وأشغل سرير ع الفاضى»، وبمجرد أن عاد إلى غزة، مكث شهرا دون نطق حتى قال الكلمة ذاتها «الله أكبر ولله الحمد».[Quote_1]
صلاح عثمان له من الأبناء ثلاثة سماهم بأسماء «ماهر والهندى وشهيد ثالث»، ونذرهم جميعا للاستشهاد: «لولا أن الكتائب لا تسمح بالتطوع لمن لم يكملوا الثانوية لألبستهم ملابس الجهاد بنفسى»، «عثمان» ينادونه بالقائد العسكرى فهو يشارك بشكل فاعل فى دعم المقاتلين فى كتائب عز الدين القسام، الرجل الأربعينى يجول بخاطرة أحداث حرب قريبة يقول إنه يشاهدها رأى العين «الله أكبر ممن يظنون أن النصر بعيد عن أيدينا».