أوائل الأسبوع الماضى نشرت وكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية خبراً مصحوباً بتحليل مضمون، وقالت نصاً: («القاهرة» حذرت الجانبين الإسرائيلى والحمساوى وقالت لهما: نحن فى مُفترق طُرق، وهذا ليس وقت استخدام ما تملكونه من أوراق ضغط لتقوية مواقفكما فى المفاوضات الجارية لأننا نعلم حقيقة ما يدور فى إسرائيل وأوضاعها وحقيقة ما يدور فى قطاع غزة وأوضاعه).
الثابت هنا أن «القاهرة» كانت تعمل فى وساطتها لإتمام الهُدنة على ضرورة تحمل الطرفين مسئولياتهما تجاه ما يحدث وتضغط عليهما لإتمام الهُدنة وتُذكرهما بأن الوضع الداخلى الإسرائيلى الراهن مُتقبل للهُدنة والوضع الداخلى فى قطاع غزة يقول: هذا وقت الهُدنة.
لم يمُر الأسبوع الماضى إلا وكانت جميع وكالات الأنباء الأمريكية، ومنها «وكالة أسوشيتدبرس»، تقول: «القاهرة» قدّمت تحذيراً شديد اللهجة لـ«تل أبيب» من التمادى فى الدخول لـ(رفح) وطلبت تفسيراً حول ما يحدث من اعتداءات إسرائيلية على رفح الفلسطينية وتحديداً فى شرق رفح.
ولم يمُر (٧٢) ساعة حتى نشرت وكالات الأنباء الأمريكية خبراً يقول: «القاهرة» تُهدد «تل أبيب» وتعترض على ممارسات إسرائيل فى رفح.ونشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية خبراً فى صدر صفحاتها يقول: إن مسئولين مصريين أبلغوا «وليام بيرنز»، مدير المخابرات الأمريكية، بوجوب ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطاً جدية على «إسرائيل» من أجل وقف عملياتها العسكرية فى رفح، ليس هذا فقط، بل والعودة إلى المفاوضات الجادة وإلا فإن «القاهرة» ستعمل على التفكير الجدى فى إعادة النظر فى إلغاء «اتفاقية كامب ديفيد».
ونشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تحليلاً مُهماً يقول: إن هناك تصعيداً فى اللهجة الإعلامية المصرية، ويصل هذا التصعيد إلى المطالبة بإلغاء الاتفاقية، الأمر الذى دفع كبار المسئولين الإسرائيليين إلى الاتصال بنظرائهم المصريين من أجل معرفة طبيعة هذه المطالب وحجمها ونطاقها.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أنه للمرة الأولى منذ بداية الحرب على قطاع غزة تطلب «القاهرة» من سائقى شاحنات الإغاثة إخلاء منطقة معبر رفح من الجانب المصرى مع مواصلة تعزيز الإجراءات الأمنية هناك، الأمر الذى يمكن تفسيره بأن هناك مخاوف من حدوث تدهور أمنى فى المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل.
وأضافت صحيفة «معاريف»: قبل أيام حذرت «القاهرة» فى بيان رسمى صادر عن وزارة الخارجية من أى عملية عسكرية فى رفح واعتبرت ذلك تصعيداً خطيراً يُهدد حياة أكثر من (١٫٤) مليون فلسطينى، وطالبت بتجنُب التصعيد فى هذا التوقيت بالغ الحساسية.
ودعت «القاهرة» إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية ذات التأثير بعيد المدى والتى من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة.
على ما يبدو فإن تنامى لهجة «القاهرة» فى التعامل مع التجاوزات الإسرائيلية -فى قطاع غزة عامة ورفح خاصة- بمثابة (إظهار العين الحمرا) بعد التحذيرات التى تتصاعد مع مرور الوقت والتى وصلت -بالفعل- لكل من تل أبيب وواشنطن، «القاهرة» بدورها لديها تقديرات موقف محسوبة بدقة شديدة، ومحددات أمنها القومى لا تقبل المساومة ولا تقبل التهاون، خاصة أن هناك رفضاً دولياً لما ترتكبه إسرائيل من مجازر فى غزة، وهناك مخاطر من تحوُّل ذلك لكارثة إنسانية تتفاقم أكثر وأكثر مع مرور الوقت.