72 ساعة مرت على صدور قرار مجلس الأمن بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة والذى جاء بتأييد كل الأعضاء عدا الولايات المتحدة الأمريكية التى يحسب لها أنها لم تستخدم «حق الفيتو» لتعطل صدور القرار مثل كل مرة واكتفت فقط بالامتناع عن التصويت!
صدر القرار المنتظر منذ 6 شهور ورغم ذلك لم توقف إسرائيل الحرب ولم يتم إسكات صوت البنادق ولا تزال الآلة العسكرية الإسرائيلية تحصد أرواح الفلسطينيين وتواصل مهمتها القذرة فى أبشع حرب إبادة عرفتها البشرية ليضرب الجميع كفاً بكف ويقولون فى حسرة: يا فرحة ما تمت خدها الغراب نتنياهو وطار!
يوم الاثنين الماضى استبشرنا خيراً عند صدور القرار وقلنا أخيراً بعد 170 يوماً من المجازر التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين ينجح مجلس الأمن الدولى بعد 4 إخفاقات فى تبنى قرار بوقف فورى لإطلاق النار فى غزة والإفراج الفورى وغير المشروط عن الرهائن
.. القرار جاء بالأغلبية الساحقة بإجماع جميع الدول الأعضاء بمجلس الأمن «14 دولة» مقابل امتناع دولة واحدة هى الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت فى تطور خطير يحفظ ماء وجهها أمام العالم بعدما استمرت فى التغريد خارج السرب طوال الستة شهور الماضية وعطلت كل المحاولات السابقة لإيقاف المجازر باستخدامها «الفيتو اللعين»!
لكنها لم تستخدمه هذه المرة واكتفت فقط بالامتناع عن التصويت لتسمح بتمرير قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار رغم تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلى النتنياهو.
القرار لاقى ترحيباً وارتياحاً من معظم دول العالم والمنظمات الدولية لأنه أفلت من عقبة الفيتو حتى وإن كان مرتبطاً زمنياً بشهر رمضان فقط بينما أحدث أزمة حقيقية بين إسرائيل وأمريكا.. جن جنون نتنياهو وأعضاء حكومته واتهموا الأمم المتحدة بمعاداة السامية وغضبت إسرائيل وأخذت على خاطرها من ماما أمريكا الدولة التى ترعاها وتساندها بكل ما أوتيت من قوة على مدى التاريخ وهذه أول سابقة لأمريكا لم تستخدم الفيتو ضد قرار ليس فى صالح ابنتها المدللة إسرائيل!
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نسى أن منظمته «الأمم المتحدة» مكسورة الجناح وأنها لا تملك من أمر نفسها شىء وأن تنفيذ قراراتها مرتبط برغبة ساكن البيت الأبيض.. فرد عضلاته وقال إنه ينبغى تنفيذ هذا القرار فوراً لأن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر ورد عليه نتنياهو بالشتائم والسخرية واتهمه ومنظمته بأنهم معادون للسامية وأقسم نتنياهو برأس أبيه أنه لن يوقف الحرب بل هدد أمريكا نفسها وقرر معاقبتها على عدم استخدامها الفيتو لتعطيل صدور القرار وألغى زيارة وفد إسرائيلى رفيع المستوى لواشنطن.
التساؤل الذى فرض نفسه خلال الساعات الماضية هل يكون قرار مجلس الأمن ملزماً لإسرائيل بوقف إطلاق النار فى غزة؟ وهل صدر القرار بالتنسيق مع إسرائيل أم أن أمريكا حاولت هذه المرة أن تمسك العصا من النصف لحفظ ماء وجهها عالمياً؟
وجاءت الاجابة من رجال القانون الدولى لتؤكد أن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ملزمة فى كل الأحيان لكن هذا القرار جاء بدون تدابير تنفيذية لأنه صدر بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة وليس بناء على الفصل السابع ولم يتم الإشارة فيه إلى مسألة تهديد الأمن والسلم الدوليين مما كان يسمح للدول الأعضاء باتخاذ تدابير لضمان تنفيذه
لكن فى كل الأحوال يعد قرار مجلس الأمن نقطة تحول مهمة جداً يمكن البناء عليها.. فإسرائيل باتت فى موقف محرج فى حال عدم تنفيذ القرار لأن ذلك قد يعرضها لعقوبات من بعض الدول لكن ليست عقوبات من مجلس الأمن أو تدابير عسكرية.
أيضاً ظهرت إسرائيل لأول مرة بدون غطاء سياسى فى مجلس الأمن واتخذت أمريكا خطوة تعد بمثابة «بطاقة صفراء» أشهرتها فى وجه حكومة نتنياهو.. هذه البطاقة الصفراء لا يرجح أن تعقبها بالضرورة بطاقة حمراء لأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية رغم التوترات الأخيرة أعمق من شخوص نتنياهو وبايدن والثوابت لا تتأثر بالمتغيرات.
الكثيرون يطالبون مجلس الأمن بتطبيق المادة 41 بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والتى تنص على استخدام القوة العسكرية لردع الدولة المعتدية لأنها تهدد السلم والأمن الدوليين وفرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية عليها فى حالة عدم الالتزام بتطبيق القرار حتى لا يكفر العالم بمجلس الأمن وقراراته العرجاء وبمحكمة العدل وتوصياتها العمياء.. وإنا لمنتظرون!