مهام عديدة على عاتق الزعماء العرب بالقمة ٣٣ بالبحرين.. حتى وإن غاب زعماء عدة دول عربية مؤثرة.. وبعضهم من أعضاء مجلس التعاون الخليجى، لكن يبدو جدول أعمال القمة مزدحماً للغاية.
سنؤجل الحديث -هنا- عن فلسطين والعدوان على غزة لنستعرض عدداً من قضايا القمة ربما نوقشت على المستوى الوزارى وسيعتمدها القادة العرب فى القمة، لكن -وبخلاف تقرير الأمين العام عن العمل الاقتصادى والاجتماعى التنموى العربى المشترك وقضايا الأزمات الساخنة فى السودان واليمن وسوريا وليبيا والعراق ولبنان- ستبحث القمة أيضاً -فيما يخص مصر بشكل مباشر- دعم الدكتور خالد العنانى مرشح مصر لمنصب مدير عام منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) ومعه دعم ترشح جمهورية الصومال الفيدرالية لمقعد غير دائم بمجلس الأمن فى العام القادم.
وكذلك ترشح محمود يوسف مرشح جمهورية جيبوتى لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى وترشيح النائبة فوزية يوسف آدم مرشح جمهورية الصومال لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى.. وستناقش القمة عدداً من الموضوعات المدونة فى السنوات الأخيرة على جدول أعمال القمم العربية، مثل قضايا المناخ العالمية والاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان والاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب وصيانة الأمن القومى العربى.
ويتضمن جدول القمة الاحتفاء بيوم شهيد الصحة وتجارب المملكة العربية السعودية الشقيقة فى القطاع الصحى.. وأيضاً الاستراتيجية العربية للأمن المائى فى مواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية وأيضاً الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن للخمس سنوات المقبلة والاستراتيجية العربية للتدريب والتعليم التقنى والمهنى.. وقضايا أخرى عديدة.. لكن ورغم كل ذلك تحتل -كما نتابع- بالضرورة القضية الفلسطينية المساحة الأكبر من القمة ومن كلمات الزعماء العرب.
وتستحق هذا الاهتمام ليس لأنها قضية العرب الأولى أو قضيتهم المركزية فحسب، لكن أيضاً لأنها تحولت إلى قضية إنسانية عالمية يغضب من أجلها الكوكب كله ويتفجر هذا الغضب فى كل مكان بالعالم، لكن جديده فى الجامعات الغربية التى تشهد هذا التحول لأول مرة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى بما ينبئ بتحول كبير فى ترتيب الصراع على جدول أعمال الشعوب الغربية فى السنوات المقبلة ورؤيتهم له متمردة هذه المرة على الرؤية التى فرضها اللوبى اليهودى والإعلام الصهيونى على جميع دول الغرب وأولها الولايات المتحدة!
كل ذلك مع المأساة الإنسانية الحقيقية والمؤلمة التى يعانى منها الشعب الفلسطينى الشقيق والتى بلغت فى البؤس والألم والوجع وأرقام الضحايا حداً غير مسبوق فى التاريخ، بل تظل هى المذبحة البشرية الوحيدة المسجلة بالصوت والصورة ويشاهدها العالم على الهواء مباشرة منذ بداية التاريخ، مروراً بهولاكو والأرمن والهنود الحمر وصولاً إلى غزة!
ونقول: كل ذلك يدعو وبقوة إلى تحمُّل القمة لمسئولياتها تجاه الأزمة الأكبر فى تاريخ القمم العربية ربما منذ حرب يونيو ١٩٦٧ وحريق المسجد الأقصى عام ١٩٦٩، لكنها فى حجم الخسائر البشرية هى الأكبر على الإطلاق! ولذلك لن يقبل الرأى العام العربى إلا بما يتجاوب على الأقل مع الحد الأدنى من مطالب الشعب العربى الواحد الذى تتوحد رؤيته.
ولن يقبل إلا بموقف واحد موحد من العدوان يستطيع تحقيق التوازن مع الفيتو الأمريكى والموقف الغربى كله المنحاز لإسرائيل، خاصة أن التجارب تؤكد أن العرب ينجحون عند توحيد كلمتهم فى فرض إرادتهم على الجميع.. أقوى مثال على ذلك فى حرب أكتوبر، ولكن أيضاً فى الأمثلة القريبة من الأزمة الحالية مثلما جرى فى التصويت الذى جرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وحاز على أغلبية كاسحة فى الأمم المتحدة، وكذلك لمنع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حيث حصلت الدول العربية بتوحدها على أغلبية قريبة من الأغلبية الأخيرة رغم إعلان الولايات المتحدة عن غضبها فى الثانية ورفضها للأولى!
الخلاصة: مصر التى فى المواجهة المباشرة مع العدو سيكون لها كلمتها ودورها، وقد لعبته ليس فقط فى دعم غزة سياسياً وإنسانياً، ولا فى المواقف السابقة المشار إليها، لكن مصر أيضاً تحتاج إلى دعم رؤيتها من الأشقاء وهى تخوض حرباً دبلوماسية كبيرة تتصدى فيها لأكاذيب إسرائيل وافتراءاتها، ولكنها وهى ترد على ذلك وتفضحه تواصل دعم الأشقاء وإدخال المساعدات، وفى الوقت نفسه تواصل طرح المبادرات والقيام بأدوار الوساطة إنقاذاً لأرواح الأبرياء من الشعب الشقيق وقبل كل ذلك تبقى على جاهزية كبيرة جداً لحماية أمنها وحدودها ولأى طارئ قد يستجد.. هذه الجهود تحتاج إلى الدعم والمساندة فى القمة، إذ إنها ليست دعماً لمصر، لكنها فى الحقيقة دعم لفلسطين وشعبها وللقضايا العربية وللأمن العربى كله!