انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ يومين بفتاة الفستان . شابة جامعية أوقفت على باب كليتها ومنعت من الدخول . تطور الأمر ووصل إلى وكيلة الكلية التي استدعت الطالبة وسمحت لها بدخول السيمنار الخاص بها . التفاصيل غير محددة تماما فيما نشر من أخبار أو على التواصل الاجتماعي . لكن أتناول هنا بعض المبادئ والسلوكيات في هذا الشأن .
إن سلوك الطالبة لا يمكن إدانته لأن ما نشر من صور لا يكشف عن منطقة الظهر التي قيل في مبررات وكيلة الكلية إنها كانت عارية، كما أن الجامعة وهي مكان له وقاره ليس من المناسب حضوره بملابس غير لائقة –هذا إن كانت غير لائقة بالفعل- . منذ عقود صار المشهد الاجتماعي في مصر مرتبكا وتنوعت وتعددت ملابس الرجال والنساء وصار هناك النقاب والحجاب والبوركيني وغير ذلك مما يثير لغطا بين الحين ومناقشات بشأن ما وصلت إليه ملابس النساء خاصة وصارت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بمقارنات من خلال صور بين ملابس طلاب وطالبات الجامعة زمان والآن . تنشر الصور للطلاب مرتدين البدلة كاملة برابطة العنق وتنشر صور الطالبات بالفساتين الأنيقة الوقورة ولم يكن هناك من ينتقد ذلك أو يرفض دخول الجامعة بهذه الصورة رغم الفرق الزمني الكبير بين الماضي والحاضر.
إننا في بلادنا العربية والإسلامية نهاجم بشدة دولا أوروبية لأنها تمنع المسلمات من ارتداء الحجاب رغم أن تلك قوانينهم وكأننا نطالبهم بتطبيق تقاليدنا وأعرافنا في بلادهم وأنا شخصيا أرفض إلزام دولة ما أو مجتمع ما بارتداء هذا الزي أو ذاك. وهنا في مصر حيث الحضارة والثقافة وعمق التاريخ يتدخل البعض لفرض زي ما على الناس أو يتدخل لفرض سلوك ما باعتباره فضيلة يجب على الجميع الالتزام بها وكأنه وصي على الناس.
على الجامعة أن تضع نوعا من الإرشاد للطلاب لكي يتبعوه في ملابسهم وسلوكهم، فالغريب أن الطالبة في كلية السياحة التي تتعامل مع سياح يكادون لا يرتدون ملابس وهي كلية الفنادق التي لا حواجز بين الناس فيها سواء من العاملين أو من النزلاء. إن هناك فرقا بين الجامع والجامعة، في الجامع لا يجوز لشخص أن يرتدي إلا ما يتناسب مع وقار المكان، أما في الجامعة فالمسألة تحتمل أكثر من وجهة نظر.
أرفض أن يتدخل أحد ليختار لآخر أو يلزمه بملابس أو سلوك معين، فالوصاية هنا مرفوضة بحكم حقوق الإنسان وبحكم الدستور وبحكم حرية الإنسان نفسه طالما أنه لا يضر بالآخرين. ليتنا نراجع ما اعتنقناه في فترة وفدت إلينا فيها تيارات متشددة من بلاد كانت متشددة وانفتحت هي نفسها.