فى العلوم السياسية يقولون: هناك ألعاب ممكن أن نلعبها معاً، يلعبها اثنان، يلعبها أربعة، ويقع تأثيرها على مَن يلعبها، وفى كلتا الحالتين ممكن أن تؤثر على جميع أوراق اللعبة.. هذا بالضبط ما يحدث فى «لعبة الدومينو» التى يلعبها اثنان وجهاً لوجه، ومن الممكن أن يلعبها أربعة بحيث يكون كل اثنين معاً يُشكلان فريقاً ضد الاثنين الآخرين، وفيها كل اثنين من حقهما أن يريا أوراق بعضهما للتنسيق فى اللعبة ضد الاثنين الآخرين.. «لعبة الدومينو» ذكية جداً وتحتاج لقدر كبير من الذكاء والتنسيق مع من يلعب معك ضد الفريق الآخر وتختلف عن أى لعبة أخرى، فإذا وضعنا جميع «قطع الدومينو» معاً فى وضع أُفقى مُنسق وسقطت قطعة فإنها -بطبيعة الحال- ستؤثر على جميع «قطع الدومينو» وستُسقطها جميعاً.. ولهذا سُميت بـ«نظرية الدومينو».
هذا بالضبط ما يحدث فى الشرق الأوسط.. مواجهة بين طرفين «إسرائيل وحماس» يلعبان معاً، وهما بذلك مثل (قطعتى دومينو).. تقوم أمريكا بمساعدة إسرائيل والانضمام لها وإعطائها مساعدات عسكرية بلا عدد وتقوم بتقديم مساعدات مالية بلا حساب، فى المقابل تقوم ميليشيات مُسلحة موجودة فى أربع دول عربية «سوريا والعراق ولبنان واليمن» بمعاونة حركة حماس ولعب دور فى المواجهة وإشغال إسرائيل فى أكثر من موقع ومكان.. وبالتالى نحن أمام (أربع قطع دومينو).
وإذا قُمنا بوضع قطع الدومينو بجوار بعضها فى وضع أفقى مُنسق وسقطت قطعة ستُسقطها جميعاً.. بمعنى: إذا تأثرت قوة من القوى المتصارعة ستؤثر على القوى بأكملها، وقتها سيشتعل الموقف فى العالم، وهذا يتم تفسيره باتساع دائرة الصراع ليس فى منطقة الشرق الأوسط فقط، بل سيمتد تأثيرها على جميع دول العالم، وهذا ما نُحذر منه جميعاً.
لا بد أن يعرف جميع أطراف الصراع أن أى زيادة فى المواجهات فى الشرق الأوسط تؤثر على العالم بأسره، أى زيادة فى التوتر ستزيد من التوتر عالمياً، ولا بد أن يُدركوا أن الحل الوحيد هو (الحل السياسى) ولا شىء غيره وإلا ستزيد حدة الصراع وتنتشر آثاره ليصل لأقصى مدى وسيجلب الدمار والخراب على دول المنطقة ولن تنجو دولة من هذا الصراع الذى سيمتد ليشمل دولاً أخرى أكثر تأثيراً وأكثر قوة لتصبح حرباً شعواء لا تُبقى ولا تذر.
لا بد من العودة إلى مائدة المفاوضات، التفاوض حول جميع البنود شىء ضرورى، فقد تم عقد عدد من الجلسات فى باريس والدوحة والقاهرة بحضور الجانب الأمريكى والإسرائيلى والقطرى والحمساوى والمصرى، مفاوضات تم خلالها إنجاز الكثير والكثير، والتوافق حول أكثر من (٩٠٪) من الاتفاق المُزمع الموافقة عليه، لكن الرتوش النهائية عليها خلاف، وهذا شىء طبيعى فى أى تفاوض، خاصة إذا كان تفاوضاً فى ظل نشوب مواجهات مباشرة ما زالت مستمرة ويتساقط فيها ضحايا، طرفى الصراع، بالطبع سيخسران ولن ينتصر أى منهما، حتى من سينتصر فيهما هو خاسر بالثُلُث ومهزوم بالثُلُث، لأنه انتصر بعد أن فَقَد ضحايا وتأثر اقتصادياً وفَقَد مليارات الدولارات وسيظل مُتأثراً لسنوات طويلة قادمة وقد غاب عنه الاستقرار، والأهم: أنه لم يُحقق شيئاً من وراء هذه الحرب.