- ٢ يوليو ٢٠١٣م الساعة ٧ مساء
فى لحظات حاسمة من التاريخ، وسط حرارة صيف ساخن، لم تكن حرارة الطقس وحدها فى ذلك الوقت، ولكن لنيران الغضب فى صدور الشعب المصرى ضد إرهاب حكم جماعة الإخوان، كانت القوات المسلحة المصرية أمهلت الجميع ٤٨ ساعة قبل أن تتخذ موقفها بإعلان خارطة طريق للمستقبل، تنتهى تلك المهلة مساء ٣ يوليو ٢٠١٣م، فى تلك الليلة، وفى السابعة من مساء ٢ يوليو، كنت قد تركت بيتى قبلها بنحو شهر، تحت التهديدات بالقتل التى وصلتنى وزملائى من مؤسسى حركة تمرد، واتخذت مع زميلىّ محمود بدر وحسن شاهين مكاناً للإقامة لا يعلمه إلا ثلاثتنا، وعدد محدود لا يتجاوز ثلاثة آخرين، بعد انتهاء متابعتنا لمسار الأيام السابقة، ٣٠ يونيو و١ و٢ يوليو، كان يراودنا شعور بعدم الارتياح، فقد يتسرب القلق لنفوس ملايين الشعب المصرى المحتشدة فى الميادين، تهتف بقلب رجل واحد كطوفان بشرى هادر: «يسقط يسقط حكم المرشد»، قلت لحظتها بحسم: لا بد من عقد مؤتمر صحفى صباح الغد، رسالته واحدة وحيدة: «لا تقلقوا فالنصر حليفنا»، رسالته لعموم المصريين أننا لن نيأس أو نستسلم لإرهاب جماعات الظلام، فقد اشتد التهديد والوعيد، وترهيبنا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وعلى طريقة قول أحدهم: «واللى هيرش مرسى بالميّه هنرشه بالدم»، وكانت المشكلة أين ينعقد هذا المؤتمر الذى سيتحدى جميع متطرفى الإرهاب فى لحظة ملتهبة مشحونة؟! أمسكت بهاتفى وتواصلت فوراً مع الأستاذ محمود مسلم، وكان وقتها مدير تحرير جريدة «الوطن»، وكنت أستشيره فى عقد المؤتمر فى نقابة الصحفيين مثلاً أو أى مكان يقترحه علينا، فقال حاسماً: «اتفضلوا.. جريدة الوطن بيتكم، المؤتمر سينعقد فى الوطن».. سألته ولو جاء الإخوان يعتدون على الجريدة؟ رد حاسماً: سنعقده فى الشارع.. فى انتظاركم غداً الساعة ١١ صباحاً.
- ٣ يوليو ٢٠١٣م الساعة ١١ صباحاً
استقبلنا الأستاذ محمود مسلم والأستاذ مجدى الجلاد فى مكتب الأخير، وقد كان رئيساً للتحرير فى ذلك الوقت، كنا قد حددنا موعد المؤتمر فى الساعة ١٢ ظهراً، واتفقنا أن نتناول القهوة صباحاً فى مكتب الأستاذ مجدى الجلاد للتشاور فى المشهد السياسى وما يجرى على الأرض من أحداث تاريخية، وكان الرأى الحاسم أن القوات المسلحة بيت الوطنية المصرية، وأنه لا حل إلا بتدخل القوات المسلحة انحيازاً للإرادة الوطنية، نعلم جميعاً انضباط الجيش المصرى عبر تاريخه، لكننا نعلم أيضاً أن الجيش المصرى دائماً يقف فى صف إرادة الشعب، وقد بدت إرادة الشعب جلية واضحة لا ريب فيها منذ ٣٠ يونيو، فلا مجال لأى تأويل أو تفسير، وسط كل تلك النقاشات، تستمر الهواتف المحمولة فى الرنين، لم نكن ندرك أن من ضمن الاتصالات سيكون هناك اتصال تاريخى سيغير المعادلة كلها، بل سيغير التاريخ.
كان الاتصال من الأمانة العامة لوزارة الدفاع، يطلب حضور محمود بدر ومحمد عبدالعزيز اجتماعاً مهماً مع القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وتم تحديد موعد الاجتماع ليكون الساعة ٢ ظهراً، وعلى ذلك وقفنا فى المؤتمر الصحفى الذى عقدناه فى جريدة «الوطن» نؤكد أنه لا بديل عن تنفيذ إرادة الشعب، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ورفض استمرار هذا التنظيم الإرهابى فى السلطة، دون أن نشير من قريب أو من بعيد إلى أننا بعد انتهاء المؤتمر مباشرة سنتحرك إلى اجتماع تاريخى، سيبقى يذكره التاريخ.
- ٢٩ أبريل ٢٠١٢
صدر العدد الأول لـ«الوطن» فى ٢٩ أبريل ٢٠١٢م، وفى مشهد سياسى شديد التعقيد، وسط صراع سياسى بلغ أشده؛ بين ثورة مغدورة، وجماعة إرهاب تريد أن تسيطر على كل مقدرات الدولة، وتستعد وسط ضعف من جميع القوى السياسية أن تقفز إلى الحكم، لتحقق حلم التمكين الذى خططت له منذ ٨٠ عاماً، وهنا جاءت جريدة «الوطن» واضحة فى انحيازها، انحيازاً للوطن، وللمواطن، تقاوم بكل صلابة الأفكار الظلامية، وتنير طريق الإصلاح، وتكشف بكل قوة مخططات الإرهاب، انحازت للحراك الوطنى ضد حكم الإخوان على مدار سنة حكمهم السوداء، وكانت من أشد الصحف تأييداً للحملة.